ليلى خالد تواجه "العنصرية الرقمية": لن يُسكِتوا صوتي
تاريخ النشر : 2020-10-08 20:11

نابلس/ شبكة نوى- فلسطينيات:

"منعوني لكنهم لم يُخفِتو صوتي" هكذا ردّت السياسية الفلسطينية ليلى خالد (76 عامًا) على قرارِ إدارة منصة "زووم" الشهيرة، التي منعتها المشاركة بحلقة نقاشية كان من المقررِ عَقدها عبرَ الإنترنت، بجامعة سان فرانسيسكو الحكومية الأمريكية، في الثالث والعشرين من سبتمبر(أيلول) الماضي.

وتذرّعت "زووم" بانتماء المناضلة الفلسطينية المعروفة، إلى ما عدّته "منظمة إرهابية"، وبسبب عدم قدرةِ الجامعة على تأكيد ما هو خلاف ذلك، توصّلت إلى قرارٍ بأن الاجتماع "ينتهكُ شروط الخدمةِ الخاصة بالشركة" كما ورد في تصريحٍ لها.

وجاء إجراء المنصة الإلكترونية، إثر حملةٍ مضادة، شنتها جماعات معادية للفلسطينيين وحقوقهم، وناشطين داعمين لدولة الاحتلال الإسرائيلي، من بينها منظمة "ذا لوفر بروجكت"، التي تدعم المجتمعات اليهودية في أمريكا، التي لعبت دورًا كبيرًا في إلغاءِ الندوة، مدعيةً أن "زووم" باستضافتها ليلى خالد، تُعرّضُ نفسها للمساءلةِ الجنائية، بحجة "تقديم دعم مادي أو موارد لمجموعة إرهابية".

وردّت إدارة جامعةِ سان فرانسسكو على لسانِ رئيستها لين ماهوني بأن "من حق الجامعة استضافة متحدثين مثيرين للجدل لإلقاء محاضرات، وأنها لا تتفقُ مع قرارِ المنصة، لكنها تُقرُّ بحقها كشركةٍ خاصة في تطبيق سياساتها".

ليلى خالد عضو الجبهةِ الشعبيةِ لتحرير فلسطين، التي شاركت في عمليتي اختطاف طائرتين خلال عامي 1969م، و1970م، قالت في مقابلة خاصة لـ"نوى": "نحن نتعرض لهجمةٍ شرسة في كل أنحاء العالم، ضمن سياسة تكميمِ الأفواه، وخطة التضييق على المحتوى الفلسطيني ليست بجديدة".

وعدّت خالد قرار المنصة دليلًا لخضوعِ إدارتها للمعايير الإسرائيلية، ولإرادة المنظمات اليهودية العُنصرية، التي شنت حربًا على الجامعة لاستضافتها.

تقول خالد: "إن الرواية الفلسطينية الحقيقية، يجب أن تصلَ مهما كلف الثمن، ويوميًا يُرصدُ كمٌ كبيرٌ من الملاحقةِ للمحتوى الفلسطيني الذي يؤكد كذبَ الروايةِ الإسرائيلية، ويساهم في تعريتها وإثبات زيفها أمام المحافل الدولية".

وطالبت الجهات الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية، بالتحرك لصد "الضغوطات والممارسات القمعية التي تَمنعُ التعددية من زووم وغيرها من التطبيقات".

حظر مشترك

لم يقتصر المنعُ على منصة "زووم"، بل إن شركةَ "يوتيوب" في اليوم ذاته الذي كان مقررًا لانعقاد الندوة، وبعد 23 دقيقة من شروعِ ليلى خالد في مناقشةِ حق الشعوب التي تَرزحُ تحت الاحتلال في المقاومة واستخدام  السلاح، قطعت البث المباشر مع رسالةٍ للمتابعين مَفادها "إن المحتوى تَمت إزالته، لانتهاكهِ شروط الخدمة الخاصةِ بموقع يوتيوب".

كما حذفت شركة "فيسبوك" صفحة الفعالية، بحجةِ انتهاكها سياسة الشركة، التي "تمنعُ دعم أو تمثيل المؤسساتِ والأفراد الخطرين".

يقول مدير مركز صدى سوشال (مركز فلسطيني يوثق الإنتهاكات الإلكترونية) إياد الرفاعي لـ "نوى": "إن توجه منصة زووم  وغيرها يثيرُ المخاوفَ بشأنِ مزيدٍ من التضييق على الأنشطةِ الفلسطينيةِ المختلفة، التي تتحدث عن القضيةِ الفلسطينية"، مضيفًا: "ما يثيرُ القلق هو قابلية إدارة زووم للخضوع للضغوطاتِ الموجهة ضد سياسين فلسطينين".

الرفاعي: "ما يثيرُ القلق هو قابلية إدارة زووم للخضوع للضغوطاتِ الموجهة ضد سياسين فلسطينين".

ويشير الرفاعي إلى أن الفلسطينيين وبسبب جائحة "كورونا" جاروا العالم باستخدام منصة زووم وغيرها، من أجل إتمام متطلبات التعليم عن بعد، وترتيب الاجتماعات والمؤتمرات، "وبذلك فإن أي عنوان قد يندرج تحت مضمون القضية الفلسطينية أو المقاومة أو الحرية، سيتم منعه، وهذا يعني السطوة الحقيقة على الحياة الرقمية والتكنولوجية للفلسطينيين".

وفي هذا السياق، يوصي باستحداث بدائل فلسطينية، عن التطبيقات الشهيرة وعلى رأسها "زووم"، وعلى الجانب السياسي، يرى أهمية إرسال دعوات لإدارات تلك التطبيقات، تدعوها للتوقف عن محاصرةِ المحتوى الفلسطيني، والتوجه لمنظمات عالمية تحمي الحقوق الرقمية.

انتهاكات يومية

وكان مركز "صدى سوشال"، رَصَدَ 61 انتهاكًا ضد المحتوى الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي خلال شهري يوليو(تموز)، وأُغسطس (آب) الماضيين، جُلها من قبلِ موقع "فيسبوك".

وفي عام 2019م، وثق المركز قرابة 1000 حالة انتهاكٍ بحق المحتوى الرقمي الفلسطيني، على مختلف المنصات الرقمية.

في عام 2019م، وثق مركز "صدى سوشال" قرابة 1000 حالة انتهاكٍ بحق المحتوى الرقمي الفلسطيني، على مختلف المنصات الرقمية.

ومع انتشار فيروس "كورونا"، ازدادت شعبية تطبيق "زووم" بشكلٍ لا مثيل له، فمع سهولة الاستخدام، أصبح الملايين حول العالم مضطرين لاستخدامه لأغراض العمل والدراسة والترفيه عن بعد. رغم التحذيرات من ضعف شروط الخصوصية والأمان الشخصي عليها.

وجاء في بيانٍ أصدره مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، بالتعاون مع الائتلاف الأهلي للحقوق الرقمية الفلسطينية، وعدة تجمعات داعمة للقضية الفلسطينية، أن "منصة زووم تتورط في التمييز الرقمي ضد الفلسطينيين".

وفي ظل تصاعد الجائحة منذ بداية العام الحالي، ازداد انتشار شركات التواصل الرقمية، التي يزداد عدد روادها يوميًا حتى وصل الرقم إلى حد 300 مليون شخص يوميًا، من بينهم 90 ألف مدرسة من أكثر من 20 دولة. أما عن المنصات الأخرى، فيقدر عدد مستخدمي خدمات شركة فيسبوك بـ 3 مليار مستخدمٍ شهريًا، ما بين منصة فيسبوك، إنستغرام أو واتساب، فيما يقدر عدد مستخدمي يوتيوب حوالي بـ 2 مليار مستخدم شهريًا.

وبالنظر لكل هذه المعطيات، تقول المؤسسات الموقِّعة، إنه من غير الممكن الاستغناء عن خدمات هذه الشركات بشكلٍ كليّ، لإقامة حدث ضخم رقميًا، لكنها طالبت في الوقت ذاته، هذه الشركات والمنصات بالالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإلغاء التمييز الرقمي بحق الفلسطينيين.

وأشار الموقّعُون إلى وثيقة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة رقم (A/HRC/32/L.20) "بشأن تعزيز وحماية حقوق الإنسان على الإنترنت، والتمتع بها" إلى الحقوق الرقمية كجزء من حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي والإنترنت.

و"في الوقت الذي أصبحت المنصات الرقمية تشكل مساحةً لممارسة الإنسان لحقوقه الأصيلة، وحرياته الأساسية والتمتع بها، لا بد للشركات التجارية بما فيها التكنولوجية، الالتزام التام بمعايير حقوق الإنسان الدولية والقانون الدولي الإنساني".

وطالبت منظمات حقوق الإنسان هذه المنصات بتجنب الخضوع للضغوط الخارجية، سواء ضغط الحكومات أو جماعات الضغط، التي تسعى لفرض الرقابة على الخطاب السياسي المشروع، والمساس بالحق في حرية الرأي والتعبير.