ثلاث رصاصاتٍ أصابت قلب قطاع المقاولات بغزة
تاريخ النشر : 2020-08-12 15:08

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

حالةٌ من الإرباك يعيشها المقاول وليد نصار، إثر الخسائر الكبيرة التي مُنيَ بها نتيجة فقدانه جملةً من العطاءات منذ فترة طويلة، بسبب عزوف الدول المانحة عن التمويل في ظل انتشار جائحة "كورونا".

حاول الرجل مرارًا تعزيز صموده من خلال الاستثمار الخاص في المنشآت الصغيرة، لعله يحافظ على رأس ماله من العاملين معه، "لكن قطاع المقاولات يمر بحالة موتٍ سريري تحت قبضة ثلاث مشكلات: الحصار، وتوقف التمويل بسبب "كورونا"، والازدواج الضريبي، الذي عرّض عددًا كبيرًا من الشركات، لخسارةٍ ماليةٍ وعمّالية، وتدهور كبير" يقول.

يضيف: "اضطررتُ للاستغناء عن قرابة (20 عاملًا) تتنوع تخصصاتهم ما بين: بنّائين، وسباكين، وعمال بلاط، وكهرباء، ودهان، فعجلة البناء تعمل بشكل متشابك مع القطاعات الأخرى، ولا يمكن الاستغناء عن أي جزء حتى إتمام تسليم أي مشروع"، مستدركًا: "لكن الظروف السيئة التي تمر بها شركات المقاولات، دفعتنا لتقليص التعاون مع عددٍ من  شركات الصناعات الأخرى، كذلك تسريح عدد من العاملين يبلغ عددهم 15 عاملًا".

يؤكد المقاول نصار أن قطاع المقاولات والإنشاءات، من أكثر القطاعات التي تأثرت سلبًا  بفعل الحصار والانقسام الفلسطيني، وزيادة حجم الضرائب من قبل الحكومتين، الأمر الذي أدى إلى إفلاس الشركات، ودخول بعض أصحابها السجون بسبب تراكم الديون، والشيكات المرجعة. يتابع: "جائحة كورونا دفعت بنا للتوقف عن العمل كليًا، من جهتي بلغت خسارتي تقريبًا 200 ألف  دولار أمريكي، وفي المقابل لم أحصل على أي تعويض، أو حتى مناقصات لتعويض الخسارة".

 ويعتمد قطاع المقاولات في غزة على عدة جهات تمويلية، الأولى محلية، وتأتي عبر الموازنة التطويرية في الموازنة السنويّة للسلطة، إضافةً إلى مخصصات وزارة الحكم المحلي وصندوق تطوير البلديات، وتخصيص شركات القطاع الخاصّ -البنوك وشركات الاتصالات، جزءًا من أرباحها السنويّة، لمشاريع البُنَى التحتيّة ضمن التزامها بالمسؤوليّة الاجتماعية.

أما القسم الثاني، فمصدره خارجي، ويأتي عبر تمويل جهات دوليّة كمشاريع البنك الدوليّ، والبنك الإسلاميّ للتنمية، والتمويل المباشر من الولايات المتحدة،  ودول عربيّة وأوروبيّة.

ياسر أبو زيادة، هو الآخر صاحب شركة مقاولات، يقول: "إن قطاع المقاولات يعاني أزمة حقيقية منذ بداية الحصار، وما تبعها من عقوبات السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، ثم الازدواج الضريبي الذي تدفعه الشركات،  فالأزمة ليست مستحدثة بل قديمة منذ ما قبل وباء كورونا، ولكن بسبب توقف المنح والتمويل الخارجي، توقّفَ عمل الشركات بشكل أكبر مؤخرًا، وظهرت نتائجُها على السطح بشكل واضح جدًا".

ولا ينحصر تأثير المعضلة على شركة المقاولات وحسب، بل يمتد نحو عدة قطاعات اقتصادية أخرى، "وربما هذا ما دفع بعض شركات المقاولات ومن بينهم شركتي، لتخفيض ثمن العطاءات إلى أقل من سعر التكلفة،  دون تحقيق أي جزءٍ من الأرباح، مقابل أن يظل اسم الشركة موجودًا في السوق، بعمالها، وعلاقاتها مع شركات الصناعات الأخرى" يتابع.

ووفق ما ذكر زياد، فإن سوق المقاولات يعتمد بشكل أولي على المنح، وإذا فُقِدَت توقف العمل بالكامل، ناهيك عن العجز في السيولة النقدية، وبالتالي الكمية الشرائية، "وتدني أسعار مواد البناء بدوره، ساعد في انهيار هذا القطاع أيضًا" يعلق.

ويشتكي  أصحاب شركات المقاولات، كمية الضرائب المفروضة عليهم من قبل الحكومتين في رام الله وقطاع غزةـ، فرغم تعرض أصحاب  قطاع الإنشاءات والمقاولات للخسارات المتزايدة، إلا أنه لم يتم إعفاؤهم من الرسوم الضريبية، وكذلك لم يتم تعويضهم في ظل جائحة كورونا.

وكان اتحاد المقاولين في قطاع غزة، أصدر بتاريخ 3 آيار/ مايو الماضي، بيانًا طالب فيه الحكومة الفلسطينية دفع المبالغ المستحقة لمقاولي غزة، التي تزيد على 50 مليون دولار، "فهي تشكل رأس مال نقدي لغالبية شركات المقاولة في غزة، التي تم رصدها منذ 12 عامًا".

وأشار البيان الى أن قطاع المقاولات تدهوَرَ نتيجة تعرض الشركات لخسائر بملايين الدولارات، ناهيك عن تسريح مئات العاملين فيها، موضحًا أن العاملين في قطاع الإنشاءات يشكلون قرابة 22% من نسبة العمالة الفلسطينية.

 وتقدر عدد شركات المقاولات في قطاع غزة، بقرابة ثلاثمئة شركة، لا يعمل منها سوى مئة.

من جانبه، أكد أمين سر اتحاد الصناعات الإنشائية، محمد العصار، انهيار قطاع الإنشاءات والمقاولات في قطاع غزة، كونه مرهون بالواقع الاقتصادي القابع تحت الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 12 عامًا، بالإضافة إلى عدة عوامل أخرى، منها إغلاق المعابر، وتضييقيات الاحتلال الاسرائيلي، وأخيرًا جائحة "كورونا" التي أدت إلى تراجع الدعم والتمويل، وإيقاف العديد من المشاريع الدولية.

 يزيد: "معظم المشاريع الدولية متوقفة بسبب التمويل، هذا ما دفع بعض شركات المقاولات، ورجال الأعمال، إلى الاستثمار في مشاريع صغيرة، رغم ذلك لا يمكننا القول إن هذا أدى لتحرك عجلة المقاولات".

ونبه العصار الى أن هنالك  تراجعًا في ثمن دونم الأرض الواحد بنسبة 50%، وتدنيًا في أسعار ثمن الأسمنت، "ورغم ذلك لم يزد الطلب"، موضحًا أن عدم الإعفاء الضريبي، وزيادة قيمة الترخيص على كاهل أصحاب الشركات من قبل الوزارات والجهات المختلفة وعلى رأسها وزارة الاقتصاد، ناهيك عن إيجار الأرض والعمال، مقابل الانخفاض الكبير في عطاءات المقاولات، عرَّضَ القطاع لمزيد من التدهور.