أزمة موظفات وموظفي القدس مستمرة ومصيرهم إلى المجهول
تاريخ النشر : 2019-12-14 21:23

غزة:

مطلع فبرير من العام الجاري، كان المرة الأخيرة التي تطلّ فيه المذيعة سلوى أبو عودة من مدينة غزة، على جمهورها من خلال شاشة قناة القدس الفضائية التي عملت فيها منذ انطلاقها قبل نحو عشر سنوات، إذ توقّفت القناة بشكل مفاجىء ليفقد 43 من الصحافيات والصحافيين عملهم، إثر أزمة مالية خانقة عانتها إدارة القناة وعجزت عن مواجهتها.

عودة التي اعتادت نقل معاناة الناس باتت هي الآن تواجه واقع صعب بعد فقدان عملها، فعلاوة على كونه مصدر دخل، فهو قبل كل شيء رسالة المجتمع وصوته الذي تحرص على إيصاله، وتستغرب عدم دفع مالهم حتى الآن مؤكدة مواصلة جهودهم بشكل جماعي حتى نيل حقوقهم.

عودة: عدد من الزملاء تعرضوا للطرد من بيوت الإيجار التي كانوا يسكنون فيها لعدم قدرتهم على الوفاء بالإيجار.

وتشعر أبو عودة بالحنين لبرامجها التي كانت تقدّمها عبر شاشة قناة القدس، فبرنامج مثل "جيل العودة" كان تعدّه بنفسها وتحرص على متابعة كل تفاصيله، العمل بالنسبة لها موهبة ورسالة قبل أن يكون وظيفة ومصدر دخل.

وبخصوص مستحقاتهم العالقة، تؤكد أبو عودة أنه تم ترشيح ثلاثة من زملائهم ليكونوا متحدثين باسمهم، يجري الحديث الآن عن حلول ولكن لم يتم التوصل لشيء بشكل رسمي، لكن الشباب مستمرون ويجهزون الآن لوقفة، خاصة بعد تضرر عدد من زملائها وتعرضهم للطرد من بيوت الإيجار التي كانوا يسكنون فيها لعدم قدرتهم على الوفاء بالإيجار.

المصور أحمد الداعور، عمل أيضًا في القناة منذ انطلاقتها، تنوّعت خبرته كمصور ما بين التقارير الإخبارية والبرامج والقصص الإنسانية والأفلام، وهو ما أكسبه على مدار هذه السنوات خبرة واسعة، كانت تؤهله للعمل في أي مكان عندما كان سوق العمل يستوعب أكثر، لكنه آثر المواصلة مع قناة القدس التي آمن برسالتها.

الداعور: قرار الإغلاق فاجأنا، حتى أننا تلقينا قرار عدم الذهاب إلى المكتب برسالة على الجوال

يقول الداعور :"كانت الأمور طبيعية حتى بدأت الازمة عام 2018، حيث تلقينا طوال العام ما يعادل راتبين ونصف فقط، كان السبب كما فهمنا نقص التمويل من قبل الداعمين"، مع اشتداد الأزمة تحوّلت برامج القناة إلى البرامج التسجيلية وبث الأناشيد، هذا كان يوحي بالخطر الشديد لكن قرار الإغلاق فاجأنا، حتى أننا تلقينا قرار عدم الذهاب إلى المكتب برسالة على الجوال.

ذهب الموظفون والموظفات إلى القناة فوجدوا الباب مغلقًا، ومنذ ذلك الحين لم يتم الرد عليهم بخصوص مستحقاتهم، وهم يشعروا بالألم لتركهم دون عمل أو بدائل بعد كل هذه السنوات التي قضوها في نقل رسالة الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، ونقل حتى معاناة زملاء لهم تعرضوا لانتهاكات، باتوا يعانون مثلهم الآن.

"مع الفلسطيني في كل مكان"، لم يكن مجرد شعار حملوه، بل رسالة سامية آمنوا بها، في مسيرات العودة، حيث كاميراتهم كانت سبّاقة، في الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، حيثما كان هناك ضحايا وانتهاكات، تجد قناة القدس في المقدمة، هو الإيمان بعملهم قبل أن يكون قصة راتب كما يقول الداعور الذي يضيف :"كنا نشعر بالألم والمرارة في الاعتداء الاسرائيلي الشهر الفائت، كيف يحدث كل هذا ويرتقي الشهداء ولا نحمل كاميرا لنقل صوتهم"، فالقناة تركتهم يتجرعون الألم، لماذا لم تستدرك الأزمة قبل تسريح كل هذه الخبرات.

الافرنجي: لم يستطع القائمون عليها الصمود ولم يحسنوا التصرّف مع عملية الإغلاق وتبعاتها، خاصة حقوق الموظفين والموظفات

وفق تقرير سابق لشبكة نوى، فإن القناة عانت من نقص في التمويل منذ خمس سنوات، ما ادى إلى ترشيد نفقاتها بشكل كبير، وتقليص عدد البرامج والموظفين، دون أن يجدي ذلك نفعًا، ففاتورة الديون باتت مرتفعة وفق تصريح سابق لمدير القناة في غزة عماد الافرنجي.

في تصريح له اليوم، وجّه الافرنجي رسالة شكر لموظفي وموظفات قناة القدس قال فيها :" فرسان وفارسات قناة القدس من الإعلاميين، بذلوا كل ما يستطيعون لأجل الكلمة الحرة، واصلوا الليل بالنهار لنقل صمود شعبنا وجرائم الاحتلال إلى العالم، نقلوا الرواية وشاركوا في صناعتها، وعملوا نحو عام كامل دون رواتب ولم يشكو أحد منهم لأنهم يؤمنون برسالتهم ويعلمون أنهم تشرفوا بحمل لواء القدس".

ويوضح مرة أخرى إن القناة أغلقت بسبب أزمة مالية لم يستطع القائمون عليها الصمود ولم يحسنوا التصرّف مع عملية الإغلاق وتبعاتها، خاصة حقوق الموظفين والموظفات، فواجب مجلس الإدارة المسارعة في الوفاء بحقوق الموظفين والموظفات وتكريمهم على جهودهم، فقد واجهوا الموت مرات من أجل نقل الرسالة.

ويجزم الافرنجي أن المشهد الاعلامي الفلسطيني خسر منبرًا إعلاميًا ومؤسسة رائدة في الخطاب الوطني الفلسطيني، ووقفت إلى جانب المدينة المقدسة وأهلها ودعمت صمودهم، وتابعت عن قرب آمال وآلام شعبنا في أراضي عام 1948 ، وعايشت حصار غزة وحروبها ووقفت مع الضفة وتغول الاحتلال عليها، وقدمت نموذجًا يحتذى للرسالة الإعلامية الوطنية المحافظة وسط بحر من الألغام السياسية، مضيفًا إن الرواية الفلسطينية في الخارج ستتأثر نسبيًا، فقد كان القدس الأولى من حيث المتابعة وفقًا لاستطلاعات الرأي، إذ ركزت على هموم شعبنا في الشتات، وكانت حاضرة في كل المحافل الوطنية.

وحول مستحقات الموظفين والموظفات قال إن الأيام الأخيرة شهدت اتصالات من غزة مع إدارة القناة ولقاءات في الخارج أيضًا، وللحق فقد بذل مجلس الإدارة جهودًا كبيرة لتوفير رواتب وحقوق الموظفين المتأخرة التي وحدها تزيد عن 2 مليون دولار، وتم التوافق على تسديد حقوق الموظفين الصابرين الصادقين، وقد تشهد الأيام القادمة إعلان عن هذه الآلية وإنهاء هذا الملف المحزن.