مرضى غزة وطريقُ العلاج المُلغّم بـ "كورونا"
تاريخ النشر : 2020-09-07 21:13

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

يخشى المواطن محمد أبو حجر أن يصاب بفايروس "كورونا"، هو أو أي أحدٍ من أفراد أسرته، "فذلك إن حدثَ لا قدر الله، سيُقضى علينا جميعًا" يقول لـ "نوى" بنبرةٍ تملؤها الحسرة.

مناعة عائلة محمد ضعيفة، بدايةً برأس الهرم محمد الذي يعاني ضغط الدم المرتفع، مرورًا بزوجته التي تعاني آلام المفاصل والغضروف، وليس انتهاءً بابنه نضال ابن الأعوام السبعة الذي يعاني نقص المناعة، والآخر الذي أصيب بسرطان العظام.

"لا أستطيع تنفيذ التوصيات بضرورة تعزيز جهاز المناعة لمواجهة الفايروس بالأغذية الصحية، في الوقت الذي أحصل فيه –إن كنتُ محظوظًا- على علاج أفراد أسرتي من قبل بعض المؤسسات الخيرية والصيدليات".

يضيف الرجل: "للأسف أنا لا أستطيع تنفيذ التوصيات بضرورة تعزيز جهاز المناعة لمواجهة الفايروس، بالأغذية الصحية، والمكملات المفيدة، في الوقت الذي أحصل فيه –إن كنتُ محظوظًا- على علاج أفراد أسرتي من قبل بعض المؤسسات الخيرية والصيدليات".

يلفت أبو حجر إلى أن علاج نقص المناعة في الأراضي المحتلة، تصل تكلفته في الأسبوع الواحد إلى ١٥٠٠ شيقلًا، وقد يحتاج في الشهر الواحد لرحلتَي علاج، قائلًا: "استخدام المكملات الغذائية لطفلي الذي يعاني نقص المناعة باستمرار، أفقدها الفاعلية، مما جعله يحتاج إلى علاجٍ أقوى وأغلى سعرًا".

ويردفُ بألم: "حتى ابني المصاب بالسرطان، لا أستطيع توفير علاجه بسبب سوء وضعي الاقتصادي"، متساءلًا: "عن أي تعزيزٍ للمناعة يتحدثون، وأنا بالكاد أوفر احتياجات أسرتي الأساسية؟".

معاناة المواطنين في غزة –لا سيما المرضى منهم- تفاقمت مع أولى لحظات الإعلان عن تفشي "كورونا" داخل القطاع المحاصر منذ أكثر من 14 عامًا، عندما فُرِضَ حظر التجوال، وأُغلقت الطرقات في وجه عمال اليومية، والساعين إلى رزقهم بين الأزقة.

بعد "كورونا" وفرض الحجر المنزلي، أضيفت إلى معاناة المرضى -من أصحاب الدخول البسيطة- معاناة أكبر، عندما لم يعودوا قادرين على توفير أدنى متطلبات حياتهم حتى.

قبل الحجر كان المرضى –من أصحاب الدخول البسيطة- يحصلون على علاجاتهم عبر المؤسسات الخيرية، أو عيادات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أنروا"، لكن بعد "كورونا" وفرض الحجر المنزلي، أضيفت إلى معاناتهم معاناة أكبر، عندما لم يعودوا قادرين على توفير أدنى متطلبات حياتهم، ومن بينها العلاج، أو السفر إلى الخارج لتلقي الرعاية الصحية اللازمة.

المواطنة فايزة العروقي (60 عامًا) من سكان مخيم الشاطئ، تعاني من أمراضٍ مزمنة عدة أبرزها تجمُّع الماء على الرئتين، وضغط الدم المرتفع دائمًا، وخشونة الركبتين والغضروف.

العروقي تعيش بلا معيلٍ عقب وفاة زوجها بعد معاناة طويلة مع أمراض الضغط والسكري والقلب، ليصاب أخيرًا بجلطةٍ دماغية أودت بحياته.

اشتكت السيدة بصوتٍ يخنُقُه الألم، من عدم قدرتها على توفير العلاج اللازم، فقالت: "أشتري الأدوية اللازمة من شيك -الشؤون- التنمية الاجتماعية، حتى أنني أستدين من الصيدلية أحيانًأ كثيرة، أو أطلب المساعدة من الأهل والجيران، في حال تأخَّرَ موعد صرف الشيك".

في منزل العروقي أيضًا، من يعاني المرض! هناك نجلها المريض بتصلب العمود الفقري، الذي يحتاج كل 6 شهور إلى إبرةٍ سعرها يصل إلى 1000 دولار.

في منزل العروقي أيضًا، من يعاني المرض! هناك نجلها المريض بتصلب العمود الفقري، الذي يحتاج كل 6 شهور إلى إبرةٍ سعرها يصل إلى 1000 دولار.

تقول: "ابني يبيع السجائر على زاوية الشارع لتوفير الطعام، لكن مع أزمة فايروس كورونا، والحجر المنزلي، أصبحنا من دون مصدر رزق".

نادية سرور، مواطنة ثلاثينية من سكان حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، هي الأخرى، وقبل انتشار "كورونا" كانت لا تستطيع توفير علاجها اللازم، "فما بالنا اليوم، وأنا ممنوعة من الخروج من المنزل؟" تتساءل.

وتعاني سرور من زيادة الماء حول الدماغ، والتضخم في حجراته، وكانت قد أجرَت خمس عمليات متتالية خلال التسعة أعوام الأخيرة، كلها في الدماغ.

تقول بصوتٍ ضعيف وبائس: "لا أملك حيلة، كلما سمعت باكتشاف إصابات جديدة، يزداد قلقي وخوفي، كيف سأستطيع إنقاذ أسرتي من ألمي وضعف مناعتي، وهل سأكون بسبب ذلك ناقلةً للعدوى يومًا ما؟".

من جهته  أكد عدنان أبو حسنة، المتحدث الإعلامي باسم "أونروا" بغزة، أن وكالة الغوث، وفرت خطًا ساخنًا للتواصل مع المواطنين في ظل انتشار فايروس "كورونا"، خصوصًا أولئك المصابين بالأمراض المزمنة.

ولفت إلى أن "أونروا" أعدت خطة مسبقة، وجدولًا بأسمائهم كخطوةٍ احترازية من أجل إيصال العلاجات اللازمة لهم إلى منازلهم، مما يضمن حمايتهم، والحد من تعرضهم لخطر الإصابة بالفايروس، قائلًا: "طاقمنا يتحرك وفق برتوكولات محددة لتطبيق ذلك، وإيصال العلاج اللازم لأماكن سكناهم".

"قدمت "أونروا" علاجات للكثير من الأمراض المزمنة، التي تقوم الوزارة بدورها بتوزيعها على المستفيدين من مستشفياتها وعياداتها المنتشرة على مستوى القطاع، عبر منظمات العمل الإنساني".

وأشار أبو حسنة إلى تعاون الأونروا مع وزارة الصحة الفلسطينية، "حيث قدمت كميات كبيرة من العلاجات اللازمة للأمراض المزمنة وغيرها، التي تقوم الوزارة بدورها بتوزيعها على المستفيدين من مستشفياتها وعياداتها المنتشرة على مستوى القطاع، عبر منظمات العمل الإنساني".