علي العامري: الأشجار المهجورة تُذكّرني بتهجير أهلي من بيسان
تاريخ النشر : 2021-01-27 08:28

الشارقة- نتالي حنظل*:

قال الشاعر علي العامري إن "الأشجار المهجورة التي بقيت صامدة بعد هدم البيوت القديمة، تُذكّرني بأشجار أهلي في قرية زبعة الفلسطينية في بيسان، والتي هُجِّرنا منها قسريّاً عام 1948". وتحدث عن أبرز العلامات في الحياة الأدبية والفنية في مدينة الشارقة وأماكنها، وإيقاعاتها ونبضها الثقافي، في حوار عن "المدينة والكاتب" أجرته معه الشاعرة الحائزة على جوائز عالمية، ناتالي حنظل، لمجلة "كلمات بلا حدود" الدولية.

وتناولت المجلة الأدبية "كلمات بلا حدود" في عددها الصادر في كانون الثاني/ يناير 2021، جوانب من الثقافة في الشارقة وأماكنها وفعالياتها وأبرز مؤلفيها، وفي مقدمتهم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، منوّهة بمؤلفات سموه "سيرة مدينة"، و"بيبي فاطمة وأبناء الملك"، و"رسالة إلى أهل المسرح". كما أشارت المجلة التي تصدر في نيويورك، إلى أبرز المواقع الثقافية في مدينة الشارقة، وعلى رأسها أيقونة المعالم "بيت الحكمة"، فضلاً عن بيت الشعر والمقهى الأدبي ومقر اتحاد كتّاب الإمارات، ومقر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب.

وعن اسم الشارقة، قال علي العامري في الحوار "تعود تسمية المدينة إلى موقعها في أقصى شرق الإمارات، إذ يرتبط اسمها بشروق الشمس. وتشير تنقيبات أثرية إلى وجود حضارة قديمة فيها تعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد"، مضيفاً أن الدراسات الميدانية في مواقع الشارقة "تؤكد انتشار الكتابة باللغة الآرامية، وكذلك الكتابة العربية الجنوبية القديمة بخط المُسند".

وردّاً عن سؤال عن نبض الشارقة، قال "لديّ ارتباط وثيق بإيقاع المدينة ونبضها، إذ تشكّل إيقاعات البحر والصحراء والحياة الحضرية، تنوّعاً في الحياة والثقافة"، مشيراً إلى عدد من مهرجانات الشارقة وفعالياتها، ومن بينها معرض الشارقة الدولي للكتاب، وبينالي الشارقة للفنون، ومهرجان الشارقة القرائي للطفل، وأيام الشارقة المسرحية، وأيام الشارقة التراثية، ومهرجان الشارقة للشعر العربي.

وحول امتدادات الأمكنة في الشارقة، تحدّث مؤلف ديوان "خيط مسحور" عن منطقة مليحة التي تقع شرق مدينة الشارقة، بقوله إنها "مكان تتعانق فيه العصور، إذ يلتقي الجبل بالسهل والوادي. وتبدو التلال والجبال كأنّها منحوتات تصعد من الكثبان الرملية، من بينها جبل الأحافير"، موضحاً أن المنطقة تضم مركزاً للآثار يسجّل التسلسل الزمني وقصصاً تعود إلى 7000 عام من الحياة.

وأجاب علي العامري عن سؤال حول المواقع التي لا يلاحظها كثير من سكّان الشارقة وزوّارها، قائلاً إن أبرز تلك المواقع يتمثل في "الآبار القديمة الموجودة على ممرات قوافل الإبل في الصحراء، والتي يعود بعضها إلى 400 عام، ولا تزال تحتفظ بأسمائها القديمة"، مشيراً إلى أن "عرّاف الماء" كان يستخدم "طريقة العصا" التقليدية ليستدلّ على المياه الجوفية، ويُحدّد مواقع حفر الآبار. وتابع "تعدّ مقبرة الجبيل من المواقع التي لا يلاحظها كثير من الناس، فهي متوارية خلف سوق الطيور، كأن الموت يتخفّى على وقع تغريد الطيور".

وعن قصائده المستوحاة من أماكن الشارقة، ذكر صاحب "كسوف أبيض" أنه كتب قصائد عن القصباء، كما أن قصيدته "حجر الحدس" مستوحاة من بحر الشارقة، إذ "كنت أجلس على مقعد حجري قبالة الخليج العربي، بينما الأمواج تُدوّن إيقاعاتها الزرقاء".

أما عن سؤال حول ذكريات حزينة، قال علي العامري إن تلك الذكريات "تمثّلت بوفاة أصدقاء وشعراء وروائيين وفنانين تشكيليين عاشوا في الشارقة".

كما تناول الحوار مناطق القصباء التي توصف بأنها "فينيسيا الشارقة"، وبحيرة خالد، وبحيرة الخان، وقلب الشارقة، والبيوت المبنية بالحجارة المرجانيّة، ومراسم الفنانين، والأسواق الشعبيّة للتوابل والحنّاء والصمغ العربي والأقمشة والأواني الفخارية.

يذكر أن علي العامري شاعر من عائلة فلسطينية مهجّرة من بيسان عام 1948، يعمل مدير تحرير لمجلة "الناشر الأسبوعي" التي تصدرها هيئة الشارقة للكتاب. صدرت له أربعة كتب، منها ثلاث مجموعات شعرية. وشارك في مهرجانات وقراءات شعرية عربية ودولية، في فلسطين والأردن والإمارات واليمن والعراق وتونس وسورية وفرنسا وإسبانيا وكوستاريكا ومقدونيا وكوسوفو. كما شارك في ملتقيات "عن بُعد" أقيمت في إيطاليا ومقدونيا وأذربيجان وبوليفيا. تُرجمت له قصائد إلى ثماني لغات، هي الفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية والإنجليزية والمقدونية والألبانية والأذربيجانية.

أما ناتالي حنظل، فهي شاعرة ورحّالة أستاذة في جامعة كولومبيا، من عائلة فلسطينية مهاجرة من مدينة بيت لحم في نهاية القرن التاسع عشر. نشأت في أميركا اللاتينية وفرنسا والمنطقة العربية، وتلقت تعليمها في آسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. تشرف على باب "المدينة والكاتب" في مجلة "كلمات بلا حدود"، وتكتب زاوية "رحلات" في مجلة "الناشر الأسبوعي". حصلت على جائزة مينادا للأدب، والميدالية الذهبية في جائزة كتاب الناشر المستقل، وجوائز من مؤسسة لانان، ومركز الأندلس للحروف، ومؤسسة البندقية، ونادي القلم في كرواتيا، وجائزة الكتاب الفلسطيني. وتُرجمت كتب ناتالي حنظل في الشعر والمسرح إلى أكثر من 16 لغة.

تُعدّ مجلة "كلمات بلا حدود" (ووردز وذآوت بوردرز) من أبرز المجلات الأدبية العالمية، أسستها ألين ساليرنو ماسون في نيويورك، عام 2003. وتعمل المجلة على تعزيز التفاهم الثقافي، وهي مفتوحة للتبادل الدولي من خلال الترجمة والنشر والتعريف بمؤلفين من مختلف دول العالم.

_______________

* نقلًا عن مجلة كلمات بلا حدود الأدبية