"كورونا".. بطلُ الذكريات في "جلسات التصوير" بغزة
تاريخ النشر : 2020-12-11 17:26

يقلب المصور الفوتوغرافي أحمد الدنف عبر شاشة حاسوبه، صورًا كان التقطها قبل فترة لطفلةٍ صغيرة، خضعت على يديه لجلسة تصوير مبهجة بمناسبة عيد ميلادها.

والدة الطفلة، قررت توثيق هذه الذكرى بصورة، بدلًا من إقامة حفل يمكن أن يكون سببًا في انتقال فايروس (كوفيد- 19) بين المدعويين من أهلها وأقاربها الذين تحبهم كثيرًا.

يقول الدنف: "لم يعد إقبال المواطنين على جلسات التصوير كما السابق، ذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة بسبب تبعات تفشي الجائحة"، ملفتًا إلى أن الفئة التي تعتمد إقامة الحفلات للاحتفاء بإنجازٍ أو نجاح أو عيد ميلاد أو عرس أو ذكرى، باتت اليوم تفضل الاعتماد على الصورة لتوثيق الذكريات، تفاديًا للتجمعات الكبيرة، "فلقطة للشخص من رقم العمر أو مع كعكة صغيرة (ويمكن أن تكون بلاستيكية) تفي بالغرض".

ويضيف لـ "نوى": "بعض الطلاب الذين لم يتمكنوا من الاحتفال بتخرجهم، اكتفوا أيضًا ببعض الصور وهم يرتدون أثواب التخرج"، موضحًا أن الطلب على جلسات التصوير منذ نهاية الشهر الماضي –في ظل تفشي الجائحة، وارتفاع أعداد الإصابات بكورونا، وزيادة عدد الوفيات- بات شحيحًا للغاية، رغم خفض أسعاره، ومراعاته للأوضاع الاقتصادية المتردية.

"الناس باتوا يبحثون عن أولويات الحياة في ظل الفقر والبطالة وانتشار المرض، أما الصور، فباتت بالنسبة لهم ترفًا هامشيًا".

ويعتمد الدنف على جلسات التصوير كمصدر رزق له منذ خمس سنوات، بعد أن تعلم أساسيات التصوير، من استغلالٍ للحيل الضوئية، وترتيب لعناصر المشهد داخل الصورة بحيث لا يترك أي فراغ يشتت العين، "أروج لأعمالي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، كان الكثيرون يصرون على أن لا يلتقط لهم أحد غيري صورهم التوثيقية، لكن اليوم، ورغم استمراري في نشر أعمالي، الناس باتوا يبحثون عن أولويات الحياة في ظل الفقر والبطالة وانتشار المرض، أما الصور، فباتت بالنسبة لهم ترفًا هامشيًا".

"جلسات التصوير فرحة تعوض العروسين عن جزءٍ من تفاصيل كثيرة فقدوها خلال حفلات أعراسهم في الفترة الأخيرة".

تتفق مع سابقها المصورة شيماء نصار، وتقول: "إن إغلاق صالات الأفراح، وتخوف الناس من الإصابة بالوباء، جعل من جلسات التصوير فرحة تعوض العروسين عن جزءٍ من تفاصيل كثيرة فقدوها خلال حفلات أعراسهم في الفترة الأخيرة"، مشيرةً إلى أن خطر الإصابة بفايروس "كورونا"، جعل الكثيرين يحصرون حفلات أعراسهم –التي يمكن أن تلغى في أي لحظة- بأقارب الدرجة الأولى، ما جعل من جلسات التصوير في "أعراس كورونا" جزءًا ثابتًا في أي حفل.

المصورة نصار (23 عامًا) هي في الأصل خريجة صيدلة، لكنها وجدت في التصوير الفوتوغرافي متنفسًا للهرب من ضغط الدراسة، وتبتهج كثيرًا كلما كانت سببًا في ابتسامة فتاة حتى ولو لحظة التقاط الصورة، ذلك يصنع بينها وبين زبائنها جوًا من المرح والثقة.

ومع فرض حالة حظر التجوال بدءًا من الساعة الخامسة مساءً، بدأت نصار تستثمر وقت الفراغ المستحدث مع "كورونا" في طهي وصفات الأكلات الشهية، ثم تصويرها ونشرها عبر موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام" الذي عادةً ما تتبعه تعليقات كثيرة، تطلب منها الوصفة وتشيد بجمال الالتقاطة.

يحاول يوسف أبو السعيد أن يلتقط بعض الصور لمنتجاتٍ ألقاها أمامه خلال ساعات الحجر، بعد أن توقف لعدة أشهر عن ممارسة المهنة التي يحصل منها رزقه.

على الجانب الآخر، يحاول يوسف أبو السعيد عبثًا أن يلتقط بعض الصور لمنتجاتٍ ألقاها أمامه خلال ساعات الحجر، ليتمرن هو وكاميراته بعد أن توقف لعدة أشهر عن ممارسة هوايته والمهنة التي يحصل منها رزقه، تحديدًا منذ بدء تفشي فايروس (كوفيد- 19) في قطاع غزة.

يقول: "كورونا زادت الطين بلة، كنت في السابق أعاني من ضعف الطلب، لكن اليوم، لم تعد لي أي فرصة للعمل في مجال التصوير أبدًا"، مشيرًا إلى أن اتجاهه لتصوير المنتجات، بدأ مؤخرًا ليأخذ من خلاله منحنىً جديدًا في العمل، إذ كشفت الصور التي يلتقطها للمنتجات، عجز "التسويق" في غزة عن مجارات التقدم الحاصل في العالم بهذا المجال، "حين أصبح أصحاب المنتج يعتمدون على تصويره بهواتفهم الحديثة، مستغنيين عن أصحاب العين الناقدة، والكاميرات الخاصة "وهذا ما تثبته الصور التي يروجها أبو السعيد للمنتجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

استفاد أبو السعيد –خلال فترة الحجر- من الاستديو المنزلي الذي قام بتصميمه في غرفته مع بداية تعلمه التصوير، ونشر عبره العديد من صور المنتجات، "وهو استديو شبه احترافي، صنع فيه بعض الحيل كتثبيت قطع الكرتون على طاولة، وتوزيع الإضاة، ما جعل الصور الاحترافية التي يصنعها من خلاله تجذب أصحاب المولات التجارية، ومحلات الذهب ومستحضرات التجميل، الذين كانوا يتواصلون معه لتصوير منتجاتهم، وبضائعهم "حتى أعلن أواخر آب/أغسطس الماضي عن أولى الإصابات داخل المجتمع في قطاع غزة، منذ ذلك الحين خفّ الطلب حتى كاد ينعدم".