في "زركشة".. "مرام" تنفخ الروح في الحوائط الميتة
تاريخ النشر : 2020-06-29 15:36

شبكة نوى، غزة:

لا مجال لتحقيق الأحلام هنا. "إسرائيل" التي تحاصر قطاع غزة منذ 14 عامًا، تُزهِقُ أحلام شبابه. تدسّ آمالهم في صفوف البطالة وتئِدُها "جنينًا" في رحم المستقبل المجهول! لم تعد مرام تنتظر فرصةً للعمل في تخصصها كمذيعةٍ كما حلُمت، حملقتُها في غرفتها المغلقة باتت اليوم تؤدي الغرض، عندما قررت أن تصنع "زينةً" تنفخ الروح في الحوائط الميتة.. من هنا بدأت "زركشة".

هو اسم مشروعٍ فنّي أطلقتهُ الشابة "مرام منّاع" من جدران منزلها بدعمٍ من ضيوفها، هي لم تخضع لأي تدريب، بل اعتمدت على موهبتها  التي استثمرتها فنيًا، في ظل ظروفٍ معيشية تمر على القطاع وسكانه، تُعدُّ "الأسوأ" بسبب الضائقة المالية التي تمرّ بها السلطة الفلسطينية من جهة، وتشديد حصار غزّة من جهة ثانية، وتفشّي "وباء كورونا" من ناحيةٍ ثالثة.

بمبلغٍ ماديٍ بسيط وأكياسٍ من الخيش وخيطانٍ وورد، مواد بسيطة وبعضٍ من لمسات الجمال، حوّلتها الشابة التي تعيش منذ 29 عامًا إلى مشغولات يدوية  تزيّن جدران منزلها، تقول: "عملتُ في الفن التشكيلي من منطلقين، أولهما الشغف، أقوم بترجمة ذلك بحبٍ يعلَّقُ على الجدران على هيئة "زينة" من ورد، وثانيهما البطالة وقلّة فرص العمل.

تضيف مرام التي تخرّجت بمرتبة الامتياز مع مرتبة الشرف بين طلبة دفعتها في تخصص الإذاعة والتلفزيون: "حاولت توظيف التخصص بالعمل في الهواية"،  متابعةً: "لم أنتظر الفرصة لتأتي لي، بل سعيتُ لصُنعها بيدي، مستثمرةً في ذلك ما تعلّمته داخل الجامعة، فلم يكن لدي مشكلة بعرض الصور وطريقة التقاطها، وإنما أخذ الإعلام هنا بيدي نحو الاتجاه الأفضل للعرض والتسويق".

لم تُخفِ الفنانة خوفها من المغامرة بادئ الأمر إلا أن زوّار منزلها الذين يرون المشغولات، كانوا يدعمونها باستمرار ويدفعونها لإنشاء صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ثم عرض مشغولاتها لفحص إمكانية طلب الجمهور لها حتى فعلت ذلك بصفحةٍ رسمية أطلقتها وحملت اسم "زركشة"، حيث تفاعل معها الناس وصاروا يسألونها عن الأسعار وكيفية الشراء.

ومن خلال "إنستغرام"، وجدت مرام أنها تستكشف اهتمامات الناس الذين يتواصلون معها، الذين يبحثون عن هدايا "غريبة وقيّمة" ذات رسالة ود ومحبة، بعيدًا عن العمل التجاري فحسب، فيقدمُها الناس كهدايا للذكرى للأصدقاء هنا، وأيضًا ترسل لهم في الخارج.

"الورد" لدى مرام وجمهورها يعطي روحًا للمشغولات، وراحةً نفسيةً للشخص الذي يقتنيها، لم تقتصر فكرتها عليه، بل إن مرام طوّرتها وأدواتها التي تستخدمها، إذ أدخلت استخدم "الكمبوزايت" (الألمنيوم) في عمل المشغولات.

"بازار كبير"، وأيضًا "مذيعة برنامج شبابي"، هذا ما تطمح له مرام اليوم بين "الورد والخيش والخيطان"، في غزّة وبين كلّ قصص غزّة التي لا يملّ شبابها منها، ولا من صنعهم للعيشِ فيها.