شبّان يصفعون كورونا والأزمة المالية بـ"مشاريع بديلة"
تاريخ النشر : 2020-11-19 22:29

رام الله:

صُدمت الشابة الفلسطينية تحرير بني صخر عند تعرّضها للفصل التعسفي من عملها الإعلامي خلال جائحة كورونا، إلا أنها لم تقف مكتوفة الأيدي، فسرعان ما استعادت توازنها لتنطلق بشكل مختلف بدلًا من البحث عن وظيفة قد لا تأتي أبدًا.

مع بداية الجائحة وفرض حالة الطوارئ في فلسطين مطلع مارس/آذار 2020 التزمت الشابة العمل من منزل عائلتها في قرية فرخة قضاء محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، لكن المسؤولين عنها في العمل طالبوها بالعمل في محافظة رام الله باعتباره مكان إقامتها المسجل رسميًا، وبعد إقناعهم واصلت عملها كالمعتاد.

لكن الوضع عاد وانقلب مجددًا في مايو/آيار حين فوجئت بصدور قرار وقفها عن العمل بشكل تعسفي، بعد قضائها عشرة شهور كمنسقة إعلامية لإحدى النقابات، وهو ما شكّل صدمة لها.

حينها، أصبحت تحرير أكثر قناعة بضرورة إطلاق مشروع خاص مع صديقتها ريناد موسى، باستثمار هواية كانت تمارسها بشكل متقطّع للمقربين من منزلها، وهي تصميم الاكسسوارات والمطرزات والرسم على الخشب والحجارة، كانتا تقتطعان من راتبهما لشراء المستلزمات.

تحرير:بعد تعرضي للفصل التعسفي، أصبحت أكثر يقينًا أن الوظيفة في أي مؤسسة،  ليست آمنة

تقول تحرير لـ"نوى":"بعد تعرضي للفصل التعسفي، أصبحت أكثر يقينًا أن الوظيفة في أي مؤسسة، وحتى لو كانت براتب عالٍ، ليست آمنة وفيها مخاطرة".

بعد عودة الحركة إثر تخفيف إجراءات حالة الطوارئ؛ شاركت الشابتان تحرير وريناد في معرضين هما "سوق البابورية" في بلدة بيرزيت، و"بازار الخريف" في رام الله، لتشهدا إقبالًا كبيرًا على معروضاتهما.

تعمل تحرير اليوم موظفةً في إحدى المؤسسات، لكنها ما زالت على رأس مشروعها الذي تعتبره أساسيًا بالنسبة لها، فهي تؤيد فكرة أن يكون للشباب مشروع خاص بهم في مرحلة معينة.

جائحة كورونا وما تلاها من أزمة مالية تعيشها السلطة الفلسطينية عقب وقف الاتفاقيات السياسية والأمنية مع الاحتلال في شهر أيار/مايو 2020 ورفضها استلام أموال المقاصة ردًا على خطة الضم الإسرائيلية، دفعت الشاب إيهاب الريماوي من بلدة بيت ريما القريبة من رام الله، للبحث عن مصدر دخل آخر إلى جانب عمله في وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

في شهر تموز/يوليو الماضي، تعرّضت زوجة الريماوي للفصل التعسفي من عملها في إحدى الشركات الخاصة، ليبقى هو المعيل الوحيد في العائلة المكونة من ثلاثة أفراد.

الريماوي:أصبح راتب الوظيفة الحكومية هو الثانوي في ظل نصف الراتب، وأعتبر أن المشروع الخاص للشباب أفضل

الضائقة المالية الناجمة عن نصف راتب والقروض المترتبة عليه والشيكات، دفعته للتفكير بمشروع خاص يساند عمله الحكومي، دون التفكير في البحث عن وظيفة ثانية؛ إذ يعتبر تجربة العمل الثاني مرهقة فهو منذ عام 2015 يعمل في وظائف ثانوية.

خلال جائحة كورونا، أطلق الريماوي تجربته في إعداد حلوى "الكنافة" المنزلية التي يتقنها تمامًا، من خلال بسطة "كنافة على الفحم" أواخر تموز الماضي، ليشتري بنصف راتبه مستلزمات مشروعه الذي كلّفه 600 شيكلًا (نحو 160 دولارًا) ويخوض المغامرة.

بعد عمله الصحفي، يقف الريماوي خلف بسطه على الشارع الرئيسي لبدة بيت ريما قرب محافظة رام الله، يعدّ أطباق الكنافة على الفحم، مستعينًا بحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي في جذب زبائنه الذين يزيد عن نصفهم من خارج القرية.

يقول ايهاب لـ"نوى":"أصبح راتب الوظيفة الحكومية هو الثانوي في ظل نصف الراتب، وأعتبر أن المشروع الخاص للشباب أفضل، نظرًا لعدم وجود أمان وظيفي.. حتى لو عاد صرف الرواتب كاملة، لن أتخلى عن مشروعي، فأنا أحب ما أفعله".

يضيف: "رسالتي للشباب علينا خوض التجربة، توجهوا لإنشاء مشاريعكم الخاصة غير المكلفة".

ووفقًا لبيان صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في سبتمبر الماضي؛ فإن معدّل البطالة في فلسطين ارتفع إلى 27% بسبب جائحة كورونا بعد أن كان 25% قبلها، إذ بلغ 49% في قطاع غزة و 15% في الضفة الغربية.

وتشير الإحصائية إلى أن عدد العاملين انخفض بمقدار 121 ألف عامل، وكان انخفاض عدد العاملين أكثر حدة في قطاع غزة بنسبة 17% مقارنة مع 10% في الضفة الغربية.