لضمان حصول المرأة على العدالة وتكافؤ الفرص في السياسة
تاريخ النشر : 2020-02-10 09:09

المرأة هي عصب أساسي في الشراكة مع الرجل وفي الحياة وفي جميع المجالات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية والسياسية والإعلامية ,المرأة ليست عدوا في ساحة معركة بل هي شريكة لتكاملية الأدوار في الحياة ,لكن للأسف في الأوانة الأخيرة شهد الوطن العربي لا بل العالم العنف الموجه ضد المرأة سياسيا وإنسحابها من المشاركة السياسة كالتهديدات والتشهير والتحرش الجنسي والمقاطعة الاجتماعية والإكراه والقتل والاغتصاب والإختطاف والضرب وأصبح تمثيل مشاركة المرأة سياسيا في الانتخابات النيابية ,المجالس البلدي, المحافظة والوزارة والأحزاب السياسية دون الطموح علما بأنها تمثل نصف المجتمع , في هذا المقال سأسلط الضوء على هذه الظاهرة للحد منها .

يعرف العنف السياسي ضد المرأة بانه شكل من أشكال العنف الذي يمارس ضدها, عنف ممنهج وموجه ,تُسلب المرأة حقها في التعبير عن رأيها السياسي ؛ كالترشح في البرلمانات، أو المجالس البلديّة أو في الأحزاب السياسية تتمثل في عدة أشكال النفسية والجسدية و الجنسية و الاقتصادية والإعلامية مما يؤثر على إستعدادها وقدرتها لإنخراط في الحياة السياسية ويشكل انتهاكا لحقوق الإنسان والعنف أساسه التمييز القائم على الجنس.

ممارسات العنف السياسي داخل الأسرة الموجه للمرأة

تساهم العلاقات العائلية في تدني مستوى المشاركة السياسية للمرأة، إذ يمنع بعض الأقارب الذكور قريباتهم من المشاركة السياسية وهو حق دستوري كفله الدستور للمراة بالإنتخاب، حيث تمنع الأسرة المرأة من الترشح للعملية الانتخابية على اعتبار ان هذا المنصب منوط فقط بالرجل، أو بإجبارها على التصويت لمرشح ترغب العائلة في فوزه . وهكذا يمارس البعض ضغوطاً عليهن باتجاه عدم الترشيح في الانتخابات العامة، ويمارس بعض الأزواج والآباء ضغوطاً على زوجاتهم وبناتهم باتجاه منح اصواتهن لمرشح معين دون آخر، مما يحول المشاركة السياسية للمرأة إلى مجرد تعبئة سياسية وليس مشاركة حقيقية فاعلة ومؤثرة.

ممارسات العنف السياسي داخل المجتمع المدني الموجه للمرأة

كقيام الأحزاب السياسية والنقابات والعمالية والمهنية والمستقلة والإتحادات, بوضع قيود أمام النساء للوصول للمناصب القيادية لصنع القرار، وعدم تقديم العون والمساعدة لها ، و بامتناع الأحزاب عن ترشيح المرأة على قوائمها الانتخابية إلا حشوة بالقائمة ونشهد حالات عزوف عن ترشح النساء في العديد من الدوائر الانتخابية ذلك لأن هناك خوف من عدم قدرتهاعلى المنافسة وخسارتها للمقاعد البرلمانية علاوة على أن الثقافة السياسية والاجتماعية بيئة غير آمنة للنساء.

لقد عمل الأردن على إدماج المرأة في الحياة العامة من خلال البرامج والخطط والإستيراتيجات وقد نص الدستور الأردني على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، إذ جاء في المادة السادسة منه: (الأردنيون أمام القانون إن اختلفوا في سواء لا يميز بينهم في الحقوق والواجبات وا العرق أو اللغة أو الدين). وكلمة أردني في القانون تعني كل شخص يحمل الجنسية الأردنية ذكرا او انثى. والنص الدستوري كفل المساواة للمرأة والرجل، لكن الخلل في آلية تفعيل هذا القانون على أرض الواقع . وأيضا سلطت أهداف التنمية المستدامة الهدف الخامس الذي نص على المساواة بين الجنسين لضمان مشاركة المرأة الكاملة والفعالة للعدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص في صنع القرار وتوسيع مساحة الحوار وجعل مساحة سياسية آمنة للمرأة . .

من أكبرالتحديات التي تواجه المرأة سياسيا وقلة مشاركتها وممارستها وتمثيلها سياسياتتمثل في النظام الأبوي التقليدي والثقافة الذكورية والقوالب التمطية والمعتقدات المغلوطة بأن المرأة غير مؤهلة للعمل في المناصب القيادية السياسية ، وأنها كائن ضعيف والرجل اقدر على تحمل الأعباء .وأيضا الخوف من خوضها لعملية الانتخابية ، فالحملات الانتخابية مكلفة تحتاج إلى تمويل. ويجدر الانتباه هنا الى العنف الذي تتعرض له المرأة خلال الحملات الانتخابية ان كان في الشارع او اللقاءات الجماهيرية و إن تربعت في قبة البرلمان حيث تتعرض للتنمرعلى مواقع شبكات التواصل الاجتماعي وهي عرضة اكثر من الرجل والتهديدات والتشهير والتحرش الجنسي والإكراه والقتل و الاغتصاب والخوف من التعبير عن رأيها ومواقفها, مما يترتب انسحابها من الحياة السياسية ويوثر سلبا عليها وعلى المجتمع, ونظام الكوتا في الوقت الراهن هو ميزة ايجابية للمرأة لكن على المدى البعيد لا يحقق العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص .

وأشار منتدى الأستيراتيجات الأردني الى أن مؤشر الفجوة الجندرية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي سنويا بين الرجال والنساء على أربعة محاور الصحة والتعليم والمشاركة وفرص الاقتصاد والتمكين السياسي الى تقدم في قطاعي الصحة والتعليم وتراجع في القطاعين الاقتصادي والسياسي وهنا علينا الوقوف لإيجاد الحلول للحد من هذا التراجع و السير قدما من أجل عجلة التنمية والتقدم والإزدهار . لا بد من تغيير نظرة المجتمع للمرأة، ولا بد من وضع خطط واستراتيجيات للنهوض بالواقع الاقتصادي و السياسي للمرأة ، ولا بد من تعديل أو الغاء نصوص من الدستور الاردني لضمان حقوق المرأة في الحصول على فرص متكافئة وتجعل الأردن في مقدمة الدول التي تسد الفجوة الجندرية.

___________

نقلًا عن صحيفة القدس