الأسرى وكورونا... تطعيم "يضع الأيدي على القلوب"
تاريخ النشر : 2021-01-20 11:08

غزة:

لا شيء يدمي القلب أكثر من تحكّم احتلال بحياتك، فما بالك بالنسبة للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذي يواجهون خطر الإصابة بفيروس كورونا في زنازين رطبة غير صحية، بينما يتجاهل الاحتلال تمامًا سبل الوقاية.

صباح اليوم 20 يناير أعلن نادي الأسير إصابة 15 أسيرًا فلسطينيًا من سجن ريمون بفيروس كورونا، ليرتفع عدد الأسرى الذين أصيبوا إلى 265، بينهم الشهيد كمال أبو وعر، وبينما تجاهل الاحتلال المطالبات الحقوقية بتوفير الحماية للأسرى، إلا أنه زاد على ذلك بحرمانهم من التطعيم رغم أنه كان من الدول السبّاقة عالميًا في توفير اللقاح.

واقعٌ، أكدته السيدة إخلاص الصوص زوجة الأسير الفلسطيني عباس السيد أحد أسرى سجن جلبوع، والذي أصيب خلال العام الماضي بالفيروس، تقول :"كان هناك تقصير واضح من مصلحة السجون وممالطة في فحص الأسرى رغم ظهور أعراض الإصابة على بعضهم".

اقرأ/ي أيضًا:الأسرى 2020م.. و"زائرٌ ثقيلٌ" يقتحم الزنازين الرطبة

وتضيف إن الاكتظاظ في الأقسام وضيق الغرف وافتقارها للتهوية والشمس، إضافة إلى شحّ المواد الحمضيات والمواد الغذائية التي تعزز المناعة، من شأنه زيادة معاناة الأسرى خاصة المرضى منهم، فالاحتلال غير معنيّ بالحد من انتشار الإصابات بين الأسرى، بدليل عدم توفيره للمعقمات رغم أن الأسرى يشتروها على نفقتهم، والمماطلة في نقل المصابين إلى مراكز حجر.

بعد طول مناشدات وضغوط من مؤسسات حقوق إنسان محلية ودولية، رضخت مصلحة السجون ووافقت على تطعيم الأسرى وبدأت بثلاثة منهم وفق بيان لنادي الأسير، لكن المطلب الأهم الآن هو أن تشرف لجنة طبية محايدة على هذه التعطيمات للتأكد من توفاق اللقاح مع المعايير الدولية.

"وحتى مع هذا الإعلان من الاحتلال، يبقى المطلوب الآن ضرورة وجود وفد طبي محايط للإشراف على عملية التطعيم"، يقول رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، فالتطعيم عملية مهمة ودقيقة للأسرى، ونريد إن تتم بطريقة متناسبة مع المعايير الدولية وضمان عدم إذلالهم واتخاذهم كحقول تجارب.

وأردف فروانة، أن إدارة السجون من البداية لم تظهر أي اهتمام بحماية الأسرى من الإصابة ولم تتخذ أي إجراءات تضمن عدم نقل العدوى، ولم توفر أي أدوات تعقيم، أو حتى تراعي النظام الغذائي للأسرى المرضى.

ووصف فروانة الإجراءات التي اتخذها الاحتلال بإعلانه نية توفير اللقاح، وتطعيم ثلاثة أسرى بأنها شكلية ومحدودة، فهي جاءت بعد ضغوط مورس عليهم عبر المؤسسات الحقوقية والإعلام، وجاءت للتحايل على القانون الدولي وذر للرماد في العيون وإسكات الأصوات المنادية بحماية الأسرى، بدليل ما نشهده حتى الآن من إهمال، خاصة مع إصابة أسرى جدد.

يوافقه الرأي المتحدث الإعلامي لمركز أسرى فلسطين رياض الأشقر، ويرى إن الاحتلال لم يرضخ بإعلانه توفير اللقاح إلا بسبب الضغوط التي مورست خلال الفترة الماضية، وقد بدأ فعليًا بتطعيم طواقم السجّانون العاملة في السجون.

اقرأ/ي أيضًا:الإهمال الطبي بحق الأسرى جريمة الاحتلال الكاملة

إلا أن الاحتلال رغم ذلك لم يبدأ بخطوات عملية نحو تطعيم الأسرى، بل هو خلال الفترة الماضية استغل الجائحة في فرض العديد من الإجراءات القاسية عليهم منها وقف زيارات الأهل والمحامين بشكل كامل دون توفير بديل مثل الاتصال الهاتفي، ومنع كمواد التنظيف والتعقيم، يقول الأشقر.

عودة إلى فروانة الذي ينتقد دور الصليب الأحمر معتبرًا أنه يحجب الكثير من المعلومات ولم يفصح عن نشاطاته وما توصّل إليه مع إدارة السجون، وهذا يضع علامات استفهام حول دوره"، وفقًا لرأيه.

وأردف: "ندرك أن الصليب الأحمر يبذل جهودًا ويظهروا حرصًا على توفير كل ما يلزم، إضافة إلى زياراتهم المتكررة للسجون، لكن نطمح أن يرتقي هذا الدور لمستوى الأحداث المرعبة والحالات المتسارعة للإصابات بين الأسرى وحجم الخطورة التي يواجهونها".

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر هشام مهنا يرد: "نتفهّم قلق المعتقلين وعائلاتهم في هذه الظروف غير المسبوقة التي تشهد انتشار الجائحة"، موضحًا إن اللجنة على اتصال مع مصلحة السجون طوال الوقت وتتابع كافة التقارير التي تصدر حول انتشار الفيروس أو ظهور إصابات في صفوف المعتقلين.

لكنه وضّح إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لا تشارك المعلومات التي تتلقاها على العلن، ولكن تقوم بنقلها لعائلات الأسرى، وهي بدورها تُبقي على الحوار الثنائي غير المُعلن مع "السلطات الإسرائيلية" من خلا اللجنة الطبية في الصليب.

وزاد بأن اللجنة كجهة محايدة على استعداد لتزويد "السلطات الإسرائيلية" بالدعم التقني، وهذا العمل غير مقتصر على الأراضي الفلسطينية، بل يتم العمل مع أكثر من 80 دولة حول العالم لتحديد أفضل الممارسات الناشئة ومشاركتها على نطاق واسع من أجل الإبقاء على الوضع تحت السيطرة.

وأكد استعداد اللجنة الدولية للصليب الأحمر لمتابعة عملية تطعيم الأسرى والإشراف عليها في حال طُلب منها القيام بهذا الإجراء.