هل يبقى عبد الهادي وزوجته بلا مأوى!!
تاريخ النشر : 2020-12-21 13:07

إسلام الأسطل

 

يجلس عبد الهادي المجايدة 23 عامًا على أنقاض منزله الذي هدمته سلطة الأراضي بعزة، يُحدث نفسه: "كنتُ أتمنى أن أسكنه قبل أن ترى ابنتي النور"، وأقسم يقول: "بنيته بعرق جبيني، وتعب خمس سنوات تحت أشعة الشمس الحارقة، ولسعات البرد في عز الشتاء".

لم يكن أمام المجايدة إلا أن يعمل أجيرًا، مرة يطلبونه، وخمسةً لا، يتكلم بحسرة: "لو يعلمون كيف كنتُ أعد الأيام، وأنا أحلم باستكمال بنائه، لو يعلمون كيف كنت أحرم نفسي وزوجتي الحامل في شهرها الأخير، من أجل استكمال بناء مكانٍ يأوينا وطفلتنا القادمة".

والحكاية من البداية، أن الشاب وبينما كان في التاسع عشر من أيلول سبتمبر الجاري، يجهّز فوق سطح بيته (قيد الإنشاء) بسطةً لوضع براميل الماء عليها تجهيزًا لانتقاله وزوجته إليه، فوجئ ببلاغ إزالة يخبره بأن الأرض "حكومية"، ليستيقظ في صباح اليوم التالي على جرافات سلطة الأراضي، تصاحبها الشرطة الخاصة، وهي تسوي المنزل بالأرض.

يقول عبد الهادي: "جميع سكان المنطقة يعلمون بأنها أرض مملوكة لأصحابها، لقد ورثتها عن أبي الذي ورثها عن أجداده، وتحيط بها المنازل من كل اتجاه"، متسائلًا: "كيف يمكن أن تكون هذه الأرض حكومية، وتقع بين كل هذه المنازل المقامة على أراضي المواطنين".

يضيف: "هي وإن كان أجدادنا لم يسجلوها بسبب الظروف السياسية في حينه، فأطلق عليها أرض المندوب، نسبة للمندوب السامي البريطاني، إلا أن هذا لا ينفي ملكيتنا لها".

يستذكر عبد الهادي، كيف كان يشتري الحجارة المستخدمة تارةً، وفي تارةٍ أخرى يصنعها بنفسه من خلال جمع الزفزف (صدف مكسر) من شاطئ البحر، كل هذا ليتمكن من تأمين مأوىً آمن لطفلته التي لم ترَ النور بعد. يصمت الرجل قليلًا ويتساءل: "بأي عين وبأي قلب سأستقبل طفلتي الآن؟".

وبينما ينتاب زوجته شروق المجايدة بين اللحظة وأختها إحساسًا باقتراب موعد الولادة، إلا أنها لم  تعد متحمسةً للأمر، لقد استبدلت مشاعر الفرح بقدوم طفلتها الأولى بمشاعر الحزن والألم.

تقول لـ "نوى": "كل حجر تم هدمه بني بعرق جبين، وتعب، وشقى، وتوفير، ومساعدة من هنا أو هناك،  لتأتي جرافة تابعة لسلطة الأراضي في لحظة، وتحيله إلى كومة من حجارة لا معنى لها".

تضيف عبر الهاتف: "ننتظر مولودنا الأول خلال هذا الشهر، كنا نحاول بكل قوتنا أن يولد في بيتنا، ربما يعتقد البعض أن بضعة آلاف من الدنانير ليست مبلغًا كبيرًا ، لكن حينما تعرف أن آخر ما أملكه من مال كنت احتفظ به لمصاريف الولادة، أعطيته لزوجي كي نسكن بيتنا الذي لم يجهز بعد، ستعرفون حجم الوجع الذي نشعر به الآن، والذي سيظل مصاحبًا لنا ما حيينا".

مشاهد الخراب والتدمير تسيطر على عقل وقلب الشاب عبد الهادي حتى اللحظة، فهو لا يعرف ماذا يخبئ له الغد، ومن سيعوضه عن تعب سنوات عمره التي قضاها في العمل هنا وهناك، عن حرمان نفسه وزوجته من أجل تأمين مأوى لطفلتهم القادمة، من سيعيد له منزله كما كان؟!