هل نحن في قارب واحد..؟
تاريخ النشر : 2020-04-12 11:46

السؤال الدائر في المدينة، إنْ لم نتغير في ظل تحدي تفشي الوباء القاتل وخوض أحد معارك البقاء والوجود..فما الحالة التي ستغيرنا؟! وهل ستكون الأمور بعد التغلب على «كورونا»، كما كانت عليه قبله في وقت يكثر فيه الحديث ان وجه العالم سيتغير بعد «كورونا»؟
ثمة أسباب وجيهة بنظري لهذا السؤال المهم والمفتاحي راهناً، إذ أبدى المجتمع الفلسطيني إعجابه بالإجراءات التي قامت بها الحكومة في خطواتها نحو مواجهة وباء «كورونا»، وقُيِّمَ إيجاباً الأداء الرسمي لاحتواء الوباء والسيطرة على انتشاره. وعلى ذلك، امتنعت مختلف مكونات المجتمع عن توجيه الانتقادات عموماً التزاماً بأخلاقيات وقيم وضرورات التوحد أثناء خوض الصراعات من أي نوع، ولتمكين الحكومة من تهيئة الأجواء اللازمة لمواجهة الوباء الفتّاك وتركيز الجهود للقضاء عليه. الوازع الوطني والانتماء الوطني والتحديات كانت من تقف خلف الموقف وتحديات اللحظة.
صمت المجتمع عن الهفوات التي برزت هنا أو هناك؛ وهذا أمر مفهوم في إدارة الأزمات، وأشاح بوجهه عن أشكال وممارسات فجّة ذات طابع تمييزي عائدة بمرجعيتها إلى الفئوية السياسية، ولُمَس عدم الاحترام والمسّ بمبدأ المشاركة المجتمعية والسياسية.
ان ما يثير الدهشة في أوساط الرأي العام هو الإصرار من قبل الحزبين الرئيسيين على حصر المشاركة فيهما، علما بأن هناك قوى وفصائل أخرى شريكة بالهمّ الوطني وجزء من منظمة التحرير الفلسطينية، وهناك أيضا مجتمع عريض فيه من الكفاءات والقدرات ما يشكل دعماً نوعياً للجان والفعاليات التي يتم تشكيلها.
قد يبدو مفهوماً ان تقوم جهة تنظيمية بالتصرف على أساس فئوي لكن من غير المفهوم إطلاق تصريحات وتعاميم صادرة عن مسؤولين وجهات رسمية باتت تحصر العمل وتشكيل اللجان الرئيسية والفرعية وإغراقها بكوادر الحزب الحاكم.. وهذا الأمر الذي ينطبق في جناحي الوطن، ذات الممارسات في المحافظات الشمالية والجنوبية، وإقصاء القوى السياسية والمجتمعية عن المشاركة في المهام المختلفة، وهو بالمحصلة امتداد للحالة الانقسامية القائمة منذ ثلاثة عشر عاماً.
اجزم بالقول إنه وفي اللحظة الحاسمة التي يتعرض فيه الوطن للجائحة التي قد تأتي على الأخضر واليابس، تفرض الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية والأخلاقية وان يُكف عن ممارسة سياسة الإقصاء والهيمنة وخصوصا ان المعركة التي نخوضها مع الوباء او مع الاحتلال تتطلب منا ودون أدنى نقاش العمل بروح الفريق والانصهار في بوتقة عمل وطني ومجتمعي بمقدوره تحمل أعباء المرحلة وتبعاتها، وهي بالمناسبة أعباء ثقيلة واكبر من يحملها احد بمفرده او يتقاسمها مع آخرين، وما تم الصمت عليه بداية لا يمكن أن يصبح قاعدة.. حيث عبرت بعض الأحزاب عن مواقفها الرافضة لهذا النهج مباشرة بإصدار بيانات، وعبر المجتمع المدني كذلك عن استيائه من العقلية الفئوية التي تحاصرنا، وعج الإعلام الاجتماعي بأشكال من التبرم والململة على الهيمنة وطمس الآخر بما يثير علامات استفهام ويستبدل الروح الإيجابية بالسلبية.
بكل الأحوال، معركتنا ضد «كورونا» تتواصل، ولا زال بالإمكان إعادة النظر من قبل القائمين على هذا النهج لإعادة النظر فيه لأن شروط الانتصار الرئيسي في معركة المجتمع مع الوباء هو التكاتف والتآزر الذي يعطي القاعدة رسالة الالتزام والالتفاف حولها. إنه الدرس الثمين الذي سجّلته الشعوب التي واجهت الوباء باقتدار وقوة واستطاعت هزيمته، ومسؤوليتنا ان نتمثل تلك الدروس التي تشكل بالنسبة لنا طريقا آمنا يمكن سلوكه راهنا ومستقبلا من أجل العبور نحو بوابات الامل ومغادرة حالة التنابذ والانقسام التي خسرتنا الكثير وستخسرنا المزيد طالما ان هناك من يرغب في إبقائها في أحلك الظروف والمنعطفات.
وعود على بدء؛ إنْ لم نتغير في ظل تحدي تفشي الوباء الفتّاك وخوض أحد معارك البقاء والوجود..فما الحالة التي ستغيرنا؟! نحن جزء من هذا العالم الذي أدرك - رغم أنانية القوى النافذة فيه - انه يجب ان يتغير وان ينحو نحو تغليب لغة التصالح والتعاون والإنسانية بدلا من الصراع والتنافس الخشن، لأن مصلحة البشرية ووجودها واستمرارها على هذه الأرض بات يتطلب مثل هذا التوجه الدولي. وعلى المستوى الفلسطيني لا زلت مقتنعة ويشاركني في هذه القناعة الشعب الفلسطيني باسره ان حاجة شعبنا للوحدة والعمل بعيداً عن تسييس الوباء، وبروح الشراكة الكاملة وشرطنا للعبور وتحقيق أهداف شعبنا الوطنية وتمكينه من مواجهة الأزمات والكوارث بهمة عالية وبشروط انتصار مضمونة، فهل سنفعلها؟؟