غزة.. تجار الحلال "كعب داير" في أسواقٍ خاوية
تاريخ النشر : 2020-07-20 11:24

خانيونس:

"لا بيعة ولا شروة" بهذه العبارة لخّصَ عيّاد أبو الفيتا -وهو أحد تجار الحلال- حال السوق مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، وأضاف: "أتنقل من سوقٍ إلى آخر من شمال قطاع غزة إلى جنوبه دون جدوى".

ينتظر أبو الفيتا موسم "الأضحى" بفارغ الصبر كل عام، إلا أن واقع الحال هذا العام كان بالنسبة له صادمًا، عندما وجد ضعفًا في الإقبال، "رغم أن الأسعار في متناول الأيدي" على حد قوله.

يعزو أبو الفيتا حالة الركود تلك إلى تأخر صرف رواتب موظفي السلطة الوطنية "الشريحة الأساسية القادرة على تحريك السوق في موسم العيد".

وتنتشر أسواق الحلال في مختلف مدن قطاع غزة، إذ يُحدّدُ لكل مدينةٍ يومًا يؤمها فيه التجار من سائر المحافظات لتسويق أغنامهم بهدف بيعها وكسب بعض الربح.

على مقربةٍ من أبو الفيتا كانت تقف أم محمد، تمسك بين يديها حبلًا لفّتهُ حول رقبة الخروف الذي كانت تحاول أن تبيعهُ بسعرٍ مناسب، قالت وهي تشد غطاء رأسها الذي كان يخفي جزءًا كبيرًا من وجهها: "السوق نايم، والبيع على الله".

منذ ساعات الفجر الأولى، خرجت أم محمد من دير البلح، متجهةً نحو مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، في محاولةٍ لبيع هذا الخروف، بعد أن فشلت طوال الأسبوع من الحصول على سعرٍ مناسب في شتّى أسواق القطاع".

تُربّي أم محمد بعض الأغنام، لتساعدها على تلبية متطلبات الحياة بعد وفاة زوجها، وافتقادها لمعيل أبنائها، لكنها تبدي حسرةً كبيرةً على ما آل إليه الحال، بسبب انعكاسات الوضع الاقتصادي على معيشة المواطنين في غزة.

ويعمل صلاح أبو جزر في تجارة الحلال منذ ما يزيدُ عن ثلاثين عامًا، إلا أنه يبدو يائسًا لا يرى بصيص أمل، يعلق: "حال سوق الحلال هذا الموسم يعدُّ الأسوأ على الإطلاق".

يلوح بيديه كنايةً عن النفي، ويُكمل: "في مثل هذا الوقت عادةً، لا يمكن دخول المكان (يقصد سوق الحلال) بسبب تكدس التجار والمواطنين الذي يقصدونه لشراء الأضاحي".

غالبية المواطنين اتجهوا للاشتراك في حصة عجل بالتقسيط، في ظل ضبابية الأوضاع الاقتصادية، وانعدام الرؤية فيما يتعلق بالرواتب

نظر إلى ساعة يده التي كان يرتديها: "الساعة لم تتجاوز العاشرة، لقد انفضَّ الناسُ من السوق، بينما كانت الساعة تصل إلى الثانية عشر، بينما البيع والشراء يجري على قدم وساق".

ويرى أبو جزر أن غالبية المواطنين اتجهوا للاشتراك في حصة عجل بالتقسيط، في ظل ضبابية الأوضاع الاقتصادية، وانعدام الرؤية فيما يتعلق برواتب موظفي السلطة الوطنية في قطاع غزة.

وفي الوقت الذي اضطر فيه كثيرٌ من المواطنين إلى التراجع عن شراء الأضاحي هذا العام بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، اتجه كثيرٌ من تجار العجول لاتباع سياسة البيع بالتقسيط، في محاولةٍ لتمرير الموسم بلا خسارة، "حتى ولو بربحٍ مؤجل".

ويصف أبو جهاد الخواجا، وهو تاجر عجول من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حالة الإقبال بأنها ضعيفة، ناهيك عن تأثر العديد من التجار سلبًا بجائحة "كورونا" وتوقف مصالحهم، لافتًا إلى أن الكمية التي أنزلها في مزرعته هذا العام، هي أقل بكثير من المعتاد في موسم عيد الأضحى.

حركة البيع كما يؤكد الخواجا "لا تكاد تُذكر"، مما دفعه إلى اتباع نظام البيع المؤجل، لشريحة الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من حكومتي غزة والضفة الغربية.

 وزارة الزراعة وعلى لسان الناطق باسمها أدهم البسيوني، قالت: "إن قطاع غزة يمر بظروفٍ استثنائية بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، وانعكاساته على الحالة الاقتصادية، بالإضافة لجائحة كورونا".

وذكر البسيوني في تصريحاتٍ صحفية أن قطاع غزة، مستعدٌ لعيد الأضحى المبارك، "إذ يوجد 12 ألف عجل، و30 ألف رأس من الأغنام"، ملفتًا إلى أن هذه الكمية تتناسب مع الظروف الراهنة.

وقال: "من المبكر تقييم الموسم في الوقت الحالي، لأنه من الممكن تعويضه من خلال الجمعيات الخيرية التي تقوم بشراء العجول والأغنام وتوزيعها على الأسر المتعففة".