سعادة المواطن والمواطنة الرقمية الفلسطينية بين الواقع والمأمول
تاريخ النشر : 2019-11-05 09:42

رائحتك تفضحك طالما اعتبر الإنسان أن أسرار السعادة ترتبط منذ بدء الخليقة بمدى حالة الفرد الظاهرة للعيان، بمحيطه فقط وارتبطت بمدلولات قناعات الشخص في بيئته وتفاعله مع الآخرين، ولكننا الآن وفي ظل تطور الفضاء الرقمي عزيزي المواطن سعادتك أصبحت مرتبطة في مدى سعادة أو تعاسة الآخرين وباتت "كل مشاعرك مفضوحة على الشابكة" والمواطنة في بلدك ترسمها أنت برغم كل المتغيرات حولك وطالما أنت متمسك بأمانة بالقيم الأخلاقية والمبادئ الخاصة التي تتعلق بحقوق الإنسان والحفاظ على أساس الحريات العامة؛ وكونها العدالة لا تشترط على الإنسان كي يحمل اسم " المواطنة" أن يتحيز لجنسه أو عرقه أو مذهبه أو ثقافته على الآخر، علينا العمل بمنظومة موحدة على أن يخضع الجميع لسيادة القانون، والقناعة الراسخة بأداء الواجبات كما ينبغي وفي حصول الفرد من دولته على مجمل الحقوق الإنسانية.

ولا تختلف المواطنة في المسمى كمصطلح ولكنها تخضع للمنظومة القانونية والجغرافية في كل دولة، وتتداخل جميعها في صلب الحقوق الإنسانية، ولا تختلف الشعوب كافة حول أهمية وضوح المجمل العام للسياسات والمضامين والمعايير التي من شأنها أن تكون حامية وحريصة على ضمان شفافية ومصداقية العلاقة التي تحكم الفرد بدولته وكما يرسمها ويحددها القانون، لا كما يفصلها بعض المستنفذون أحياناً، فيصير القانون هشاً ولا علاقة له بتبيان وتفصيل مجمل الحريات وبما تتضمنه تلك العلاقة الراسخة وذات القيم العليا بالمجتمعات المؤمنة بالمواطنة وحقوق الإنسان ومعايير الدولة لمجمل الحقوق والواجبات .

ولطالما أن حقوق المواطنة تخص المواطن ضمن نطاق دولته، والحامل لجنسيتها، في الصعيدين الجغرافي والديمغرافي، واستجد علينا الفضاء الرقمي والمواطنة الرقمية وصارت الحاجة ماسة في المجتمعات والشعوب تعديل الدساتير كافة حيث يخضع الجميع للنظام العام مع ضمان نفاذ وتطبيق المفهوم الواسع لحقوق الإنسان، فمبدأ المساواة الذي هو أحد مبادئ حقوق الإنسان هو نفسه المبدأ الأول للمواطنة، مع التنويه أن مبادئ حقوق الإنسان واجبة التطبيق حتى بحق المواطن الذي لم يلتزم بواجباته، كالحق في محاكمة عادلة للمتهمين بخرق القانون والذين أخلّوا بواجبات تلك المواطنة، حيث يُقدم مفهوم سيادة القانون كمانع أساسي لتعسف السلطة، وكضامن لحقوق وحريات المواطنين فيها، وعلى مبادئ العدالة والمساواة وعلى ضمانات الحقوق، والحريات العامة والخاصة.

ويساهم مبدأ سيادة القانون في ترسيخ عناصر السلم الأهلي وتعميق فكرة المواطنة في المجتمع، ويساهم أيضاً في حماية حقوق الإنسان على نحو فعال، مما يؤدي إلى تحقيق التقدم والتنمية في مختلف المجالات بشكل مطرد.

ويعني مبدأ سيادة القانون خضوع الجميع " بدءًا بالفرد وانتهاءً بالدولة نفسها" للمساءلة بموجب القوانين الصادرة عنها، وتطبيقه على الجميع بالتساوي، ويحتكم في إطاره إلى قضاء مستقل ونزيه. وفي هذا الصدد، تضطلع المنظمات الوطنية لحقوق الإنسان في العالم وبخاصة في المنطقة العربية، بأدوار حيوية في التثقيف والتوعية والتدريب على التعريف بالقانون وأهمية احترام أحكامه لما في هذا الاحترام من رابط قوي في حماية منظومة الحقوق والحريات في هذه البلدان.

أصبحت سعادة المواطن مرتبطة في المواطنة الرقمية وحيث واصل مستخدم الشابكة بالاستعانة بالتقنيات الحديثة والمتنوعة للتواصل مع الآخرين والوصول لمصادر المعلومات المختلفة.

ومن ثورة التكنولوجيا والمعلومات التي نعيشها والتي تحمل معها خلالها الكثير من المعلومات وفيها الايجابيات والسلبيات للفرد والمجتمع، ومن هنا بات مسلم فيه أن هذه المنظومة والثورة باتت خدمة واجبة على الدولة وليست سلعة تباع وتشترى ولطالما هناك قانون الجرائم الإلكترونية والذي يحدد صلاحيات ومعايير نشر وتداول المعلومات في الفضاء الرقمي.

من واجبنا كأفراد ومستخدمين للتقنية أن نسعى ونتعاون لتوظيف التقنية في الطرق الصحيحة ووفقا لقواعد أخلاقية سليمة، مع مراعاة الضوابط الدينية والقانونية والإنسانية والتي ستعمل على الحد من سلبيات التقنية الرقمية ودرء مفاسدها على المجتمع والفرد معا.

وعلى الدولة والقطاع الخاص تقديم الخدمة وتوفيرها ما أمكن لكفاية المستخدم الذي لا بديل له عن هذه الثورة لتحقيق العدالة الإنسانية لشرائح المجتمع الأكثر عوزاً؛ ولا سيما في المناطق التي تخضع لتحديات الاحتلال والبطالة وتنتقص لوصول الخدمات الإنسانية الأخرى .

علينا جميعاً حث الجهود والعمل معا من أجل المساهمة بنشر وتطبيق مفاهيم العدالة للمواطن وحقه بالمواطنة الرقمية وضماناً لتوفير السعادة المهاجرة من أحياء البلدات العتيقة والنائية والمهمشة للارتقاء سوياً بالمواطن الصالح وللتأثير في خلق مجتمع واعي ومثقف ومؤمن بالعدالة والحكم الرشيد للدولة

وتُعرّف المواطنة الرقمية بأنّها:” وعي الأفراد بالأضرار والمنافع المختلفة في بيئة الشابكة "الإنترنت " والفضاء الرقمي الواسع على أساس المساواة في الحقوق والمسؤوليات بسبب المبادئ الأخلاقية”.

بمعنى جملة مجموعة من الضوابط والمعايير المعتمدة في استخدامات التكنولوجيا الرقمية المتعددة، والمتمثلة في الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الأفراد أثناء استخدامهم تقنياتها، ويتبعها أيضا الالتزامات و الواجبات التي ينبغي أن يؤديها ويلتزم بها المستخدم" المواطن" في أثناء ذلك”.

وفي استطلاع عن انقطاع خدمة الشابكة" الإنترنت "، وعن حقوق المواطن في الحصول على خدمة الإنترنت مجانا ومن منطلق أنها خدمة وليست سلعة تباع، وحول آراء المواطن في قانون الجرائم الإلكترونية .

أجابت د. سحر فهد قواسمي: "اعتقد أصبح الإنترنت كحاجة وقد تصل إلى حد اعتبارها من حقوق الإنسان، ولكني مع قانون جرائم إلكترونية ولكن بلوائح تنظيمية واضحة بحيث لا يستخدم لانتهاك حقوق الفرد".

المواطن أ. م . قال "أعارض العمل في قانون الجرائم الإلكترونية لأن إصداره جاء في غير وقته، ويعتبر كل مواطن مخالف لأحكامه وتنفيذه هو تمكين الدولة من محاكمة أي مواطن متى شاءت" .

المواطنة "س .ع " أشارت أن انقطاع خدمة الإنترنت يتكرر كثيرا وبلا سابق إنذار؛ علما بأنها من أغلى الأسعار عالميا إن لم تكن الأغلى على الإطلاق، في حين أن أغلب الدول تسعى لتقديم خدمات الانترنت مجانا لمواطنيها بحكم أنها أصبحت من ضروريات الحياة بعد ارتباطها بالكثير من التطبيقات الهامة لتسهيل الحياة العامة، وهي ضد قانون الجرائم الإلكترونية بوضعه الحالي فهو يضع الكثير من القيود على مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

لقد تطورت خدمة الانترنت في المجتمع الفلسطيني تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة وأصبح من ضروريات الحياة اليومية وبخاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة .

الأستاذ ماجد شيوخي قال:" خدمات الانترنت متطورة في المجتمع الفلسطيني وسرعتها ممتازة ونطمح أن تتحسن أكثر في المستقبل، و العيب الذي يعاني منه المواطنين هو ارتفاع أسعار خدمات الانترنت بالمقارنة مع دول الجوار وفي الوقت الذي يحصل جيراننا على سرعة أعلى وجودة أفضل وبأسعار اقل.

وأما بالنسبة لمجانية خدمات الانترنت فان الأمر لا يعدو أن يكون حلما غير قابل للتنفيذ وبخاصة وان من يتحكم بهذه هو القطاع الخاص الذي يحاول جاهدا الحصول على أعلى مردود مادي.

انأ لا أؤيد فرض أو خنق أي أصوات تخرج من مواقع التواصل الالكتروني، ومن المفروض أن يكون القانون سيد الموقف ومن يخطئ يعاقب بحسب قانون الجرائم الإلكترونية الذي مع الوقت وبوجود مجلس تشريعي سيتم مراجعته ولكن لا يعقل أن تحصل الجرائم الالكترونية المختلفة وان يفلت من يرتكب هذه الجرائم من العقاب".

واختتم في النهاية، بشعوري العام بوجود فجوة كبيرة بين المواطنة الرقمية في فلسطين ومنظومة الحقوق الإنسانية الدولية والعالمية والواجب ضمان نفاذها، على سبيل المثال على الصعيد العالمي المتحكم الرئيس بالفضاء الرقمي فيها المسيطر واحد وهناك تقاطع في منظومة المواطنة الرقمية العالمية وحقوق الإنسان، بعدما تم حظر عدد كبير من الصفحات والأفراد والمؤسسات وحيث تم منعهم/ن من النشر .

وبات المواطن الرقمي في خضم التفاعلات في العالم الرقمي محكوم من قبل الآخر كيف ومتى عليه المشاركة الإلكترونية الكاملة، والسواد الأعظم في تزايد منابع ومصادر التجارة الرقمية من بيع وشراء، واتسعت دائرة التبادل الإلكتروني للمعلومات لدى الأفراد والمؤسسات وعليه بات المستخدم مجبور بالخضوع لمجموعة من الإجراءات والمراقبة الذاتية وتحمل المسؤولية الرقمية بالأعمال والأفعال، وعلى الدولة ضمان فرص الوصول الرقمي المتكافئ لكافة شرائح المجتمع وإلزام القطاع الخاص بالمساهمة في المسؤولية الاجتماعية.