فصول جديدة ضمن الاقليم المضطرب
تاريخ النشر : 2020-01-14 09:32

استطاعت امريكا تطبيق الخطة "أ" في الشرق الاوسط حيث كانت تهدف منها اضعاف الشرق الاوسط من خلال المشاكل الطائفية والسيطرة عليها، والان تعمل امريكا ضمن الخطة " ب" وهي استملاك الطاقة الى حين استنفاذها في الشرق الاوسط حتى عام 2035 واغراق الشرق الاوسط بالمشاكل تحت مسمى "حرب الغاز المسال"، وحتى تبقى امريكا المسيطرة على مصادر الطاقة ستعمل على استخدام اسلوب الاغتيالات وبث الاحتجاجات والاستمرار على استحداث حركات مضادة لاضعاف الدول.

منذ بداية العام الجديد 2020 والشرق الاوسط على وشك الانفجار ضمن مواجهة ايرانية وامريكية ولكن على ما يبدو ان قطر استطاعت ان تُفرمل هذه المواجهة بعد مقتل سليماني، وعلى ما يبدو هناك تخفيف من حدة التهديدات الايرانية تجاه امريكا وهذا يُشير ان قادم الايام سيدخل الشرق الاوسط طور اعادة صياغة جديدة وبالتحديد بين ايران وامريكا في ظل افق للسلام والدخول الى مفاوضات جديدة.

كما يبدو ان ايران تحرص على الرد المحدود إذ يفقد النظام الإيراني رصيده تدريجياً على مستوى الشارع الإيراني، بشكل انعكس في الاحتجاجات التي تندلع بين فترة وأخرى بسبب الضغوط الاقتصادية التي يتعرض لها الإيرانيون، كما يتسع نطاق خلافات إيران مع العديد من القوى الإقليمية الرئيسية في المنطقة، فضلاً عن أنها خسرت إلى حد كبير رهانها على العوائد التي يمكن أن تحصل عليها من الاتفاق النووي والعلاقات مع الدول الأوروبية بعد الإجراءات التصعيدية التي اتخذتها على صعيد البرنامج النووي ودعمت من احتمالات انهيار الاتفاق في المرحلة القادمة.

اراد ترامب من مقتل قاسم السليماني فرض صفقة نووية جديدة حيث وصف في خطابه المؤخر ان الاتفاق النووي الذي عقدته الإدارة السابقة مع إيران، بأنه "اتفاق غبي" وطالب إيران والقوى الدولية الأخرى في الاتفاق النووي (فرنسا، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وألمانيا) بالخروج من بقايا هذا الاتفاق، وقال إن بلاده مستعدة لاتفاق جديد، وسلام مع إيران.

وهذه الرسالة هي الرسالة الأهم في خطاب "ترامب" ، وقصد منها أن الباب مفتوح إذا أرادت طهران التفاوض، وأن السلام هو الأساس، وهذه الرسالة تترك الكرة في ملعب طهران، فتجاوب إيران معها يعني بداية جديدة، لكن استمرار التهور والتصعيد الإيراني يعني عودة الموقف إلى وضع لا يمكن التنبؤ بمساراته.
كما ان هناك رغبة دولية في عدم التصعيد وخروج الموقف عن السيطرة، وأن التصعيد بين واشنطن وطهران في المرحلة الراهنة وصل إلى أقصى حد مسموح به.
ولكن الجانب الإيراني سيقبل باتفاق جديد ولكن ستُركز طهران على أن تنجح في أن يتم التفاوض على القضايا وفقًا للرؤية الإيرانية، أو على الأقل تحقيق الحد الأدنى من التصورات الإيرانية حولها، ومن هنا قد تستغل الفرصة بعمل اتفاق وفق مصالحها ويحد من اضطراب الاقليم.
ولكن تبقى السيناريوهات خلال العام 2020 تحمل بين طياتها المباغتة ضمن الخطط الامنية " عقرب البحر" نتيجة وضع الشرق الاوسط الذي يعيش بيئة اقليمية يسوده الصراع المسلح والمفتوح سواء ضمن حركات مضادة او حركات انفصالية او ذئاب منفردة او جماعات المعارضة لبلادها، سيتم تصاعد حروب المدن كمصراتة في ليبيا او تعز في اليمن او ادلب في سوريا، او عودة الاحتجاجات في بعض الدول سواء على القضايا الاقتصادية والاجتماعية وستبقى منطقة الشرق الاوسط منطقة لتصفية الحسابات لقوى دولية واقليمية، واول رسالة لتصفية الحسابات وهي زيارة الرئيس الروسي بوتين الى سوريا مباشرة بعد مقتل السليماني، ويبدو من ناحية اخرى في سوريا هناك توجها عدا ادلب باستمرار التوجه نحو السلام لكن من خلال التواجد الروسي وهذا ما ظهر خلال زيارته المؤخرة الى سوريا، تضمنت الزيارة قيام الرئيس الروسي بجولة في شوارع دمشق، حيث تفقد أهم معالمها الدينية، وزار المسجد الأموي الكبير وضريح النبى يحيى والكاتدرائية المريمية بمناسبة عيد الميلاد المجيد، على نحو حاولت عبره موسكو توجيه رسالة مفادها أن سوريا مقبلة على مرحلة جديدة بعد انتهاء القسم الأكبر من المواجهات العسكرية، وهو ما عبر عنه بيسكوف بقوله: "كان يمكن أن نرى بالعين المجردة عودة الحياة بسلام الى شوارع دمشق"، وهذه الزيارة رسالة لامريكا ايضا بعدم اقترابها لسوريا حيث موطأ قدم روسيا.
كما ان عام 2020 سيشهد استعمال الطائرات المسيرة سيكون السلاح الاكثر استخداماً من مهامها الاغتيالات والمراقبة عن بُعد واستخدام اسلوب المباغتة من خلال تحديد الاهداف واغتيالها لاحباط اي خطة مستقبلية تضر بوجود الامريكان في منطقة الشرق الاوسط وبالتحديد في العراق، وإلهاء الشعب الامريكي عن امور عامة مثل فشل ترامب عن ادارة الازمات السياسية وقصة عزله والانتخابات الامريكية المستقبلية، لكن امريكا لن تخرج من منطقة الشرق الاوسط الا باستنفاذ الطاقة فيها واضعاف الدول العربية لاخر لحظة.