عامٌ بائس على الطرقات: حوادث السير تخطف حياة 61 مواطناً
تاريخ النشر : 2019-12-26 10:33

عامان مرا على حادث السير الذي تعرض له الشاب خميس محمود (33 عاماً) من سكان مدينة غزة، ولازال يخضع بين الحين والآخر لعمليات جراحية من أجل تقويم اِعوجاج في ساقه المصاب.

للمرة الثالثة على التوالي يغادر محمود قطاع غزة، إلى القاهرة من أجل اجراء العمليات الجراحية التي تستدعيها حالته الصحية، إذ لا يزال يعتمد على عكازٍ خلال الحركة. ويقول إن هذه هي نتيجة تهور السائقين في غزة، الذين يتجاهلون ويتجاوزون السرعة المطلوبة داخل المدينة.

محمود أب لثلاثة أطفال، وخلال فترة العلاج لمدة تزيد عن 6 أشهر تعطل عن العمل، ووجد صعوبة في الإنفاق على أسرته. في المقابل حُرم أشخاص آخرين من ممارسة أي مهام بعدما فقدوا أطرافهم في حوادث سير مشابهة. وفريق ثالث أزهقت أرواحهم.

ولا تزال تشكل السرعة الزائدة سبباً رئيسياً في حوادث السير داخل قطاع غزة، ذلك وفق إفادة جهاز الشرطة الفلسطينية. وتقدر احصاءات رسمية وفاة 61 حالة،  بينها 42 طفلاً فقدوا أرواحهم، خلال العام 2019.

وبمقارنة عدد الوفيات الناتج عن حوادث السير خلال العام الحالي، فقد شهدت زيادة بنسبة 6 حالات. وقد خلفت مئات الإصابات بينها 70 إصابة خطرة سببت عاهات مستديمة، وأخرى متوسطة وطفيفة، وثالثة مازالت ترقد في العناية المكثفة، ورابعة تتلقى العلاج خارج القطاع، أو مستشفيات الضفة الغربية.

ربما الشاب محمود يعد أوفر حظاً من غيره إذ أن حادث السير تسبب له بإعاقة يمكن تجاوزها، فيما أن الشاب فادي عبيد (34 عاماً)، لازال غائبا عن الوعي منذ نحو عام ونصف تقريباً. ويتلقى فقط العلاج الطبيعي للأطراف. ذلك بعد تعرضه لحادث سير أدخل على آثره مستشفى ناصر الطبي بمحافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، وخضع لعملية جراحية من أجل وصل عظم الفخذ، وخرج منها معلق بين الحياة والموت.

عبيد كان يعمل محرراً صحفياً في إذاعة صوت القدس بغزة، وقد تعرض إلى حادث سير صباح السابع والعشرين من أغسطس 2018، أثناء ذهابه إلى عمله. ووفقاً لإفادة ذويه فإن سرعة قائد المركبة العمومية هي التي أدت إلى ذلك. ومنذ ذلك الوقت وهو يرقد في سريره ولم تطرأ أي تطورات إيجابية على صحته، ودون منحه أي حق في التعويض عن الضرر.  

وينص قانون السير رقم (5) للعام 2000 في مادته (73) على أنه لا يجوز قيادة أو السماح قيادة مركبة آلية دون وثيقة تأمين سارية المفعول من قبل شركة مسجلة في فلسطين تؤمن صاحب المركبة أو قائدها أو الغير في تغطية أية تعويضات عن  أضرار جسمانية ناتجة عن حادث طرق.

وأرجع مفتش التحقيقات في الإدارة العام لشرطة المرور بقطاع غزة العقيد فهد حرب، حوادث السير إلى ما اسماه "السرعة الجنونية" للسائقين، خاصةً في الطرق الرئيسية وبخاصة صلاح الدين، والطريق الساحلي.

وقال حرب: "إن السرعة تفقد السائق السيطرة على مركتبه ولهذا تتسبب في كثير من الأحيان بوقوع حوادث، إضافة إلى عدم التزام بعض السائقين بقوانين السير المتبعة، وعدم حصولهم على رخصة قيادة، أو استصدار رخصة حديثة".

وأوضح في تصريح صحفي، أن أعمار الأطفال الذين توفوا في حوادث السير، تتراوح بين (1-4 سنوات) مرجعاً السبب وراء إزهاق أرواحهم، إلى تركهم أمام مساكنهم في الوقت الذي تعبر فيه المركبات والشاحنات إلى الشوارع الفرعية.

وأرجع حرب المسؤولية هنا، إلى السائقين الذين يقوم بعضهم بالرجوع إلى الخلف دون أعارة انتباه أو مراقبة الشارع قبل الرجوع، داعياً الأهالي وبخاصة أولياء الأمور إلى ضرورة الأنتباه وعدم تعريض حياة أطفالهم إلى الخطر بتركهم في الشوارع الفرعية.

أما الدراجات النارية التي كانت سبباً كبيراً في حوادث السير خلال الأعوام السابقة، فقد أكد مفتش التحقيقات في الإدارة العام لشرطة المرور، أن عدد الوفيات الناتجة عن الدراجات النارية خلال العام 2019، تعد أقل من الأعوام السابقة، نظراً للحملة التي قامت بها شرطة المرور من أجل محاولة ضبطها، ومنع إدخالها إلى القطاع.

وسبق وأن طرحت شبكة "نوى" تقريراً خلال العام الحالي، تحت عنوان: إطارات مخالِفةٌ بغزة.. هل تكون سببًا في حوادث الطرق؟"، يشكك في حتمية أن تكون السرعة الزائدة هي السبب وراء حوادث السير، ويؤكد أن استيراد إطارات غير مطابقة للمواصفة الفلسطينية، يزيد من فرص اصطدام المركبة وتأذي الركاب على الطريق.