لقاءات "الوحدة".. "سلحفاة" في سباق "الضم"!
تاريخ النشر : 2020-07-04 22:24

غزة:

دخلت ما تُسمى "خطة الضم الإسرائيلية" التي يفترض أن تستولي "إسرائيل" بموجبها  على 30% من أراضي الضفة الغربية، حيز التنفيذ مطلع يوليو/ تموز الحالي.

ورغم تأجيل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التنفيذ الفعلي باتجاه الاستيلاء التدريجي، إلا أن الموقف الفلسطيني الداخلي، ما زال يسير كما السلحفاة مقارنةً بخطورة المرحلة.

في اليوم الثاني لدخول القرار حيز التنفيذ، عقد طرفا الانقسام في الساحة الفلسطينية مؤتمرًا عبر تقنية "الفيديو كونفرنس"، تحدث فيه من رام الله اللواء جبريل الرجوب، أمين سر حركة "فتح"، ومن بيروت الشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس".

تصريحاتهما كانت وحدوديةً تمامًا، إذ أكدا أن الحركتين ستواجهان معًا كل مشاريع الضم، التي يسعى الاحتلال لتنفيذها بدعمٍ من الولايات المتحدة، "على أساس أن تشمل هذه الوحدة الضفة الغربية وقطاع غزة"، إلا أنها خلت تمامًا –رغم روحها الإيجابية- من الحديث عن خطواتٍ فعلية لإنهاء الانقسام الذي صار بعمر أربعة عشر عامًا، فشلت خلالها كل المحاولات لإنهائه بدءًا من الورقة المصرية عام 2009م، حتى اتفاق القاهرة عام 2017م.

ما الجديد في هذا اللقاء إذن؟ يجيب الناطق باسم حركة "حماس" في قطاع غزة حازم قاسم بقوله: "المؤتمر يحمل مضامين وحدودية على صعيد تشخيص الحالة التي تمر بها القضية الفلسطينية والمخاطر المحدقة بها، لا سيما ما يتعلق بخطة الضم، كما أنه شمل اتفاقًا على صد هذا المخطط بشكل وحدوي، وإصرارًا على تبني "المقاومة" بمفهومها الكامل نهجًا لتحقيق ذلك"، واصفًا الموقف بـ "المتقدم" الذي نَحّى جانبًا "كل الخلافات الهامشية" من أجل تحقيق مصلحةٍ عليا وهي تهئية الأجواء لعملٍ وحدوي مشترك.

قاسم:المؤتمر، هو نتاج جهودٍ بُذلت خاصة من قبل حركة حماس في قطاع غزة، من أجل الخروج بلوحة وحدودية كما حدث في مؤتمر الفصائل

يردف قاسم: "المؤتمر، هو نتاج جهودٍ بُذلت خاصة من قبل حركة حماس في قطاع غزة، من أجل الخروج بلوحة وحدودية كما حدث في مؤتمر الفصائل: (موحدون في مواجهة الصفقة)"، فـ"حماس" –والقول لقاسم- قدمت جملةً من المواقف السياسية الواضحة، "والمطلوب الآن هو إخراج الحديث السياسي والإعلامي إلى حيز التنفيذ.

وهذا –تبعًا لقاسم- يتطلب خطوةً ضروريةً بعقد لقاءٍ وطني، يتبنى استراتيجية موحدة تعتمد على مواجهة الخطة وصفقة القرن، وتعتمد على المواجهة المفتوحة مع الاحتلال، بمفهومها الشامل، بالإضافة إلى توحيد الجهود، وتكامل الفعل بين السلطة الفلسطينية والقوى الفلسطينية، بحيث يتحرك كل طرف في الساحة التي يستطيع أن يقدم فيها.

ويضيف: "هذه الخطوة مطلوبة من الرئيس محمود عباس، عليه أن يبادر بعقد هذا اللقاء فهو الوحيد الذي يستطيع ذلك بحكم مواقعه السياسية المختلفة، كرئيسٍ لحركة فتح، وللسلطة الفلسطينية، ولمنظمة التحرير"، داعيًا إلى جعل هذه الأزمة مدخلًا لحالة وحدودية أوسع، ولحلٍ استراتيجيٍ متكامل في إطار السعي لبناء منظومة فلسطينية، تتبنى خيارًا متفقًا عليه لمواجهة كل ما يحيط بالقضية الفلسطينية.

"لن نسمح بأن تمر خطة الضم" قالها العاروري، فماذا يمكن أن تحمل جعبة "حماس" من أجل تحقيق ذلك؟ يؤكد قاسم أن "العاروري كان يقصد الشعب الفلسطيني كله في عبارته"، معقبًا بالقول: "نستطيع فعل الكثير لإرباك هذه المخططات، إن النقاش الذي يدور في أروقة السياسة الأمريكية والإسرائيلية اليوم يتمحور حول رد الفعل الفلسطيني المتوقع، بينما جزء من المواقف الإقليمية والدولية المعارضة، هي في الأصل نتاجٌ للموقف الفلسطيني الموحّد".

ولم ينفِ قاسم أن الاتفاق على استراتيجيةٍ وطنية موحّدة "تأخّرَ" فعلًا، فخطة الضم أُعلن عنها منذ مدة ليست بالقصيرة، عادًا وحدة الموقف ميدانيًا وشعبيًا، خطوةً على طريق بناء تفاهمٍ مشترك من أجل تحقيق استراتيجيةٍ وطنية، تشاركُ فيها كل الفصائل، "لكن الدعوة لأي اتفاق، منوطٌ بالرئيس محمود عباس للأسباب سالفة الذكر" يكمل.

واتفقت معه حول "إيجابية اللقاء" عضو المجلس الثوري لحركة فتح من رام الله، كفاح حرب، التي أضافت: "هي خطوة متأخرة، لكن أن تأتي أفضل بكثيرٍ من أن لا تأتي".

وتابعت: "نتطلع بقوةٍ إلى أن يتفق الحزبان الكبيران حماس وفتح على خط واحدٍ للنضال، ونتمنى أن يُستثمر اللقاء حقًا ليصبح أرضيةً لصفحة جديدة يمكن أن تنقذ انهيار القضية الفلسطينية".

لكن ما الخطوة القادمة؟ تجيب حرب: "إن خروج القياديان الرجوب والعاروري، دليلٌ على وجود حوارات بين الحركتين، وهذا إيجابي، نبني عليه الكثير من التوقعات للقاءات وحوارات تمهد للوصول إلى إنهاء الانقسام الذي دخل عامه الرابع عشر".

وأكملت: "إنها خطوة لإدارة ما يواجه القضية الفلسطينية من مشاريع التصفية الاحتلالية، التي تتبع أسلوب التدرّج في قضم الأراضي الفلسطينية، وهي خطوة نحو إنهاء الانقسام، وصولًا إلى بناء الدولة الفلسطينية".

حرب:الضم ينهي العملية السلمية، ومن هنا خطوة الانتقال إلى مربعٍ آخر في السياسة الفلسطينية بحاجة إلى مقوماتٍ أخرى

"نريد الخروج باستراتيجية موحّدة" قالها الرجوب، فكيف يمكن أن نستوعب مضي كل تلك الفترة –منذ الإعلان عن الخطة- دون الوصول إلى استراتيجية وطنية حقيقية للمواجهة؟

تجيب حرب: "إن هناك استراتيجية وطنية، ومشروع وطني محدد العناصر وفق القاعدة النضالية لعام 1988م، هناك مشروع لكل التنظيمات الفلسطينية داخل منظمة التحرير، ولكن دخول حماس والأحزاب الإسلامية للمنظمة، يتطلب الوصول إلى برنامجٍ موحّد يتفق عليه الجميع، لمواجهة تصفية القضية الفلسطينية.

لكنها تعقّب على استمرار الحديث عن المقاومة الشعبية، بقولها: "إن البرنامج الوطني دائمًا يكون ضمن مدةٍ زمنيةٍ محددة، يختارها السياسيون وفق محاول محددة: إلى أين سيذهبون؟ وبأي آلية يواجهون؟"، مبينةً أن التركيز الآن على المقاومة الشعبية، "وإذا لم تكن هي الأنجع فهناك خيارات أخرى مفتوحة وكفلتها الشرعية الدولية" تزيد.

وضمن الخط الذي ارتأته السياسة الفلسطينية -والقول لحرب- فإن الضم ينهي العملية السلمية، ومن هنا خطوة الانتقال إلى مربعٍ آخر في السياسة الفلسطينية بحاجة إلى مقوماتٍ أخرى، وتأييدٍ دولي "وهذا حصلنا عليه خلال سنوات النضال الطويلة، فلا نقول إننا أنهينا هذه المرحلة -أي السلمية- دون تثبيت القواعد التي تضمن التفاف العالم حول قضيتنا ونضالنا".

وتتابع: "موضوع المقاومة الشعبية قائم وموجود على الأرض، وله الفضل في إبقاء القضية حية منذ عشرات السنين، أما سياسيًا ودبلوماسيًا، فهناك عملٌ حثيث باتجاه الساحة الدبلوماسية العالمية، فقضيتنا بحاجة إلى تأييد دولي يمكن أن نبني عليه التحول من نضال إلى نضال آخر ومن برنامج إلى برنامجٍ آخر.

الروح الإيجابية في أحاديث الساسة لا تكفي للقول إننا نتجه نحو الأفضل، ما دام اللقاء الوطني الشامل لم يُعقد، ولم تتم مناقشة خطة نضال وطنية شاملة، فالخطر قائم، واستيلاء نتنياهو على الأرض قادمٌ لا محالة. إن كل يومٍ يمر دون عقد هذا اللقاء هو مسمارٌ آخر يُطرقُ في نعش القضية، في هذه المرحلة الحساسة جدًا، ما يجب أن ندركه جيدًا أن التاريخ لا ولن يرحم.