"جوافة" غزة الحُلوة تتجرّع "مُرَّ" كورونا
تاريخ النشر : 2020-09-13 21:42

بلغ اليأس حدَّهُ بمزارعي الجوافة هذا العام، المزارع عبد الله النجار كان ينتظر موسم الحصاد لعله يعوّض بعضًا من ما خسره من مالٍ وجهد في سبيل رعاية محصول أرضه، إلا أن "كورونا" أتت لتقطع حبل التوقعات بموسمٍ جيد، وقضت على أمل التسويق بسبب حظر التجول.

"خد، وتعوّد عاللطم" قالها المزارع النجار بأسى، بعد أن فجعه انتشار الفايروس داخل المجتمع في قطاع غزة أواخر آب/أغسطس الماضي، تزامنًا مع ذروة الموسم، الأمر الذي انعكس على قدرته، وكافة مزارعي الجوافة على تسويق محصولهم حتى على الصعيد المحلي.

يضيف النجار خلال لقاء حوار عقدته الإغاثة الزراعية بغزة عبر تطبيق "زووم": "المشكلة هذا العام أن السوق المحلي مغلقٌ في وجه المحصول، فالتجار لا يستطيعون الوصول لمَزَارِعنا بفعل حظر التنقل، ناهيك عن أن المواطن في ظل الأزمة الحالية يبحث عن أولوياته المتمثلة في الأساسيات، ولن تكون فاكهة الجوافة من ضمنها بأي حالٍ من الأحول"، متمنيًا على وزارة الزراعة أن تضع "الجوافة" في اعتباراتها ضمن خطة الطوارئ المتبعة خلال أزمة كورونا.

في اللقاء الذي جاء بعنوان "أثر جائحة كورونا على موسم الجوافة، وسبل تعزيز صمود مزارعيها"، أوضح المهندس محمد أبو عودة مسؤول دائرة "سلاسل" في مؤسسة الإغاثة الزراعية، أن مشاكل محصول الجوافة ليست فقط تسويقية، لكن الإشكالية أن زراعتها شهدت تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، لتصل إلى 2520 دونمًا بعد أن كانت عام 2000م ثمانية آلاف دونم، لافتًا إلى أن التراجع ليس في المساحة فقط، ولكن في حجم الإنتاج أيضًا، ذلك بسبب المشاكل التي تواجهها زراعة الجوافة، من ملوحة المياه وأمراض التربة.

ووفقاً لأبو عودة، فقد وصل إنتاج الجوافة هذا العام لـ(45%)، مبينًا أن أهم المشكلات التي رصدتها مؤسسة الإغاثة الزراعية، هي "ضعف الصناعات القائمة على محصول الجوافة، بالإضافة إلى كونها تُسوق للمستهلك المحلي كثمار، بعد وقف تصديرها للخارج، وهو ما دفع بالمزارعين للعزوف عن زراعتها والاهتمام بها بشكلٍ كبير".

بدوره، يرد المهندس وائل ثابت مدير عام التخطيط والاستراتيجية بوزارة الزراعة، أن الوزارة اتبعت عدة إجراءات تُسهل للمزارعين الوصول لمزارعهم في أوقات محددةـ، مع اتباع وسائل الوقاية والسلامة.

ولفت إلى أن 25 نقطة بيعٍ مركزية منتشرة في محافظات القطاع، من الممكن توصيل المحصول لها، بالإضافة لتوزيعها على أسواق التجزئة، "لكن الإشكالية، تكمن في أن ثمار الجوافة شديدة الحساسية، لذا يُفضِّلُ كي تبقى بجودةٍ عالية، أن تباع في اليوم التالي مباشرة".

ويرى ثابت أن الحل يكمن في التوجه للصناعات التحويلية، مثل العصائر والمربيات، وهو ما يحتاج إلى تدخل الجهات الداعمة، منبهًا إلى أن المنتج كان في السنوات الماضية يُصدَّر إلى الأردن، ويُوزَّع في الضفة، لكن بسبب الحصار انعكس الأمر على محصول الجوافة كما غيره من المحاصيل.

ويعتقد ثابت بإمكانية إضافة ثمار الجوافة للسلال الغذائية، مع التوجه لزراعة الأصناف المختلفة المبكرة والمتأخرة، لتوالي عملية النضج، وبالتالي عدم وجود فائض في ذات الوقت، مع إتاحة الفرصة لانتهاء باقي أنواع الفاكهة الصيفية، كالعنب والتين والمانجو.

أما جمعية خانيونس الزراعية، فأخذت على عاتقها -وفقًا لمديرها التنفيذي عاهد الأغا- مساعدة المزارعين في نقل المحصول للأسواق، "ولهذا فالإشكالية ليست في عملية النقل فقط، وإنما في الوضع الاقتصادي العام الذي أثر على المحفظة الشرائية لدى المواطن، وانعكاسه على تسويق محصول الجوافة" يقول، منبهًا إلى أن الجمعية اتجهت للاتفاق مع أصحاب ثلاجات، لتفريز الجوافة، "لكن هذا الحل لا يغطي الكمية الفائضة من المحصول".

من جهته، ذكَرَ باسل اليازوري المسؤول في الشركة الوطنية للصناعات الغذائية، أن ذات المشكلة تتكرر كل عام، مستدركًا: "لكن هذا العام المشكلة أكبر بسبب جائحة كورونا".

ويؤكد أن شركته تأخذ حصتها السنوية من الجوافة وفق معاييرٍ وشروطٍ محددة، إلا أن المطلوب لمواجهة الأزمة رفع ثقافة المستهلك نحو أهمية استهلاك محصول الجوافة كما المنتجات الأخرى، لأن حصة الجوافة من الأنواع الأخرى للعصائر لا تتجاوز 15%.

وترى الشركة أن أحد أهم المخارج من هذا المأزق، يكمن في صناعة المربى، "لكن الأمر أيضًا مرتبطٌ بتعزيز ثقافة المستهلك نحو المنتج المحلي عمومًا"، مشيرًا إلى ضرورة عمل وزارة الاقتصاد على هذه النقطة تحديدًا من خلال "وقف استيراد عصير الجوافة من مصر، أو تخفيض نسبة الاستيراد لصالح المنتج المحلي، الذي يفوق المواصفات المطلوبة من حيث الجودة ونسبة التركيز" يقول.

في حين نبّه المهندس الزراعي في الإغاثة الزراعية مصطفى الفيومي، إلى أن  القيمة الصحية للجوافة كبيرة جدًا وفقًا للبحوث الطبية وتوصيات الأطباء، إذ تحتوي على نسب مضاعفة من فيتامين C الذي يحتاجه الجسم لتقوية مناعته، "وسيكون مجديًا جدًا لو تم الترويج لهذا المحصول خلال هذه الفترة لدوره في مواجهة "كورونا" يضيف.

ويقترح الفيومي إطلاق حملة توعية وترويج للمحصول، على اتجاهين، الأولى لحث المواطنين على استهلاكه من ناحية صحية، والثانية من ناحية وطنية دعمًا للمنتج المحلي، "فعملية التخزين لهذا المحصول تواجه مشكلة كبيرة".

في الوقت الذي طرح فيه علي وافي فكرة توزيع عصائر الجوافة الطازجة على مراكز الحجر، باعتبارها استجابةً طارئة لإنقاذ الموسم، وفي الوقت ذاته مساعدة المصابين بكورونا على تجاوز أزمتهم الصحية.