الاحتباس الحراري.. هل ينقذ "كورونا" الأرض؟
تاريخ النشر : 2020-09-16 22:44

صيفٌ حارٌ جداً، ونسبة رطوبةٍ عالية لم يعهدها سكّان قطاع غزة من قبل، طالت البقعة المحاصرة منذ نحو 14 عامًا خلال الأسابيع القليلة الماضية.

ولأجل حظِّ غزة، فقد تزامن ارتفاع درجات الحرارة، مع تفاقم أزمة الكهرباء التي أضحت بعمر الحصار، لولا أنها تفاقمت حينها لتصل إلى 16 ساعةً من القطع اليومي.

تساؤلات المواطنين العفوية عن سبب ارتفاع الحرارة هذا العام، ذهبت بأصحابها للتفكير بجائحة "كورونا" كصاحبة يدٍ في ذلك، ما دفع بمؤسسة "إنقاذ المستقبل الشبابي" إلى عقد لقاءٍ بعنوان "تأثير جائحة كورونا على التغير المناخي" عبر منصة "زووم" لتفصيل الأمر.

يتوقع العلماء أن ترتفع درجة الحرارة خلال قرنٍ قادم أكثر من خمس درجات، ما يعني أن منسوب مياه البحر سيرتفع، وعليه: ستفشل الكثير من المحاصيل الزراعية، وستزدهر أنواعٌ جديدة من الميكروبات، وأخيرًا ستختفي السلة الغذائية.

"إذن تأثير التغير المناخي يتعدى مسألة ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها"، يقول رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية د.أحمد حلس، الذي تحدث خلال اللقاء عن أن كوكب الأرض شهد خلال الـ (30) عامًا الأخيرة، ارتفاع الحرارة درجةً ونصف، وتغيرًا في نمط الأمطار فيه، إذ باتت تهطل في فترةٍ وجيزة خلال فصل الشتاء، بينما باقي الفصل يتواصل جافًا بلا مطر، "ما أثر سلبًا على الخزان الجوفي، وألقى بتبعات ذلك على الأراضي الزراعية".

ويضيف: "الأمر مرتبطٌ بقطاع المياه والتربة والإنتاج الزراعي والتنوع الحيوي البحري أيضًا، نحنُ نتحدث عن ازديادٍ مُطّردٍ للغازات الملوِثة للبيئة كثاني أكسد الكربون، وغازات النيتروجين، ومخرجات حرق الوقود التي يُعدُّ من أهم صفاتها أنها تسبب الاحتباس الحراري".

الاحتباس –وفقًا لحلس- سيحدث بسبب الكميات الهائلة التي تستهلك من الوقود للطائرات، والمصانع، والبراكين، وحرق الغابات، واقتلاع الأشجار، "وهو ما يوضح الأثر الخطير للتغير المناخي الذي يحدث تحولًا كاملًا في طبيعة الأراضي، إذ تتحول المناطق التي كانت تغرق سنويًا بمياه الأمطار، إلى أراضٍ جافة، بينما الأراضي التي تتميز بمناخٍ حار، تنهمر فيها الأمطار بغزارة".

وللمفاجأة، فإن أكثر الدول فقرًا، وبعدًا عن التأثير المناخي، ستكون أكثرها تأثرًا به، يشرح حلس ذلك بقوله: "الدول الغنية هي الأقل هشاشة، وبالتالي مستوى التأهب سيكون أعلى، والقدرة على الصمود أمام الآثار الوخيمة لهذه التغيرات ستكون أعلى".

ومن الآثار المتوقعة في فلسطين (والحديث لحلس) أننا كفلسطينيين، سنعاني من شح المياه، وهو ما بدأ يحدث فعلًا، إذ أن الخزان الجوفي لا يتم تغذيته بأكثر من 70% من احتياجاتنا، وهو ما سينعكس على الزراعة وخصوبة التربة، وسيؤدي إلى اختفاء زراعاتٍ ومحاصيل، وصولًا إلى التصحر بسبب الجفاف، ناهيك عن انتشار الأوبئة.

من المخاطر أيضاً التي رصدها حلس وفقًا للبحوث العلمية والدراسات المستفيضة، أن ارتفاع مستوى البحر سيأكل الجزء الغربي من القطاع، بل وسيكون تمهيدًا لكوارث طبيعية أخرى هنا.

أما الحلول التي تحدث عنها رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية، فتتطلب وقفةً جادةً لوضع حد لتغير المناخ من خلال  وقف حرق الوقود،  والبحث عن بدائل صديقة للبيئة، والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة البديلة من خلال استثمار مكبات النفايات لأجل توليدها، لافتًا إلى أن الاستثمار في الطاقة الشمسية، سيخفف من استخدام الوقود، وبالتالي سيقلل من تأثير الانحباس الحراري.

توافقه الرأي المختصة في الصحة البيئية يسر الأطرش، التي أكدت أن "كورونا" فرصة لا تعوض من أجل خفض انبعاث الغازات الملوثة المسببة للاحتباس الحراري، ذاكرةً أنه وبسبب حظر التجول في الكثير من دول العالم انخفضت نسبة انبعاث الغازات بنسبة 8%، وهذا ما يدفعنا للتساؤل –تضيف- هل ستعود الأمور بعد فك حظر التجول إلى سابق عهدها؟

وتأسف الأطرش لعدم وجود جهود جادة لتعديل المسار البيئي في كوكب الأرض، فالتجربة قدمت الفرصة لمتابعة كافة الأعمال من البيت، العمل والتعليم، وذلك من خلال الإنترنت "وهذا يعطي بديلًا آمنًا للسفر والحركة واستهلاك الوقود".