أريج زرعت حلمًا وسط الصخور فحصدت "بندورة"
تاريخ النشر : 2020-11-17 11:30

خانيونس:

تسابق الشابة أريج عرندس خيوط الشمس إلى أرضها الواقعة في منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس، وتسهر حتى حلول الليل، تقلّم أشتال البندورة "الطماطم" وترويها وتتخلص من الأعشاب أسفل النباتات.

لا تخجل من حمل الفأس والتنقّل وسط أرضها المستأجرة، فهي الآن مملكتها والطماطم التي تشقّ طريقها وسط صخور الطوف هي التجربة التي حلمت بها وناضلت كي تراها واقعًا، فحصت ما زرعت.

تقول:" تجربة زراعة الطماطم وسط صخور الطوف كانت حلمي الذي ناضلت كي أراه واقعًا وها أنا أحققه".

تخرّجت أريج قبل أربعة سنوات من كلية الهندسة الزراعية، تعثّرت كما غيرها من آلاف الشباب الفلسطينيين في قطاع غزة بظاهرة البطالة التي تجاوزت 52% من نسبة الخريجين والخريجات بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 14 عامًا، لكن الشابة العشرينية التي لم تعتد الانتظار رفضت الانضمام إلى طابور البطالة وقررت البحث عن بديل للوظائف.

توضّح: "تقدمت لكل وظيفة تم الإعلان عنها، وألقيت بشهادتي الجامعية في العديد من المؤسسات ذات العلاقة، تطوعت في جمعية خانيونس الزراعية، التي حصلت من خلالها على مشاريع في مجال دراستي".

 "لكن هذا العام كان المشروع المعروض مختلف كليًا؛ فأن أكون عاملة في قطف وتعبئة الزيتون والبلح، لم أفكر كثيراً في الأمر وافقت على الفور"، أخذت نفسًا عميقّا ثم عقّبت:" العمل مش عيب، العيب أن انتظر من يطرق بابي ويمنحني الحياة".

تضيف:" تقدمت لمشروع (نجاحها) بفكرة ريادية وشاركت في تدريب قبل أن يتم اعتماد المشروع الذي كان يهتم بزراعة وتجفيف النباتات العطرية، لأبدأ أولى خطواتي في تحقيق أحلامي الكثيرة"، استأجرت الشابة أرضًا زراعية في منطقة المواصي وقامت المؤسسة بتوفير كل الاحتياجات والأدوات التي تخص المشروع، وعلى رأسها بناء دفيئة زراعية.

النباتات العطرية تُزرع خارج الدفيئة وتحتاج إلى عام كامل من الرعاية والمتابعة قبل البدء في تجفيفها وتسويقها- تقول أريج- وهذا ما دفعها إلى التفكير خارج الصندوق، ولكن كيف!!!

"البندورة"، أجل إنها فرصة مناسبة لتطبيق التجربة وزراعته، وتشرح: "فكرت في استثمار الدفيئة حتى بدء موسم التجفيف، وذلك بإجراء تجربة لزراعة البندورة في صناديق بلاستيكية باستخدام صخور الطوف والتربة الصناعية، لمعرفة تأثير هذه الطريقة على جودة وحجم الإنتاج، بينما زرعت في نفس الدفيئة نفس الأشتال في التربة العادية لاختبار نجاح أو فشل التجربة".

وفقاً للشابة عرندس يتميز صخر الطوف بأنه كثير المسامات ويحتفظ بأكبر كمية من المياه وهو ما يجعلنا قادرين على مواجهة أزمة المياه، ناهيك عن أزمة الكهرباء -التي ما زالت تعمل وفق جدول 8 ساعات وصل و 8 ساعات قطع-، فتحصل بهذه الطريقة النبتة على ما تحتاج من مياه لبقائها ونموّها.

لماذا البندورة (الطماطم)؟ تجيب الشابة عرندس:" نسبة ملوحة المياه هي من تحدد نوع الخضار الذي نقوم بزراعته، كما أنني فكرت بأن أزرع نوع من الخضروات مطلوب في كل بيت ولا يمكن الاستغناء عنه".

وطبقاً لمجريات التجربة تقول المهندسة الزراعية أن الزراعة في تربة صناعية وصخر الطوف أثبتت جدارتها في انتاج محصول أفضل، جعلني بالفعل أقطف ثمارها مبكراً.

كم كانت فرحتي عندما بدأت فعلاً بقطف ثمار تعبي ونجاح تجربتي، ما يعطي مؤشر للمزارع بأن يلجأ لتصنيع الكومبوست (سماد بلدي يُصنع من بقايا النبتات) من مخلفات المزرعة، ليحقق أكثر من هدف في آن، فهو يحصل على تربة صناعية بديلة دون أي ثمن، كما أن مخلفات المزرعة تُستثمر بشكل نافع للتربة ويحافظ على البيئة.

الزراعة في صناديق بلاستيكية كما تقول المهندسة الشابة تحل مشكلة النيمتودا (نوع من الديدان التي تدمّر النبتات)، وتخلصنا من التفكير الدائم بأمراض التربة، خاصة أن عملية التعقيم مكلفة جداً من ناحية وتقضي على البكتريا النافعة من ناحية أخرى.

تطمح أريج إلى جانب مشروعها الذي لا تتعدى مساحة الدفئة فيه مئتي متر، أن يكبر المشروع وتتسع الدفيئة، كما تحلم بإقامة مشروع آخر لتفريخ وتربية طائر السمان.

يرافق أريج خلال متابعتها لعملها في مشروعها الزراعي والدها الذي يؤمن بأن كل إنسان عليه أن يسعى ويعمل من أجل تحقيق أحلامه ويتابع شغفه أينما كان، كما يشجعها زوجها على مواصلة طريقها الذي اختارته.