فلسطينيون مستعدون لـ"كورونا".. بالكركم والينسون
تاريخ النشر : 2020-04-09 22:18

شبكة نوى، غزّة:

دعني أسألك، وأجب بصراحة: "ألم تعطِك جدتك أو أمك أي وصفةٍ طبيعية منذ ظهور فايروس "كورونا"؟ تقول صديقتي: جدتي تخترع كل يومٍ وصفة، تقول إنها للكورونا "طقة بطقة" (تعبير غزاوي أصيل يعبّر عن الفاعلية)، ثومٌ عل الريق، وفي العصر ليمونة تضع عليها شرائح الزنجبيل وذرة حبة البركة (الحبة السوداء)، ثم تنقعها بماء مغلي بضع دقائق وتشربها "باسم الشافي المعافي".

جدة صديقتي، هي جزءٌ من ميراث الطب الشعبي الفلسطيني، الذي تتناقله الأجيال مؤمنةً بفاعليته العُظمى في علاج "كورونا"، على سبيل المثال محمود إدريس، هو حفيد هذا الإرث أيضًا. 

"زيدي من الكركم عند إعداد الطعام، أضيفي الكركم إلى كل أنواع الأكل الذي تعدينه" هذه هي وصيته اليومية التي لا يمل من ترديدها على مسامع زوجته أسماء مع بداية كل يومٍ جديد.

وصل بمحمود الحال إلى أن يشعر بحاجته إلى إضافة "الكركم" لكافة أنواع المشروبات، لاعتقاده أنها أحد أجود الأصناف التي تعزّز مناعة الإنسان في مواجهة كورونا.

جائحة كورونا لا تزال تتمدّد وتطحن آلاف الأرواح يوميًا في معظم دول العالم، فكيف تعاملَ معها الفلسطينيون؟ ثمّة أصوات علت منذ بداية انتشار الوباء، تنادي بإجراءات الوقاية التي كان أبرزها الحجر المنزلي، والخروج للضرورة فقط، مع اتخاذ إجراءات السلامة بارتداء القفازات والكمامات وتلافي الاقتراب من الناس، تزامنًا مع إجراءات وقائية أخرى ظهرت تحت بند "الطب البديل" في مواجهة الفايروس، ما يجري مع أسرة إدريس نموذجٌ حي.

لماذا الكركم؟ سألنا محمود الذي أجاب: "يعزّز المناعة ويقي من الكثير من الأمراض، ورثت هذا الاعتقاد عن أجدادي، وأجد له نجاعةً في كل مرةٍ أصاب فيها بالإنفلونزا، معلقًا: "أضعه مع المشروبات الساخنة، وفي كل أنواع الطعام".

ليس وحده "الكركم"، وإنما يعتقد الرجل أن قشر الرمان المجفف أيضًا، يحمي المعدة من الفايروسات ويساهم في قتلها، عن طريق غليه، ثم تناوله قبل وجبة الإفطار، متابعًا: "كنت تعرضت لفايروس في المعدة قبل سنوات، لم أترك طبيبًا إلا وزرته ولا دواءً إلا وتناولته، لكن ما أفادني وأشفاني حقيقة هو قشر الرمان المغلي، ومنذ ذلك الوقت وأنا أؤمن بالطب البديل الذي تعلمناه من أجدادنا".

في تجربةٍ ثانية، تقول حنان أبو ادغيم وهي أمٌ لسارة وإبراهيم: "في بداية انتشار الفايروس، وإعلان حالة الطوارئ في فلسطين، التزمتُ وأسرتي بالحجر المنزلي، فلا أخرج إلا للضرورة القصوى فقط، وقد بدأَت مع أطفالي وزوجي بتناول مكملات غذائية خصوصًا فيتامين "سي" والزنك".

وتضيف: "كثفنا من تناول الخضروات الورقية والفواكه والحمضيات، وبدأنا بإعداد مشروب منزلي يومي، يتكون من الكركم بالحليب والعسل، وكذلك الزنجبيل بالعسل والليمون كمشروب في الصباح والمساء، وهذا كله بناءً على متابعات أخصائية تغذية، وأطباء"، هذا إلى جانب طبق السلطة اليومي والإجباري لأطفالها، مع التأكيد على شموله كل أنواع الخضروات بالذات الملفوف الأحمر والفلفل الرومي لأهميتهما في امداد الجسم بالفيتامينات كما تؤكد.

"روشتة يومية" تصف حنان تناول عصير الليمون والبرتقال، وكذلك اليانسون والبابونج، إذ صارت ملزمة بتناولها كمشروباتٍ يومية، بل وتقديمها لأطفالها وقايةً من الفايروس.

إبراهيم وسارة، اللذان يتذمران باستمرار، ولا يتقبلون طعم الأعشاب، إلا أنهما باتا مجبران عليها "قولًا واحدًا".

وتزيد: "بعض الوصفات فعلًا مأخوذة من معتقداتٍ قديمة، لكننا بحثنا عنها للتأكد من فعاليتها، وأن ما يتم مزجه من أنواع في كأس واحد لا تتعاكس مكوناته مع بعضه البعض"، لافتةً إلى أنها صارت تتصل على أهلها لتقدم لهم هذه الوصفات كنصيحة مجرب، إلا أنها تفاجأ بردهم: "آه زمان هيك كنا نعمل".

"بابا وماما، نفسهم يشربوني كلور علشان أضل معقمة من برة ومن جوة"، هكذا ردّت حنين حمدونة حين سألنا عن أرباب الأسر الذين يعتمدون فكرة الوقاية بالطب البديل.

وعن قصّة حنين، فإنها مريضة سرطان، أبلغها قسم الطب النووي بضرورة التزام الحجر حفاظًا على صحتها التي يمكن تتأثر بدرجة كبيرة إذا ما أصيبت بالفايروس، إلا أن هذا التبليغ وقع على أهلها كـ "الصاعقة" حسب وصفها.

تقول: "أنا الآن ممنوعة من الخروج من المنزل ولا بأي حال من الأحوال، ممنوع أن يزورنا أحد، معظم أكلنا تحول إلى فواكه وخضروات وعصائر".

وتضيف: "حملات التعقيم التي يديرها والدي في المنزل تبدأ من مدخل البيت وحتى أبسط الأمور، فمثلًا المعلبات التي يشتريها يقوم بتنظيف علبها بالكلور، الخضار يقوم بغسله بالخل، وأيضًا يقوم برش المعقم على جميع أفراد المنزل، وتحديدًا من يخرج ويدخل منه وإليه، حتى بتنا نشعر أننا نعيش بالمستشفى كون الرائحة متشابهة".

لم تنته إجراءات والد حنين إلى هنا، بل إن من أطرف المواقف وأكثرها أسىً في آن واحد، سعيه إلى شراء جرّة أكسجين كإجراء احترازي، لاستخدامها في حال أصيب أحد أفراد العائلة، معها منظم وقناع للوجه للمساعدة على عملية التنفس.

بخلاف والد حنين، تؤكد دعاء شاهين أن جدّتها لا تعترف بكورونا أصلًا، اسمُها فاطمة حسن، وتبلغ من العمر ٧١ عامًا، لا تهتم بالفايروس المستجد ولا طرق الوقاية منه.

تعدُّ فاطمة "كورونا" "لعبة سياسية" لا تنطلي على الفلسطينيين الذين عايشوا النكبة والحروب وجولات التصعيد المستمرة، لكن هذا لا يمنع من شرب الينسون والزهورات ومشروبات تقوية المناعة –حتى من قبل كورونا-، مشيرةً إلى أن المأكولات التي يعتمد عليها "الشعب"، وأبرزها الأسماك والبقوليات هي وصفة مضمونة لتقوية مناعة الجسم.

ووجهت رسالةً لأحفادها "ما في بعد الأكل الطبيعي الفلسطيني، كلوا وتهتموش لكورونا!".