بؤرةٌ استيطانيةٌ جديدة تمسح "سوق الجُملة" من خارطة الخليل
تاريخ النشر : 2019-12-15 20:35

الخليل:

منذ أن أوعز ما يُسمَّى بوزير الأمن الإسرائيلي نفتالي بينت لـ "منسق أعمال" حكومة الاحتلال كميل أبو ركن، بالتخطيط لإقامة بؤرةٍ استيطانيةٍ جديدة مكان سوق الجملة القديم وسط البلدة القديمة في الخليل مطلع الشهر الحالي، وغضب الفلسطينيين في الضفة الغربية يتصاعد نحو انفجارٍ وشيك.

مجمل الآراء التي استطلعتها "نوى" عبر مقابلاتٍ شخصية، أو من خلال منشورات النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكّدُ أن المشروع الاستيطاني الجديد هو بمثابة "أداةٍ تهويدية جديدة لعزل الحرم الابراهيمي الشريف من الجهة الثالثة وسط البلدة القديمة، إمعانًا في تزوير هويته العربية الفلسطينية؛ وحجبًا لأي تواصل جغرافي بين الحرم وما حوله".

الناشط ضد الاستيطان عيسى عمرو قال: "إن المشروع من شأنه إطالة مدة الإغلاق لمئات المحلات التجارية المغلقة منذ أكثر من 20 عامًا، ومفاقمة المشكلات الاقتصادية من فقرٍ وبطالة، بين سكان البلدة القديمة"، مشيرًا إلى أن هذه البؤرة ستكونُ إضافةً جديدةً لجُملة البؤر الاستيطانية التي تتوغل في البلدة القديمة، فتؤثر على خارطتها الجغرافية ونسيجها الاجتماعي في آنٍ معًا.

ومن ضمن تفاصيل المخطط، "أن تمتد البؤرة الاستيطانية على مساحة 5 دونمات عبر شارع الشهداء وصولًا إلى شرقي  الحرم الإبراهيمي، ما يعني هدم عددٍ كبيرٍ من المحلات التجارية" وفقًا لما أفاد به عماد حمدان مدير عام لجنة إعمار الخليل لـ "نوى".

وأضاف: "حملات تهجير الفلسطينيين من البلدة القديمة مستمرة منذ وقتٍ طويل، من خلال الممارسات والمضايقات التي ينتهجها المستوطنون ضد السكان الفلسطينيين تحت حماية ومساندة جنود الاحتلال".

ويحتوي شارع الشهداء وما حوله على قرابة 1300 منشأة تجارية مغلقة، منها 520 محلًا مغلقًا بأوامر عسكرية إسرائيلية كانت مؤجرة لعشرات المواطنين قبل مجزرة الحرم الإبراهيمي التي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين عام 1994م، ناهيكم عن 50 محلًا آخر سيتم هدمه لإقامة البؤرة الاستيطانية الجديدة.

ولا يتوقف تأثير مخطط البؤرة على المحال التجارية المغلقة منذ 20 عامًا فقط، بل على عشرات المحال المفتوحة التي ما فتئت تعود إليها الحياة منذ فترةٍ قصيرةٍ، بعد عودة توافد آلاف المواطنين للصلاة في الحرم الإبراهيمي مؤخرًا، "إذ قد تُغلق جميعها" تبعًا لما يتوقع الناشط ضد الاستيطان عيسى عمرو.

وكان منسق أعمال حكومة الاحتلال اللواء "أبو ركن"، خاطبَ بلدية الخليل بكتابٍ رسمي أبلغها فيه بضرورة "الموافقة على هدم سوق الجملة القديم، الذي تعود ملكيته للبلدية خلال مدة أقصاها شهر منذ تاريخ إرسال الخطاب"، محذرًا البلدية من مغبة الرفض الذي "سيؤدي إلى تجريدها من صلاحياتها في المكان، ونقله إلى صلاحيات جيش الاحتلال" على حد تعبيره.

بدورها ردّت بلدية الخليل على خطاب المنسق عبر بيانٍ صحفي تلقت "نوى" نسخة عنه، قالت فيه: "إن القرار يُعدُّ خرقًا واضحًا للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين تحت الاحتلال، وكذلك لقرارات الأمم المتحدة، واتفاق بروتوكول الخليل، ومنظمة اليونسكو التي وضعت البلدة القديمة والحرم الابراهيمي الشريف على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر عام 2017م".

وأكدت البلدية في بيانها أنها -بالإضافة إلى مؤسسات وأهالي المدينة- سيعملون على متابعة القضية سياسياً وقانونياً، على كافة الصُعد المحلية والإقليمية والدولية، من أجل وقف هذا القرار الجائر الذي يستهدف تاريخ مدينة الخليل وسكانها الأصليين.

وبالعودة إلى حمدان مدير عام لجنة إعمار الخليل، فقد أكد أن الحراكات الشعبية والجماهيرية، والتحركات السياسية والقانونية هي السبيل الوحيد للتصدي لهذا المشروع وغيره من المشاريع الاستيطانية التهويدية لوسط الخليل.

يقسم الاحتلال ببؤره الاستيطانية وحواجزه وبواباته الحديدية والإلكترونية البلدة القديمة إلى قسمين، شمالي وجنوبي، فيُضطر الفلسطيني لاجتياز حوالي 5 كيلومترات للوصول إلى طَرَفَي البلدة بينما المسافة الأصلية لا تتعدى بضعة أمتار.