ليس مرسومًا رئاسيًا.. بل إرادة أبوية
تاريخ النشر : 2020-06-07 13:29

شبكة نوى/ فلسطينيات:

أصدر الرئيس محمود عباس مرسومًا رئاسيًا يقضي بتجديد حالة الطوارئ لمدة شهر، للمرة الرابعة على التوالي، خلافًا للقانون الأساسي، ودون أية مرجعية تشريعية تمنحه هذه الصلاحية، حتى إجراءات مواجهة تفشي فايروس "كوفيد 19". 

نتحدث دائمًا عن حلمنا في دولة مستقلة، ديمقراطية، تستند إلى سيادة القانون والفصل بين السلطات لتحترم حقوقنا الثابتة، وحرياتنا العامة.  إلا أن واقعنا لا يُبشر بخير!  فنحن انتقلنا من مشروع دولةٍ "ديمقراطية" بُنيت فيها المؤسسات والأجهزة لخدمة الشعب، إلى التبعية لـ"سلطة أبوية" بمعنى الكلمة، تَبَدَّلَ فيها مبدأ سيادة القانون إلى مبدأ سيادة "الرئيس"، حين أصبحت السلطات الثلاث مجتمعةً خاضعةً لإرادته، دون رقابة برلمانية، أو مراجعةٍ قضائية.

الخبر المنشور عبر وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا" أمس، بدا مبهمًا، حينما أورد أن "الرئيس أصدر قرارًا جديدًا بقانون، صادق فيه على هذا المرسوم"، فالصلاحية الرئاسية لإعلان حالة الطوارئ واردة في القانون الأساسي، ولمرتين فقط، وتخضع لموافقة المجلس التشريعي في المرة الثانية، دون ثالثة، وليس للرئيس أية صلاحية لإصدار "قرار بقانون" ينتهك فيه القانون الأسمى.

لا داعي اليوم، وبعد كل هذه الانتهاكات الدستورية، إلى تسمية ما يصدر عن الرئيس بالـ "مرسوم" أو "قرار بقانون"، وليُسمّى كل ما يصدر عنه، بالإرادة الرئاسية الأبوية، استنادًا لخوفه على مصلحة أبنائه من المواطنين الصالحين، وتسييرًا لأمورهم، لأنه هو الذي يعلم، ولديه من الأصدقاء والمستشارين والتنفيذيين ممن يُعلّموه ما لا يعلم، ومن سيعترض على تلك الإرادة لاحقًا سيكون بمثابة "الولد العاق" الذي يعمل بما لا يعلم، ويستحق العقاب الأبوي.

غدًا الجمعة، الذكرى الـ (53) للنكسة، ولكن لا "نكسة" مرّ فيها الشعب الفلسطيني تشبه نكسته بانقسامه اليوم! علينا أن نصحو من غيبوبتنا، وأن نُنهي انقسامنا وفرقتنا المستمرة منذ 13 عامًا، ومن يعتقد أن شخصًا أو حزبًا داخل فلسطين، يملك القدرة منفردًا على مواجهة الاستراتيجية الصهيونية للضم والتوسع والهيمنة، يكون غافلًا.  ومن يستسهل "الحكم الأبوي" لن يسعى للعودة إلى الديمقراطية وسيادة القانون، فهي حالةٌ شاقة وطريقها طويل، وبحاجة إلى إرادة وجلَد.

علينا أن نُعلن جميعًا إرادتنا بسيادتنا، فالشعب مصدر السلطات على هذه الأرض، علينا أن نوحد مطالبنا بالوحدة الوطنية، وإجراء الانتخابات لاختيار من يمثلنا بشرعية، وأن نتحمل جميعًا مسؤولياتنا في مواجهة المستعمر.