فلسطينيات يَبُحن لنوى عن حالهن الذي لا يَسُرّ!
تاريخ النشر : 2020-11-25 13:08
صورة أرشيفية

غزة:

"الاهتمام بإظهار مطالبنا خلال حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف مهم، والأهم أن نرى حلولًا لواقعنا، نحن ربّات البيوت اللواتي نناضل من أجل الحفاظ على عائلاتنا وأبناؤنا في وضع صعب نستحق الاهتمام".

بهذه الكلمات استهلت المزارِعة فتحية أبو عمرة حديثها لنوى، متحدثة عن حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء، والتي تنفذها المؤسسات النسوية والحقوقية سنويًا تزامنًا مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء في 25 نوفمبر والتي تنتهي بـ 10 ديسمبر اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وتضيف أبو عمرة وهي من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة: "مطلوب أن يسعى الجميع لرفع الضغوطات التي نعاني منها ولا يشعر بها الكثيرون، هناك تصرفات يتعاملون معها وكأنها ليست عنف مع أننا نشعر أنها عنف".

فتحية:المزارِعات يحصلن على أجور يومية أقل من المزارعين الرجال، مع أنهن يعملن لساعات أطول ويبذلن جهدًا أكبر

وتوضح إن المزارِعات يحصلن على أجور يومية أقل من المزارعين الرجال، مع أنهن يعملن لساعات أطول ويبذلن جهدًا أكبر، إضافة إلى أنهن لا يحظين بمعاملة جيدة من قِبل الأزواج الذين اعتادوا أن الصراخ والعصبية في وجه المرأة عادي وأنها وحدها تتحمل مسؤولية كل أعباء البيت حتى لو قضت كل نهارها في العمل بالزراعة.

وتضيف: "حتى المؤسسات التي تأتي بمشاريع للزراعة تفضّل المزارعين عن المزارِعات خاصة إن كان المردود جيدًا، مع أن المزارِعات أيضًا بحاجة لاهتمام".

وتكمل السيدة التي تعمل مزارعة في أرض زوجها (بلا أجر) واصفة حال المزارِعات: "نريد أن يعرّفوهم أننا نحتاج معاملة أفضل وكلمات مديح تخفف عنا الضغوطات التي تعرضنا لها خلال النهار ما بين الزراعة والجني وترتيب البيت والطبخ وتعليم الأبناء وسط انقطاع الكهرباء، كله مرهق جسديًا ونفسيًا".

فتحية، هي أم لسبعة أبناء، يدرس اثنان منهم (ولد وبنت) في المرحلتين الإعدادية والثانوية، ويستخدمان هاتفها المحمول لغرض متابعة تعليمهم الالكتروني، ورغم أنهم يدرسون وحدهم، لكنها تضطر لمتابعة البريد الإلكتروني والواتس اب طوال الوقت لمتابعة دروسهم.

شذا الكيلاني"21 عامًا" من مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، شابة صغيرة تعمل بالمياومة في إعداد المواد الغذائية التي يتم تسويقها للأفراد والمؤسسات والمدارس ضمن جمعية تعاونية، وهي أيضًا طالبة جامعية تكافح من أجل إتمام تعليمها حيث وصلت المستوى الثالث تخصص لغة انجليزية.

ترى شذا أهمية استثمار حملة الـ16 يوم لتسليط الضوء على كل مشاكل النساء في فلسطين، وفي قطاع غزة والتفاعل مع الحملة، حيث تتزايد مستويات العنف داخل البيوت، فيتعرضن للضرب والإهانة لأن الكثيرون اعتادوا أن هذا أمر يخص العائلة، ولا يهتموا بأثره السلبي على النساء والأسرة.

شذا:في زمن كورونا تزايدت مشاكل النساء ومشاكلنا نحن كعاملات بالمياومة

تشير ورقة عمل نشرها مركز الميزان لحقوق الإنسان اليوم أن62.5%) ) من العينة المستطلعة آرائهن بأنهن تعرضن للعنف الأسري، خاصة في ظل جائحة كورونا.

تضيف شذا: "في زمن كورونا تزايدت مشاكل النساء ومشاكلنا نحن كعاملات بالمياومة، كثيرًا ما نتعرض لنظرة المجتمع السلبية إذا اضطررنا للعودة إلى البيت في وقت متأخر نسبيًا وهذا يحدث إن كان هناك طلبيات في هذا التوقيت".

وحدها شذا تنفق على عائلتها المكوّنة من خمسة أفراد بينهم شقيقها المريض بالسرطان وزوجته وشقيقتها، وهي تحاول رفع معنويات العائلة دومًا بعد وفاة والدتهم، هي مسؤولية مضاعفة وكبيرة على شابة في هذا العمر، لكنها تصرّ على قبول هذا التحدّي مع الحياة.

وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الصادرة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في 8 آذار مارس 2020، إن 11% من الأسر الفلسطينية ترأسها نساء بواقع 12% في الضفة الغربية و 9% في قطاع غزة.

تكمل شذا: "عاملات المياومة يتعرضن لمشاكل نحتاج من يوعّي الناس بأن ظروف عملنا تتحكم في وقتنا، لدّي زميلة متزوجة تنفق وحدها على أسرتها، بعد أن فقد زوجها عمله، تعرضت للتعنيف والضرب منه حين اضطرت للعودة متأخرة، رغم أنه يعلم طبيعة عملنا في مثل هذا الوقت حين تزداد الطلبيات، ولكن العذر أنه لا يجوز تحت أي ظرف أن تتأخر".

أما في أزمة كورونا وتوقفهن عن العمل، فكانوا الأكثر تضررًا حين لم تشملهن برامج الطوارئ والمساعدات، رغم أنهن معيلات وحيدات لأسرهن، وهذا ما عرضّهن لأزمات اقتصادية ونفسية حادة.

"الرسوم الجامعية، أوجدوا حلًا لها فهي واحدة من المشاكل التي نعانيها كفتيات"، تقول شذا التي دخلت عامها الثالث في دراسة تخصص اللغة الإنجليزية وتجد صعوبة في تسجيل الفصل الجديد.

تقول: "لم أسدد بعد ديون رسوم الفصل الماضي فكيف أسجل لفصل جديد، لست مستعدة لتحمّ المزيد من الديون، هذا عبء كبير تعانيه الفتيات، أرى ضرورة وجود تدخلات تحمي الفتيات من الإرهاق النفسي الذي يتعرضن له بسبب مشاكل الرسوم".

جازية:أولوية النساء في هذا اليوم هي الحماية من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وتحسين الحياة الاقتصادية

إلى الشمال من قطاع غزة، حيث المزارعة الفلسطينية جازية فلفل، والتي ترى إن "أولوية النساء في هذا اليوم هي الحماية من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وتحسين الحياة الاقتصادية".

تقول جازية التي تملك أرضًا مساحتها 8 دونمات: "تقع أراضي بيت لاهيا الزراعية على الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، بالأمس فقط أطلق جنود الاحتلال النار وأصاب الرصاصة الأرض قرب قدمي، ولولا ستر الله لكنت تعرضت للإصابة".

تكمل المزارعة جازية إن الاحتلال كثيرًا ما يطلق النار على المزارعين والمزارعات في الأراضي الزراعية القريبة من الحدود، وهذا يعرضهم بشكل دائم للخطر، مضيفة: "حياة النساء في قطاع غزة تحت الخطر الدائم من الاحتلال، كثيرًا يزورنا هنا صحافة أجنبية يأخذوا منا مقابلات، ويأتي ناس من حقوق الإنسان، نحن نريد وقف اعتداءات الاحتلال وزراعة أراضينا بأمان، مطلبنا مش كبير".

وتحكي المزارعة الخمسينية إن الكثير من أصحاب الأراضي يضطرون لاصطحاب زوجاتهم والنساء في البيت معهم للمساعدة في عملية الزراعة، بسبب قلة قدرتهم على دفع المال لمزارعين بالمياومة بعد أن انخفضت قدرتهم على البيع والتسويق بسبب ظروف الفقر في قطاع غزة.

وتكمل: "المزارعات هنا شاطرات، لما بيكون في ورشة عمل وتدريب لمؤسسة بيروحوا، بيحبوا يتعلموا، لازم ينتبهوا عليهم ويدربوهم أكثر ويساعدوهم في التسويق للبضاعة".

تلخّص المقابلات السابقة حال النساء الفلسطينيات في قطاع غزة، حيث تزداد ظاهرة تعرضهن للعنف الأسري خاصة في ظل أزمات مثل كورونا ووجود الجميع بشكل دائم في البيت، إضافة إلى التمييز على أساس الجنس في الأجر للنساء العاملات، والعنف الاقتصادي الذي يتعرضن له، وقبل كل هذا الاحتلال الذي هو أساس الشرور جميعًا حيث تتعرض حياتهن بشكل دائم للخطر.