موسم العنب يسقط في سلة الصناعات التحويلية
تاريخ النشر : 2020-10-13 10:58

رام الله/ شبكة نوى- فلسطينيات:

طوال 20 عامًا من عمله في مزرعة ومعصرة العنب الخاصة بعائلته، لم يصادف المزارع سهيل بريغيت، هذا الإقبال الكبير من قبل مزارعي العنب في بلدته، بيت أمر شمال مدينة الخليل، على عصر محصولهم لتصنيع الدبس والملبن أو تحويله إلى منتجات غذائية أخرى.

بريغيت ( 56 عامًا) يعرف جيدًا أن هذا الخيار، هو محاولة تعويض عن الخسارة، فهو أيضًا مزارع عنب من أنواع مختلفة، ويمتلك كرومًا ممتدة على مساحة 30 دونمًا. وقد اضطر هذا العام إلى تصنيع 50% من إنتاجها، بسبب تراجع تسويق المحصول بعد قطفه، بالنظر إلى ظروف الإغلاق، وتراجع الأوضاع الاقتصادية بسبب جائحة كورونا (كوافيد-19).

"حتى الآن قمنا بعصر 150 طنًا من العنب لمزارعي البلدة، 50 طنًا منها لتجار السوق المركزي، الذين اشتروا كميات العنب، ولم يجدوا سبيلًا لتسويقها".

يقول بريغيت لـ"نوى": "حتى الآن قمنا بعصر 150 طنًا من العنب لمزارعي البلدة، 50 طنًا منها لتجار السوق المركزي، الذين اشتروا كميات العنب، ولم يجدوا سبيلًا لتسويقها".

وبحسب بريغيت، فإن المزارعين في "بيت أمّر" وغيرها من بلدات وقرى محافظة الخليل، التي تشتهر بزراعة العنب وتصديره إلى كل فلسطين والخارج، كانت توقعاتهم من هذا الموسم مرتفعة جدًا، "فالمحصول غزير والجودة عالية، ولكن جائحة كورونا أطاحت بهذه التوقعات أرضًا".

ثاني مواسم فلسطين 

ويُعدُّ موسم العنب في فلسطين، ثاني المواسم الزراعية بعد موسم الزيتون من حيث الكمية، ويساهم في 12% من مجمل الإنتاج الزراعي الفلسطيني.

وتتركز هذه الزراعة في محافظتي الخليل وبيت لحم جنوب الضفة الغربية، وخاصة في بلدات الخضر، وبيت أمر، وحلحول، والعروب، وسعير، والشيوخ، ودورا، التي تشتهر بزراعة 15 صنفًا من العنب.

المهندس خليل نعمان من بلدة "حلحول"، وهو مزارعٌ ومختصٌ بتسويق العنب، يرى أن جائحة كورونا كانت الضربة القاسية لمزارعي العنب، "فالتسويق انخفض بنسبة 50% عن السنوات السابقة، بسبب الإغلاقات، ومنع التصدير إلى الداخل الفلسطيني وقطاع غزة، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين في الخليل والضفة الغربية".

جائحة كورونا كانت الضربة القاسية لمزارعي العنب، "فالتسويق انخفض بنسبة 50%، بسبب الإغلاقات، ومنع التصدير إلى الداخل الفلسطيني وقطاع غزة، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.

وهذا العام، وبسبب "كورونا" وقيود التجمعات، لم يتمكن المزارعون من تنظيم مهرجان العنب السنوي، الذي كانوا يعتمدون عليه بشكل كبير في تسويق محصولهم، وكان يتيح للمزارعين التعاقد مع تجارٍ كبار، وبأسعارٍ عالية.

وبالأرقام، وصل متوسط سعر كرتونة العنب إلى 45 شيكلًا خلال العام الماضي 2019م، وترتفع هذه النسبة في حال البيع  للتجار الفلسطينيين من الداخل المحتل، الذين كانوا يعقدون صفقات لشراء كميات كبيرة، ولكن هذا الموسم لم تزد سعر كرتونة العنب عن 20 شيكلًا فقط".

وهذه الأسعار، بحسب نعمان، بالكاد تغطي تكلفة الإنتاج للمزارع الذي يهتم بكروم العنب طوال العام، وتكلف رعايته مبالغ طائلة، متوقعًا الربح خلال موسم التسويق الذي لا يتعدى الشهرين، "ولكن هذا العام كان كمن عمل عامًا كاملًا بلا مقابل".

وتوقع نعمان، الذي يزرع 10 دونمات من أرضه بالعنب، أن المزارعين الذين لا يملكون مصدر رزقٍ إضافي، لن يستطيعوا العام المقبل الاعتناء بأراضيهم كما السنوات السابقة، "فالعنب بحاجة لتكاليف عالية، ومع حجم الخسارة هذا العام، فإن هذا سيلقي بظلاله على الموسم المقبل" يضيف.

"العنب بحاجة لتكاليف عالية، ومع حجم الخسارة هذا العام، فإن هذا سيلقي بظلاله على الموسم المقبل".

ويناشد المهندس نعمان المسؤولين في وزارة الزراعة الفلسطينية، للعمل على تعويض المزارعين، "ولو جزء بسيط من خسارتهم، ليتمكنوا من تغطية تكلفة رعاية كرومهم للعام المقبل" يزيد.

منتجات العنب لم تسلم أيضًا

ولكن ماذا يعني أن يقوم المزارع بتصنيع العنب بدلًا من بيعه؟ يجيب مدير جمعية حلحول التعاونية رائد أبو يوسف بقوله: "بيع العنب مباشرةً يتيح الربح للمزارع ثلاثة أضعاف ربح تصنيعه إلى منتجاتٍ أخرى، سواءً عصير العنب، أو الملبن، أو الدبس، أو الخل، هذا بالإضافة إلى الوقت والجهد الإضافي في التصنيع ومشاكل التسويق".

جمعية حلحول تقوم أيضًا بعصر العنب وتصنيعه وبيع منتجاته، وبحسب أبو يوسف، فإن العنب المعصور هذا العام بلغ أربعة أضعاف، الكمية التي كانت تصنعها الجمعية سنويًا، بسبب الفشل في تسويق العنب طازجًا.

العنب المعصور هذا العام بلغ أربعة أضعاف، الكمية التي كانت تصنعها الجمعية سنويًا، بسبب الفشل في تسويق العنب طازجًا.

 وحتى هذه المنتجات لم تسلم من تأثير "كورونا"، يؤكد أبو يوسف، مبينًا أن جمعيته التي كانت تبيع كامل ما تصنّعه من المنتجات العنب قبل الموسم التالي، لا يزال إنتاج الموسم الفائت مكدسًا في مخازنها، بسبب الإغلاقات التي رافقت كورونا طيلة العام الجاري، وعدم القدرة على تسويقه.

ومع ذلك، تستمر الجمعية في العمل على استقبال محصول العنب من المزارعين، كي لا يضطروا إلى إتلاف محاصيلهم وتكبد خسائر جسيمة.