خبراء ومسؤولون واقتصاديون يبحثون معضلة شركة كهرباء القدس
تاريخ النشر : 2019-11-24 09:54

شبكة- نوى

عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) في مقره برام الله لقاء طاولة مستديرة بعنوان "أبعاد معضلة قطاع الكهرباء في فلسطين بين القطاع العام والقطاع الخاص: حالة شركة كهرباء القدس"، وناقشت الجلسة المشاكل المالية لشركات القطاع الخاص العاملة في قطاع الكهرباء، وعلاقتها بالخزينة العامة، والمشاكل القانونية والتنظيمية، والتحديات الناجمة عن تعقيدات تصنيف المناطق الفلسطينية، وعدم التزام جزء من المستهلكين بالأنظمة والقوانين.

وركزت الجلسة على أزمة شركة كهرباء القدس كونها مؤسسة تقدم خدمة الكهرباء لحوالي مليون مواطن فلسطيني، بما في ذلك في العاصمة القدس. وشارك في الجلسة مدعوون من القطاعين العام والخاص ومن ذوي الاختصاص والخبرة، وقياديين سياسيين وعدد من أعضاء مجلس إدارة شركة كهرباء القدس وشركات توزيع كهرباء اخرى.

وفي بداية الجلسة أكد رجا الخالدي، المدير العام لمعهد ماس أنه ليس هناك شك بأن قطاع الكهرباء يمثل ركن من أركان الاقتصاد الوطني، ومزود لما هو ربما أهم سلعة لعموم الشعب، ما يجعل الكهرباء بمثابة "سلعة عامة". وفي الحالة الفلسطينية التي تنقصها السيادة على كامل أراضيها وحدودها ويبقيها مرهونة لاحتلال استعماري يهدد الكيان الفلسطيني بأسره، فإن الكهرباء تصبح سلاح استراتيجي للمحتل، بقدر ما يستطيع التحكم بتوريدها، وللاقتصاد الوطني، بقدر ما يستطيع أن يولد جزءاً منها ذاتياً. تتلخص هذه المعضلة بين الكهرباء بصفتها عصا للاحتلال، وصفتها رصيد فني واستثماري ومالي لقدرة الشعب الفلسطيني التاريخية على الإدارة المستقلة لأمور الحياة، تتلخص بشكل جلي في حالة شركة كهرباء القدس، كما أن أزمتها الحالية تلخص جيدا تعقيدات العلاقة ونقاط الاشتباك بين فلسطين وإسرائيل، وحالة هامة في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إدارة مورد وطني حيوي.

وأعد المعهد ورقة خلفية حول الموضوع عرضها الباحث في المعهد السيد مسيف جميل، فيما قدم المداخلات الرئيسية في الجلسة كل من المهندس ظافر ملحم رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، والمهندس هشام العمري رئيس مجلس ادارة ومدير عام شركة كهرباء محافظة القدس، والمهندس حمدي طهبوب المدير التنفيذي لمجلس تنظيم قطاع الكهرباء الفلسطيني.

قدم عدد من المشاركين مداخلات لتوضيح الأرقام والمعلومات المتشعبة حول هذا القطاع ، بينهم السيد عزام الأحمد، عضو اللجنة التنفيذية م.ت.ف.،  الذي أشار إلى تشكيل لجنة متابعة من أعضاء التنفيذية والتي قدمت توصيات، من بينها أنه يجب آلا تعرض قضية إعفاء المخيمات على أنها المتسبب في الأزمة وإنما يوصي بأنه على الحكومة تسديد الديون على الاستهلاك المنزلي في المخيمات، مع دعوة أصحاب المنشئات التجارية والمصانع لعدم استغلال المخيمات، إلى جانب تشكيل لجنة مكونة من دائرة شؤون اللاجئين واللجان الشعبية في المخيمات، تدرس الواقع وتقدم توصيات حول كيفية استمرار تحمل الحكومة لهذه المسؤولية.

ومن جانبه، قال السيد باسم نزال من وزارة المالية الفلسطينية أنه يجب إعادة النقاش حول طبيعة هذه الديون وأسبابها والتوافق على المبالغ المختلف عليها مع شركة كهرباء القدس، وأكد على أن المخيمات تشكل جزءاً من هذه المشكلة ولكنها ليست المشكلة الرئيسية، وخاصة أن وزارة المالية تقوم بالتسديد عنها. كما تطرق د. شاكر خليل المستشار الاقتصادي لرئاسة الوزراء أنه يجب على شركة كهرباء القدس تحسين كفاءتها الادارية، مع التأكيد على أن هناك مشكلة كبيرة في قطاع الكهرباء ويجب البحث عن حل لها. وتحدث أيضاً م. عدنان الحسيني، عضو اللجنة التنفيذية ووزير شؤون القدس سابقاً، مؤكداً على ضرورة التعاطف مع شركة كهرباء القدس وذكر بعض الإنجازات التي تقدمها، وركز على أهمية تواجدها وعملها في القدس والذي يخدم أغراض سياسية وسكانية للفلسطينيين. وشدد د. عاطف علاونة على ضرورة عدم التشكيك بالأرقام وخاصة في ظل وجود موازنات مدققة، ومجالس إدارة تتابع عمل الشركات، وأكد على أن مشكلة الأرقام والتوافق عليها مسألة يمكن حلها بسهولة، وطالب بضرورة التشديد على الأنظمة والقوانين والتزام الهيئات المحلية بدفع فواتير الكهرباء.

كما أكد الدكتور حسين الأعرج وزير الحكم المحلي السابق، على أن مشكلة الكهرباء هي مشكلة قطاع بأكمله وأن حلها يتداخل مع حل مشاكل أخرى في القطاعين العام والخاص، ويجب عدم التساهل في معالجة هذه المشكلة حتى نتجنب التداعيات الاقتصادية والاجتماعية السلبية.  من جانبه أشار الدكتور عبد الفتاح أبو الشكر على أن قرار إعفاء المخيمات من دفع فاتورة الكهرباء إنما جاء لمساعدة الفقراء، لكن يستفيد منه اليوم غير الفقراء في المخيمات، بينما يعاني الفقراء في تجمعات سكانية أخرى، وقرار إعادة تقييم هذا القرار يتطلب أخذ العدالة الاجتماعية بعين الاعتبار. وأشار السيد بسام الصالحي، إلى أن علاج الديون المتراكمة على المخيمات يكون بداية بتوضيح الملف الخاص بهذا الجزء والمتعلق بالمبالغ المستحقة بين شركة كهرباء محافظة القدس ووزارة المالية. كما يجب الحيلولة دون انقطاع التيار الكهربائي عن الضفة والقدس وهذا دور الحكومة بشكل عاجل، لأن العواقب الاجتماعية والسياسية كبيرة جداً. كما أن استخدام معلومات غير صحيحة تضر بسمعة شركة كهرباء القدس أمر يجب التراجع عنه كمنهج في التعامل مع قضية أزمة الكهرباء.

كذلك أجمع عدد من الحاضرين على أنه يلزم تكليف خبراء ماليين لإيجاد الحلول للأزمة المالية التي تعاني منها الشركة في ظل الظروف الحالية في فلسطين، بالأخص الأداء المالي للشركة وتداعيات عدم الدفع الذي يؤثر على أداء الشركة بالإضافة إلى نسبة الفاقد والسرقات وضعف القضاء. بينما رأى آخرون أن المشكلة لا تكمن في شركة كهرباء القدس إنما هي معضلة قانونية، تشريعية، إدارية، ومالية