في لوحات "آية" ينطقُ "الصوف" جمالًا وشغفًا
تاريخ النشر : 2020-12-01 19:08

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

داخل حديقة بيتها التي حولتها إلى معملٍ تجهّز فيه لوحاتها المُحاكة بالإبرة وخيوط الصوف، تقضي الفنانة الفلسطينية آية المغاري (22 عامًا) معظم ساعات يومها.

الفتاة التي تقطن مخيم البريج، وسط قطاع غزة، لم تفكر مطلقًا في البحث عن عملٍ في مجال تخصصها (إدارة الأعمال) رغم تخرجها منه بمعدلٍ جيد، بل اتجهت فطريًا إلى نوعٍ من الفنّ، ترى أنه يخلق لها مساحات من الراحة والطمأنينة، ويمكن أن يكون لبنة لمشروعٍ يسكنه الشغف.

بدأت الشابة بالدمج بين موهبة الرسم التي تملكها، وعشقها للخياطة الفلسطينية، ومزاوجتها مع الأجنبية، لتضع بصمتها الخاصة على أعمالٍ فنية تخرج من بين أناملها غايةً في الإبداع والإتقان.

تقول لـ"نوى": "حبي للخياطة والأعمال اليدوية، جعلني أبحث عن شيءٍ جديد، أربط به القديم بالحاضر"، ملفتةً إلى أن ما ساعدها على تحقيق ذلك كان وقت الفراغ الكبير، الناتج عن فترة الحجر المنزلي "كانت فكرة، لكن بعد أن رأيت النتيجة، قررتُ تحويلها إلى مشروعٍ صغير يرافقني العمر كله".

بدأ إصرار المغاري على المضي في طريق الفن مبكرًا، عندما أنهت الثانوية العامة، فقدمت لمنحة دراسية بالخارج لدراسة الفنون لكن لم يحالفها الحظ، فلمّا وجدَتْ أن لا خيار أمامها إلا دراسة تخصصٍ آخر، قررت أن يكون "مساندًا لمستقبلها" وليس مستقبلها كله.

بابتسامةٍ خفيفة، قالت: "بدأتُ بالتدريب والتعلُّم عبر فيديوهات أجنبية على موقع يوتيوب، كان الأمر صعبًا في البداية، لكن مساندة عائلتي لم تسمح لي بالاستسلام".

في حديقتها الصغيرة، حيث تتمشّى حيواناتها الأليفة التي تحبها، تتناثر اللوحات التي صنعتها آية بنفسها، لقد كان للمرأة فيها نصيب، لا سيما تلك اللوحة التي ضمت في إطارها وجه الناشطة الإنسانية "أودري هيبرون" صاحبة الوجه الجميل، وتلك التي تشكّل صورة فتاةٍ ذات قرطٍ من اللؤلؤ تتوشح ملامحها بالبساطة والهدوء.

أسهبت آية في حديثها عن هذا الفن، حين أكملت: "فن الرسم بالخيوط الصوفية، جديد، وله أساسيات وقواعد وأدوات خاصة. في البداية أقوم برسم الشخصيات علي ورق، ومن ثم نقله على القماش، بعدها أبدأ بتفريغ الصوف على الرسم بغرز خاصة، بمساعدة أمي وصديقاتي"، مؤكدةً أن أكثر ما تحتاجه لوحاتها في مرحلة الإعداد هو التركيز والتحمل والابداع".
أما المدة التي تستغرقها لإنهاء لوحاتها وأعمالها الفنية، فتختلف حسب طبيعة العمل، منها ما يأخذ ساعات طويلة، ومنها ما يأخذ من الوقت يومًا، ومنه ما تمضي فيه آية أيامًا عديدة، ثم تقوم بعرضها على صفحةٍ خاصة باسم "نسيج أون لاين" عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تسويقها.

وعن المعيقات التي واجهتها، أضافت: "إيجاد الإبرة، نظرًا لحداثة هذا النوع من الفن، لم تتوفر إبر الرسم الخاصة به في السوق المحلي، لكن مع الوقت، وجدت الأكثر قربًا وشبهًا بها، وبدأت العمل بها، وقد حققت نتيجةً قريبة بالفعل".

طموحات الفتاة كبيرة، تبدأ من تسويق منتجاتها في العالم أجمع، ومن ثم الترتيب لعمل ورشات خاصة ضمن مشروعها الصغير "نسيج"، وهو مشروع مستقل لتمكين النساء من توفير مصدر دخل خاصٍ بهن في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة.

وبعد لحظة صمتٍ عابرة، تقول آية: "في عقل كل امرأة جوهرة تستحق أن تبحث عنها، كل النساء لهن الحق في صنع ذواتهن، وشخصياتهن المستقلة"، مناديةً النساء بتخطي حواجر الصمت، والمناداة بحقوقهن في كل الميادين.