عن موظفي حكومة "غزة" والجائحة.. وخصم المرابحات
تاريخ النشر : 2020-04-09 11:48

غزة:

شبكة نوى، فلسطينيات: حالةٌ من عدم الرضا، سادت الخميس الماضي بين نسبة كبيرة من موظفي حكومة "غزة" في القطاع المحاصر، بعد قرار كل من بنكَي: "الوطني الإسلامي" و"الإنتاج"، الاستمرار في خصم المرابحات البنكية على رواتبهم، من إجمالي سلفة الراتب الشهرية، التي لا تتجاوز 40 % منذ سنوات عدة.

حوالي 15 ألف موظفٍ شملهم قرار البنكين اللذين لا يخضعان لإشراف سلطة النقد الفلسطينية، من إجمالي نحو 42 ألف موظف مدني وعسكري، عينت "حماس" غالبيتهم إبّان أحداث الانقسام الداخلي عام 2007م.

تشبُثُ البنكين بإنفاذ قرار "المرابحات البنكية"، وعدم تحسين "مالية غزة" من نسبة صرف رواتب موظفيها، دفع بمجلس نقابة موظفي الحكومة المذكورة إلى تقديم استقالته، فيما نفت وزارة المالية أي علاقة لها بـ "وزر الخصومات".. ماذا يقول الموظفون؟ وما المبرر الذي يمكن أن يشفع لمثل هذا القرار في ظروفٍ صعبة كالتي يمر بها قطاع غزة؟ التقرير التالي يحمل التفاصيل:

موقف سلبي

الموظف كمال يحيى (38عامًا)، عبّر عن بالغ استيائه من قرار البنكين مقابل عدم تحسين نسبة صرف رواتب الموظفين، خصوصًا في ظل حالة الطوارئ السائدة في الأراضي الفلسطينية للحد من انتشار فايروس "كورونا"، واقتراب شهر رمضان المبارك.

يقول لـ "نوى": "باستياءٍ بالغ؛ تلقيّت وآلاف الموظفين المرهونين بقروض مرابحة من بنكي الوطني، والإنتاج، هذا القرار السلبي بمواصلة اقتطاع المرابحات، والذي أرى فيه عدم تقديرٍ لظروف الموظفين الصعبة، لا سيما خلال المرحلة الراهنة، التي تتزايد فيها الاحتياجات المالية والمتطلبات العائلية".

وتصل نسبة سلفة الراتب التي يتلقاها يحيى مقارنةً بقيمة راتبه الإجمالية، 1200 شيقلًا، يتقاضى منها 600 شيقل، بعد خصم البنك الوطني الإسلامي لمرابحته، نظير "نفقة زوجته المطلّقة، ومعاملة بنكيّة أخرى" كما أوضح.

"لماذا يتم خصم المرابحات البنكية من قيمة السلفة (40%) التي نتقاضاها؟ لماذا لا تقوم وزارة المالية في قطاع غزة بإلزام البنوك بخصم المرابحات من مستحقاتنا المتراكمة لدى الحكومة؟".

وتساءل: "لماذا يتم خصم المرابحات البنكية من قيمة السلفة (40%) التي نتقاضاها؟ لماذا لا تقوم وزارة المالية في قطاع غزة بإلزام البنوك بخصم المرابحات من مستحقاتنا المتراكمة لدى الحكومة؟"، مضيفًا بأسى: "خصمت البنوك قيمة مرابحاتها من لحمنا الحي (قيمة السلفة)، وهذا فاقم من سوء أوضاعنا المادية والاجتماعية".

ولم يختلف حال الموظف أسامة عبد الوهاب، عن سابقه، إذ عبّر هو الآخر عن استهجانه الشديد لقرار "الوطني الإسلامي"، خصم قسط من قرضه البنكي، الذي لجأ إليه مجبرًا؛ لاستكمال بناء شقته السكنية، ليصل ما يتم تقاضيه من البنك بعد الخصم إلى 900 شيقل فقط، من إجمالي 1200 شيقل هي قيمة الـ 40% من السلفة المالية، كما يؤكد.

يقول عبد الوهاب (46 عامًا) لـ"نوى": "بكل أسف، كنّا نأمل منهم الاستجابة لقرار سلطة النقد الفلسطينية، وقف كل الخصومات والقروض مدة 4 شهور قادمة، إلى حين انتهاء الأزمة الراهنة".

وكان محافظ سلطة النقد عزّام الشوّا، أصدر مطلع إبريل (نيسان) الجاري، تعليمات للبنوك كافة، بعد إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس حالة الطوارئ في فلسطين في الخامس من مارس/ آذار الماضي؛ لمواجهة تفشّي "كورونا". 

وشملت تعليمات "الشوّا" تأجيل أقساط الموظفين للبنوك دون خصم أي فوائد أو عمولات بنكية أو أقساط مؤجلة، لجميع الموظفين الراغبين في تأجيل الأقساط.

وتابع الموظف: "في ظل أزمة كورونا، وقرب حلول شهر رمضان، تتزايد الأعباء المالية والمتطلبات الاجتماعية، ما يستدعي وقف الخصومات البنكية، وعلى وزارة المالية رفع نسبة صرف سلفة الموظفين لأكثر من 40%".  

وأكّد ضرورة أن تلتفت إدارة البنوك، وكذلك الجهات الحكومية في قطاع غزة، لكل النداءات والمناشدات المتعلقة بالتخفيف من سوء أوضاع من وصفهم بـ "الموظفين المسحوقين، والمغلوبين على أمرهم".

النقابة تستقيل

على إثر ذلك، أعلن مجلس إدارة نقابة الموظفين العموميين بغزة يوم الأربعاء، الموافق الأول من نيسان الجاري، تقديم استقالته، وأحال ذلك الأمر لوزارة العدل، حسب القانون، كما جاء في بيان استقالة النقابة.

وأفاد البيان، بأن الاستقالة جاءت "لعدم استجابة وتلبية مطالبات ومناشدات النقابة النابعة من عمق معاناة الموظفين وأسرهم، ورفض إدارات البنوك وقف الخصومات البنكية، في هذه الظروف الاستثنائية الصعبة التي يعيشها الموظفون، منذ أكثر من سبع سنوات متواصلة لعدم صرف رواتبهم كاملة".

المالية توضح

وحول مطالبات الموظفين لـ "مالية غزة" بوقف خصومات البنوك؛ ردّ مدير عام العلاقات العامة والإعلام بالوزارة بيان بكر: "لا علاقة لنا بهذا الأمر، وهذا الملف ليس من اختصاص وزارة المالية". 

وأضاف لـ"نوى": "إنما هو علاقة مباشرة بين البنوك والموظف، ورغم ذلك طلبنا من البنكين وقف الخصومات، ومارسنا ضغوطًا (لم يوضحها) في هذا الاتّجاه"، معبّرًا عن أسفه؛ "لأن وزارته لم تتلقَّ استجابة من البنوك على مطالبها، التي تتقاطع ومطالب الموظفين".

"إيرادات وزارة المالية، انخفضت بشكل كبير نتيجة الظروف الراهنة؛ "إلّا أننا سنستعى للحفاظ على نسبة صرف السلفة الحالية، فالموظف لا يحتمل المزيد من الخصومات".

وكشف أن إيرادات وزارة المالية، انخفضت بشكل كبير نتيجة الظروف الراهنة؛ "إلّا أننا سنستعى للحفاظ على نسبة صرف السلفة الحالية، فالموظف لا يحتمل المزيد من الخصومات" يعقب.

ولم يتسنّ لـ "نوى" الحصول على تعقيب من إدارتي بنكيّ "الوطني الإسلامي" و"الإنتاج" بشكل رسمي، حول مبررات الاستمرار في خصم المرابحات من قيمة السلفة المالية التي يتقاضاها الموظفون، رغم المحاولات العديدة للتواصل. إلا أن "مصادر مطلعة على عمل ما تُعرف بـ "لجنة متابعة المرابحات البنكية" لدى البنكَيْن؛ بيّنت أن لـ "الوطني الإسلامي" و"الإنتاج" مبررَيْن أساسيَيْن، لعدم تلبية مطالب الموظفين بوقف خصومات المرابحة".

المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها، ذكرت لـ"نوى" أن المبرر الأول يتمثل بضرورة توفيرهما مبلغًا ضخمًا من السيولة؛ لمواجهة أي أزمات طارئة، خصوصًا في ظل مرحلة انتشار فايروس "كورونا"، بناءً على طلب الجهات الحكومية بالقطاع (ولم يسمِّها).

وبلغ عدد المصابين بالفايروس في قطاع غزة 13 مواطنًا، من إجمالي 263 مصابًا في فلسطين، تماثلت منهم 44 حالة للشفاء، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، حتى صباح اليوم الخميس.

وبيّنت المصادر أن إيقاف البنكَين للخصومات عن نحو 15 ألف موظف مستفيد من قروضهما البنكية، لمجرد شهر واحد، سيترتب عليه انخفاضًا بملايين الدولارات لسيولتهما واحتياطاتهما النقدية، التي يجب توافرها في أي لحظة من هذه المرحلة الطارئة. 

وعن المبرّر الآخر، أوضحت المصادر أنه في حال لم تُخصم المرابحات والأقساط، لن تستطيع البنوك توفير السيولة للجهات الحكومية من أجل توفير رواتب الموظفين، حتى بنسبة صرفها الحالية، وللتجار أيضًا لاستيراد متطلبات المرحلة، من سلع غذائية، ومعدات ومستلزمات طبية، وغير ذلك.

وأشارت إلى أن الجهة الحكومية الإشرافية في قطاع غزة على بنكي "الوطني الإسلامي" و"الإنتاج"، هي وزارة الاقتصاد الوطني، مستبعدةً وقف الخصومات عن الموظفين خلال الأشهر القادمة؛ "نظرًا إلى المبررين السابقين؛ لأن ذلك يعني الأخذ بالبنوك إلى الهاوية"، وفق تعبيرها.

في المقابل، فإن حال موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، ليس أفضل بكثير عن حال نظرائهم في حكومة "غزة"، رغم مراعاة البنوك الظرف الراهن، إذ تُواصل السلطة منذ عام 2017م، فرض عقوبات على القطاع، طالت رواتب موظفيها المدنيين والعسكريين بنسبة خصم تتراوح بين 30% و 50% على الأقل، فيما تم إحالة بعض موظفيها للتقاعد الإجباري المبكر؛ الأمر الذي أدى إلى تردي أوضاعهم المعيشية والاقتصادية، كباقي السكان، البالغ عددهم نحو مليوني نسمة، في ظل الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عام 2006م.