أزمة الغاز.. هل تعيد مواطني غزة للطهي على الحطب؟
تاريخ النشر : 2020-01-27 07:14

أغلق المذياع وتساءل بغضب: "أين هو الغاز الذي يتحدثون عن ضخه في المحطات ووصوله للمواطن؟"، يتابع سامح اللحام بعد أن وضع رأسه بين كفيه: "منذ ثماني أيامٍ، أحاول تعبئة أنبوبة الغاز دون فائدة، في كل مرة أعود بخفي حنين".

أكثر ما يثير استغراب اللحام، وهو أحد سكان مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، أن تصريحات المسئولين عبر الإذاعة تؤكد وجود الغاز في المحطات بعد دخول كمياتٍ كافية إلى قطاع غزة سواءً من الجانبين المصري أو الإسرائيلي، بينما الواقع مختلف، إذ عندما يتوجه وغيره إلى المحطة، أو إلى الموزع الجوال، يكون الرد "لا غاز في المحطة".

المواطن محمد جاد الله، الذي يعمل سائق سيارة أجرة، كان أوفر حظًا من اللحام، إذ استطاع أن يحظى بأنبوبةٍ تحتوي 6 كيلوات من الغاز، اعتبرها ثروة يجب الحفاظ عليها، يقول: "رفضت أن أشرب الشاي في المنزل حفاظًا على الغاز، فهناك أشياء أهم من الشاي، ومعاناة الحصول على الغاز اليوم تستلزم الحرص من قبل الجميع في ظل هذه الظروف".

أحد المواطنين، أبلغ  مراسلة "شبكة نوى" أنه اضطر بعد أربعة أيامٍ من المحاولات لتعبئة أنبوبة الغاز الخاصة به، إلى تعبئتها بمبلغ مئة شيكل، عادًا ذلك "ربحًا" رغم ارتفاع المبلغ، إذ إن اللحوء إلى المطاعم لشراء الطعام الجاهز، كان سيكلفه نصف المبلغ (50 شيكلًا) يوميًا على الأقل.

وكانت وزارة المالية في غزة أعلنت أنَّ الجانب المصري سمح بإدخال كميات إضافية من غاز الطهي إلى قطاع غزة، متوقعة انتهاء الأزمة خلال الأيام القليلة القادمة.

سارع المواطن  أبو رامي إلى المحطة بمجرد سماعه الأنباء عن تدفق غاز الطهي إلى محطات التعبئة، لكنه وبعد ساعاتٍ غادر خالي الوفاض، "لا أمل في أن أحظى اليوم بأي كمية من الغاز، حتى الموزع الذي أتعامل معه، أخبرني أنه يخبئ الغاز لسائقي السيارات فهم يدفعون أكثر" يعلّق.

ويضطر أبو رامي إلى إشعال الحطب لزوجته كي تطبخ عليها، وهو ما يعيده إلى أول سنوات الحصار "أي قبل نحو 12 عامًا"، حين تأثرت غزة بأكبر أزمة للوقود، واستخدم المواطنون خلالها بدائل كثيرة، مثل الحطب، وبابور الكاز، وهو ما يخشى أبو رامي وغيره من المواطنين حدوثه مجددًا، في حال طال أمد الأزمة التي لا يعرفون سببها.

بدوره، يقول المواطن عبد الكريم داوود: "بالنسبة لأصحاب المحطات، فهم يخبئون كل الكميات التي تدخل محطاتهم لسائقي سيارات الأجرة، الذين يدفعون ضعف ثمن الأنبوبة ولا يهتمون، بينما المواطن العادي، فيحتاج إلى كل شيكل إضافي يمكن دفعه لأولويات أخرى.

والأمر كما يرى داوود يعود لعدم وجود رقابة فعلية، وعقاب حقيقي للمحتكرين، الذين يتاجرون باحتياجات المواطن الأساسية، "وهذا هو السبب الذي جعلني أعيش وأسرتي على الطعام البسيط من جبنٍ وزعترٍ ولانشون، منذ أكثر من أسبوعين، فلا إمكانية لدي لشراء الطعام من المطاعم يوميًا، باستثناء وجبات الفول والحمص" يضيف.

وكانت وزارة المالية أعلنت في  بيان صحفي وصلت "نوى" نسخة عنه، دخول ما يقارب 23 شاحنة من الغاز المصري عبر معبر رفح جنوب قطاع غزة، مساء  الخميس الماضي، مشيرةً إلى أنَّ حمولة كل شاحنة تبلغ 20 طناً "وهناك وعود مصرية بمضاعفة الكمية الأسبوع القادم".

وجاء في بيان المالية "أن خمس شاحنات محملة بكميات من الغاز، دخلت عبر معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب القطاع من الجانب الإسرائيلي".

ويستهلك قطاع غزة يومياً ما بين 200 و250 طنًا من الغاز وفق تصريح مدير الإعلام بوزارة المالية  بيان بكر، الذي أكد أن كميات الغاز التي دخلت إلى القطاع خلال الأيام الماضية، غير كافية لسد احتياجات المواطنين، "بسبب تقليص الإمدادات من الجانب المصري والإسرائيلي، لسوء الحالة الجوية" يقول.

ورغم تأكيد الجهات الرسمية في قطاع غزة، بأن الأزمة في طريقها للحل، تسيطر حالةٌ من القلق على تفكير المواطن الذي يخشى أن ترواح الأزمة مكانها، فيعود إلى زمن بابور الكاز ونار الحطب.