محمّد أبو دقّة.. شاب يدق الحطب ليبقى الأمل
تاريخ النشر : 2020-11-20 19:04

خانيونس:

"في قطاع غزة إن لم تسعّ فلن تستطيع العيش"، هكذا هو الحال في هذه البقعة الواقعة جنوب فلسطين المحتلة، والمخنوقة بالفقر والحصار والبطالة منذ 14 عامًا، ناهيك عن الحروب والجولات التصعيد التي لا تكاد تتوقف حتى تندلع من جديد.

هنا، حيث يعيش 2 مليون إنسان في مساحة لا تزيد عن 365 كيلومترًا، تنخفض القدرة على الإنجاز بينما تزداد اجتهادات الشباب الفلسطيني سعيًا لإيجاد حلول غير تقليدية لندرة فرص العمل، تمامًا كما فعل الشاب محمد أبو دقة الذي اختار أن يدق الحطب بحثًا عن أمل في حياة أفضل.

محمد الذي يعيش منذ ٣٢ عاماً، درس تخصص "إدارة المنظمات غير الحكومية" لكنه لم يعمل به نظراً لعدم توفر فرض عمل بمجاله، برغم كل محاولاته في انتزاع وظيفة ولو مؤقتة إلا أنها باءت بالفشل، خاصة في منطقة مثل قطاع غزة زادت فيها نسبة المتعطلين عن العمل عن 52%.

يقول إنه اتجه للعمل كـ "حطّاب" منذ ١٠ سنوات، بحثاً عن مصدر رزق لإعالة أسرته، عمل في أرض زراعية بمنشار يدوي وصفه "يكسر الظهر" من شدّة الألم الذي يسببه، حتى استطاع شراء آخر يعمل على البنزين لإنجاز عمله في قصّ الأخشاب وترتيبها. 

ويضف لـ "نوى": "البعض يدقّ الرمل من أجل الحصول على الماء، وأنا أدق الخشب وأحفره بحثاً عن الرزق". 

بحسب تقريرٍ أممي، صدر في الثامن والعشرين من يناير/ كانون الثاني للعام 2020م، فإن الحصار الإسرائيلي، والهجمات الإسرائيلية المستمرة على القطاع، وإغلاق المعابر، والانهيار الاقتصادي، وتدهور الوضع الصحي، وتحديات التعليم، جعل أكثر من نصف سكان قطاع غزة، البالغ عددهم ما يزيد عن مليوني نسمة، يصنفون على أنهم فقراء.

وبحسب التقرير، فإن 4 أشخاص من بين كل 5 يتلقون مساعدات مالية، وفي يوم السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر، الذي يصادف "اليوم العالمي للقضاء على الفقر"، فإن نسبة الفقر في قطاع غزة وصلت إلى 54 في المئة.

بمساحة ١٠٠ متر تقريباً بجانب منزله، بنى الشاب "محطبه"، يحصل على الأخشاب من المزارعين الذين لديهم أشجار تالفة ثمّ يقوم بقصها وجلبها للمحطب الذي يعمل به مدّة لا تقل عن ثماني ساعات يومياً لتجهيز الحطب وبيعه. 

هل هذا العمل مُجدٍ؟ سؤال وجهته معدة التقرير لمحمّد الذي أجاب: "لا مجال لأي خيارات أخرى هنا، فظروف قطاع غزة لم تترك مجالاً للتدلل على أي مبلغ مهما كان زهيداً".

وبحسب الشاب، فإن العمل بالحطب لا يكون يومياً، بل بمعدل يوم واحد كل خمسة أيام تقريباً، إذ يبلغ سعر يوميته هذه حوالي ٦٠ شيكلاً فقط.

ويتراوح سعر طن الحطب ما بين ٥٠٠ إلى ١٠٠٠ شيكل، يحتاج إلى عدد من العمال لتجهيزه وهذا ما يفعله الشاب حيث يعمل معه اثنين من الشباب الخريجين الذين لم يحالفهما الحظ في إيجاد وظيفة بمجال تخصصهما.

ويتحدّث محمد :"لا أحد يعمل بشهادته في هذه الأيام، فلا دخل وفير ولا عمل، فقط حصار إسرائيلي وفقر وبطالة".

يحلم "الحطّاب" بشراء أرض زراعية يعمل بها وتحتضن حطبه بدلاً من فرشه بجانب المنزل وعلى الرصيف أحياناً، ويحلم أيضاً أن يصبح لديه إمكانات أخرى متطورة ومساحة أوسع تمكنه من تشغيل عشرات الشباب العاطلين عن العمل في القطاع.