شركات "الحج".. تسريحٌ "بالجُملة" وأنصاف رواتب!
تاريخ النشر : 2020-07-09 10:36

منذ أكثر من عقد، بدأ محمد عبد الباري (32 عامًا) العمل في إحدى شركات الحج والعمرة بغزة، إلا أن هذا العام "لم تشهد مثله الشركة منذ إنشائها، على ما حمله من ضيقٍ وكرب" يقول.

لم يتقاضَ محمد راتبه منذ ثلاثة أشهر ويكاد يُكمل الرابع، بسبب المخاسر التي مُنيت بها الشركة بسبب إلغاء موسمي الحج والعمرة بسبب جائحة "كورونا".

وكانت المملكة العربية السعودية، أعلنت إلغاء موسم الحج لهذا العام، واقتصار أداء الفريضة على عددٍ محدد من الحجاج المحليين، الأمر الذي كان بمثابة "ضربة قاصمة" لأصحاب شركات الحج في قطاع غزة، كما وصفوه.

يقول عبد الباري: "في مثل هذه الأيام من كل عام، نكون في أوج عملنا، نُحضّر لموسم الحج والسفر إلى مكة المكرمة"، معبرًا بأسف عن حاله الذي صار إليه بعد أن زارته هذه الأزمة مع دخول شهر رمضان، فالعيد.. فعيدٌ آخر في الانتظار "بالكاد أتمكن من تسديد احتياجات زوجتي وأطفالي".

ورغم أن عبد الباري سجّل في أكثر من رابط للاستفادة من المساعدات المقدمة لمن فقدوا عملهم بسبب جائحة "كورونا"، إلا أنه -ومثله المئات من زملائه في قطاع السياحة والسفر-  لم يتلقوا أي مساعدة تُذكر حسب تأكيده.

هذا ما عادت تؤكده أنوار أبو جزر، التي فقدت عملها بسبب جائحة "كورونا" بعد أربع سنوات من العمل في إحدى شركات الحج والعمرة، إذ سارعت للتسجيل في صندوق "وقفة عز"، وإعلان مكتب العمل للمتضررين، وكذلك وزارة السياحة، لكنها لم تحصل على أي تعويض أو مساعدة منذ إعلان حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية.

تتساءل: "إذا كانت كل التقارير الصحفية والبحثية والرصدية، أكدت أن قطاع السياحة هو الأكثر تضررًا من جائحة كورونا، فكيف تم اختيار المستفيدين من تلك المساعدات؟".

وتختم بقولها: "لم أعد قادرة على المكوث في البيت بلا عمل، طرقتُ الكثير من الأبواب، لكنها جميعًا مغلقة".

يعقب رئيس جمعية أصحاب شركات الحج والعمرة عوض أبو مدكور بقوله: "هذا الموسم كان بمثابة ضربةٍ فعلية للشركات، بعد أن ناضلَت منذ عام 2015م، من أجل انتظام موسم العمرة"، مضيفًا: "كان العام الماضي بمثابة بذرة أمل للشركات بعد انتظام رحلات العمرة، فجاءت الجائحة، وأعادتنا إلى المربع الأول".

وفقًا لمدكور، اضطرت شركات الحج والعمرة إلى تسريح (400) عامل، أي ما تقارب نسبته (60%) من نسبة العاملين، بينما تم  تقليص الراتب إلى (50%) لمن تبقى منهم.

وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة، قررت في وقت سابق إعادة الدفعة الجزئية الأولى من رسوم الحج، البالغة (1500) دينارًا إلى أصحابها "المواطنين المقبولين للحج هذا العام"، الذين بلغ عددهم (1245) حاجًّا.

ونبهت الأوقاف إلى أنها ستُجري قُرعةً استكماليةً العامَ القادم للعدد المذكور، بحيث يصل العدد الإجمالي إلى (2508) حجاج، هم نصيب محافظات قطاع غزة.

"لم نعد قادرين على الصمود"، بهذه العبارة بدأ عمر دبابش أحد أصحاب شركات الحج والعمرة حديثه لـ "نوى"، حول آثار إلغاء موسم الحج بسبب جائحة "كورونا".

وقال: "كنا قد بدأنا نتنفس الصعداء مع فتح باب العمرة خلال العام الماضي، بعد تعطيله لأربعة أعوام متواصلة، وما أن بدأت الشركات تعود للوقوف على قدميها، حتى جاءت جائحة كورونا لتعيدها إلى حال أشد سوءًا من الأول، هذا أضعف مقومات صمودها، وأدى إلى انهيار عدد كبير منها".

لم يخفِ دبابش اضطراره لتقليص موظفي الشركة من ستة إلى اثنين، وبنصف راتب، يعبر بقوله: "صرتُ أقطع من اللحم الحي لأتمكن من الاستمرارية في ظل هذه الظروف".

وتابع بنبرة استهجان: "كل من استفاد من برامج الدعم والمساندة الحكومية، هم 5 شركات من أصل 75 شركة، في الوقت الذي تؤكد فيه التقارير الرسمية، أن قطاع الحج والعمرة الأكثر تضررًا من الجائحة".

يؤكد دبابش أن الحكومتين في غزة والضفة، مطالبتان بمساندة ودعم هذا القطاع، بأكثر من مجرد الكلام، معقبًا: "كل ما حصلنا عليه من الحكومة في غزة هو إعفاء من الضريبة، وإعفاء من ترخيص الحرمة، وتخفيض رسوم تجديد السجل التجاري لأكثر من النصف، أما حكومة رام الله فأعادت لنا رسوم الترخيص كاملة".

يتساءل دبابش: "كيف سنكمل عامنا هذا؟ إلى أين سيأخذنا هذا الوضع المتردي؟ هل سنضطر في الفترة المقبلة لإغلاق الشركة، والانضمام كلنا إلى طوابير البطالة الطويلة في قطاع غزة؟"، "كلها سيناريوهات محتملة" كما يؤكد دبابش في ظل حالة الضبابية التي تحيط بمصير قطاعات الاقتصاد كافة، بسبب جائحة "كورونا".