واتساب يضع مستخدميه في فخ الاختراق
تاريخ النشر : 2021-01-11 17:33

غزة:

إذا كنت أحد مستخدمي برنامج المراسلة الفوري "واتساب" لا شك انك لاحظت الرسالة الالكترونية التي تصلك عبر النافذة تطالبك بالموافقة على سياسة التطبيق الجديدة حتى تاريخ 8 فبراير المقبل.

السياسة الجديدة تحتوي على الكثير من البنود التي تنتهك خصوصية المستخدمين وتسهّل وقوعهم ضحايا للاختراق، لما تتضمنه من تفاصيل وبيانات تخص المستخدمين والمستخدمات وهو ما قسم جمهور التطبيق - الأكثر انتشارًا عالميًا والذي يتجاوز عدد مستخدميه 2.2 مليار- إلى فريق باحث عن بدائل أكثر أمانًا وآخرون يرون أن الأمر لا يتعدى كونه جزء من المنافسة التسويقية.

لكن الواضح إن السياسة الجديدة لواتساب – كما يشرحها المهندس يامن زقوت المتخصص في الأمن الرقمي- تسمح بمشاركة بعض بيانات المستخدم المهملة مثل رقم الهاتف والصورة الشخصية للحساب ونشاطات المستخدم وحتى عنوان IP الخاص بالجهاز واللغة ومشاركتها مع الفيس بوك المالكة للتطبيق وتخصيص مساحة للتفاعل والإعلانات، بينما سيُحرم من لا يوافقون من استخدام حساباتهم.

من الناحية الفنية التقنية كما يقول زقوت، فهذا نوع من انتهاك الخصوصية التي تفرضها الشركة المالكة على المستخدمين والمستخدمات، مضيفًا :"لكننا كخبراء أمن معلومات فإن هذا الانتهاك يحصل أيضًا بشكل أكبر في طيف واسع من البرامج المستخدمة والمتداولة ولعل أشهرها ماسنجر الفيسبوك".

ويشير زقوت إلى أن هذه الشروط لن تطبقها واتساب على كل الدول، فدول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا غير مشمولة فيها، مشيرًا إلى أنها- أي الشروط الجديدة- قسمت المتابعين والمتابعات إلى قسمين الأول غاضب ومعارض وانضم إليه العديد من روّاد الأعمال وقادة الشركات الكبرى، والآخر يراها عادية خاصة كونها ليست الأولى، فسبق لواتساب أن أجرت عام 2016 تعديلًا لسياسة الخصوصية، وحصروا الأمر في كونه مجرد تنافس على السوق التجاري بين شركات المعلومات.

زقوت:هذه الشروط لن تطبقها واتساب على كل الدول، فدول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا غير مشمولة فيها

وبكل الأحوال فهناك الكثير من التطبيقات الأكثر أمانًا الآن مثل تلجرام وبرنامج SIGNAL الذي طرح عام 2014من قبل ايلون ماسك، ورغم التشابه بينه وبين واتساب كونهما يستخدمان نفس تقنية التشفير (طرف إلى طرف)؛ إلا أن الاختلافات بينهما جذرية من ناحية استخدام سيجنال نظام تشفير خاص مفتوح المصدر مما يتيح للخبراء فرصة فحص الكود الأساسي في أي وقت، في حين لا يسمح تطبيق واتساب بفحص الكود الخاص به بسهولة.

على أن السياسة التي تتبعها التطبيقات بفرض شروط جديدة على المستخدمين الذين يتجاوز عددهم الملايين عالميًا يجب تنظيم إدارة استخدامها عبر قوانين عالمية ناظمة تراعي مصالح المستخدمين.

أما مدربة أمن المعلومات شذى الشيخ يوسف فتحذّر من أن السياسة الجديدة للواتسات يمكن أن تسهّل اختراق الأجهزة، عبر إعطاء فرصة للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات، مضيفة :"صحيح أن الاختراق يحدث عن طريق برمجيات حديثة؛ لكن منح الكثير من المعلومات يسهّل أن نكون ضحايا أسهل لعمليات الاختراق".

الشيخ يوسف:السياسة الجديدة للواتسات يمكن أن تسهّل اختراق الأجهزة، عبر إعطاء فرصة للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات

وتوضح الشيخ يوسف إن المعلومات -سالفة الذَكر- التي سيتم جمعها ومشاركتها مع شركة فيس بوك المالكة لتطبيق واتساب ومنها الموقع الجغرافي ودفتر العناوين وجزء من المحادثات الشخصية، هي بحد ذاتها انتهاك للخصوصية، فمن غير الواضح الهدف من جمعها، سواء كان لأغراض تسويقية أو بحثية ولصلح مَن تذهب، هذا انتهاك آخر لحق الأفراد، لكن المشكلة الأكبر أن الشركة لم تمنح الناس الخَيار، فإما الموافقة أو المنع من استخدام التطبيق.

وحتى لو كان الهدف هو جمع معلومات لأغراض تسويقية- وفقًا لاعتقاد الكثيرين- لكن في النهاية من غير الواضح أين تذهب بياناتنا، فالشركات – تقول شذى- تربح كثيرًا من هذه المعلومات عبر الإعلانات، والتعامل مع بياناتنا الشخصية لأغراض ربحية هذا أيضًا انتهاك آخر للحقوق الرقمية، ويجب التنويه أن فيس بوك أيضًا يفعل هذا، لكن لم يتركه الناس كونه الأكثر انتشارًا دون بدائل.

"واتساب- فيس بوك- انستجرام" هي تطبيقات مملوكة لذات الشركة، وكلها يحدث فيها انتهاك للخصوصية، لكن بوسعنا نسبيًا حماية خصوصيتنا ببعض الخطوات أولها الذهاب إلى تطبيقات أكثر أمانًا مثل سيجنال وهو يعتمد شفافية أكثر فهو يوضّح أين تذهب البيانات، وسياسة الاستخدام فيه واضحة ومفهومة للمستخدمين، ثانيًا إذا اخترنا البقاء على هذه التطبيقات؛ بوسعنا تصفّحها عبر ويب وليس التطبيقات التي يحدث فيها الانتهاك للخصوصية بشكل أوسع.

وتحدثت الشيخ يوسف عن ضرورة الحد من الأذونات التي نمنحها للتطبيقات المختلفة، وهي تضم موافقات على الوصول إلى بيانات الهاتف والكاميرا وغيرها عن طريق الإعدادات في الجهاز، فهذه الموافقات تمنح التطبيقات القدرة على الوصول إلى معلومات الجهاز حتى لو لم تستخدم التطبيق، كذلك ضرورة التوقّف عن إجراء محادثات ماسنجر الفيس بوك من خلال الهاتف المحمول، بل الأفضل إلغاؤه كليًا لما فيه من انتهاك خصوصية كونه غير مشفر، واستبدال ذلك بالويب.

وترجّح أن تشهد المرحلة المقبلة ذهاب الكثيرين إلى تطبيقات أخرى بديلة وأكر أمانًا، فسيجنال شهدت تنزيلات للتطبيق بشكل كبير خلال الأيام الماضية، وهذا جيد أن يبحث المستخدمون والمستخدمات عن امانهم الشخصي، لكن رغم أن الكثير من الشركات خسرت جمهورها بسبب انتهاك سياسة الخصوصية، إلا أن الشيخ يوسف تستبعد حدوث هذا بشكل كبير مع واتساب كونه يتبع ذات الشركة  مع فيس بوك وانستغرام وهي تعمل بشكل قوي وكبير مع المعلنين.