"سماهر" تنزف وجعًا.. ورَدُّ "المطّلع" لم يَصل بعد!
تاريخ النشر : 2020-11-04 19:55

"ادعوا لها بالرحمة"، عبارةٌ لطالما اخترقت مسامعها طوال خمسة أشهرٍ قضتها على سرير المرض في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.

سماهر عوض (43 عامًا) باتت اليوم تنتظر -كما ذويها- الموت، ليباغتها في أي لحظةٍ على مرأى ومسمع من أفراد الطواقم الطبية، الذين -توقعوا اقتراب موعده- بعد أن وقفوا عاجزين أمام مرضها الذي استوطن "القولون".

أما بداية الحكاية، فكانت يوم شعرت بالألم يمزّق سلام جسدها، فلم يكتشف الأطباء حقيقته إلا بعد أشهرٍ من التشخيص الخاطئ: تارةً يظنونه التهابات، وأخرى يشخصونه بأكياسٍ تجمعت على الرحم، وفي كل مرة كانت تتم إجراء جلسات علاجية وأدوية بلا أي فائدة.

الألم لم يتوقف، بل ازداد قوةً، ما اضطر الأطباء بعد أربعة أشهر لإجراء عمليتي "تفتيش" كما يسميها الأطباء، لمعرفة أسباب الألم، الذي عللوه أخيرًا، بأنه ناتج عن ورمٍ في القولون.

كل لحظة كانت تمر على سماهر كأنها سنين طويلة لا تكاد تنتهي، لقد أصبحت اليوم تنتظر الموت الذي لم تعُد تخشاه مثلما تخشى الألم الذي ينخر أحشاءها بفعل ورمٍ خبيثٍ تمكّنَ من جسدها.

عبر الهاتف جاء صوتُها ضعيفًا، عندما قالت: "حينما لم تأتِ الرحمة التي كان يدعو بها الأطباء لي، قرر أهلي البحث عن وسيلة لتحويلي إلى الضفة الغربية لاستئصال الورم، خاصةً وأن الفتحات في بطني لم تلتئم إطلاقًا، واستمرت في إفراز صديدٍ تزيد كميته عن لترين يوميًا.

وبعد محاولات عديدة وشكاوى، خرجت سماهر إلى المستشفى الأهلي في الخليل، وتم استئصال الورم، وجزء من الأمعاء، لتعود بعدها إلى غزة، فيعود إليها الألم بعد ذلك بشهر "مع استمرار خروج الصديد ذاته".

تضيف: "بعد مناشداتٍ عدة، تم تحويلي لمستشفى الحياة، واستئصال الرحم، بالإضافة إلى جزء آخر من الأمعاء، كما أنني خضعت لجلسة علاج كيميائي، وكان من المفترض أن يتم الاتصال بي للجرعة الثانية وهو ما لم يحدث".

أربعة أشهر أخرى مرت وزادت الحالة خطورة. الألم كان يتفاقم، وسماهر تضطر لتناول الأدوية المخدرة كي تستطيع تحمل الألم الذي لم يفارقها، "وبعد إجراء الفحوصات الطبية تبين أن المرض انتشر في أكثر من مكان، الأمر الذي تطلب تدخلًا سريعًا، وعليه تم تحويلي لمستشفى المطلع" تردف.

تتابع والحسرة تغرق صوتها: "أربعة أسابيع مرت، ولم يتصل بي أحد من دائرة العلاج بالخارج، كل يوم يمر يزداد المرض تمكنًا مني، فيتركني طريحة الفراش، لا أقدر حتى على تناول الماء ولا الطعام، أموت في اليوم آلاف المرات، وكلما راجعت دائرة العلاج بالخارج، يطلبون مني أن أنتظر الرسالة التي ستصل من المشفى لتحديد الموعد"، تصمت قليلًا قبل أن تتمتم بصوتٍ بالكاد يمكن سماعه: "ها أنا أنتظر بينما أصارع الموت، والرسالة لم تأتٍ بعد".

تقطع حديثها بأنّة وجع، وتزيد: "ما زلت أتشبث بالحياة، تمر الأوقات عصيبةً عليَّ وعلى أبنائي الثلاثة"، متابعةً: "كم أتوق أن أعود إلى عملي في صناعة المعجنات التي كنت أعتاش وإياهم على مردودها قبل المرض".

كل ما تنتظره السيدة الأربعينية، هو موعدٌ سريعٌ في مستشفى المطلع، عله يحمل لها الأمل في تكملة مشوارها بتربية أبنائها، لكن التحويلة العلاجية، التي حصلت عليها بعد رحلة محاولات مريرة، لن تصبح ذات قيمة إذا ما فات الأوان، "ترى هل يمكن أن أصبر حتى تحديد الموعد المنتظر؟"، تتساءل سماهر، التي تتمنى أن يسرع المطلع في تحديد موعدٍ لها، فكل يومٍ يمر عليها بلا علاج، يقلل الأمل في شفائها، ويزيد من فرصة الورم في حرمانها من الحياة.