د.هالة الحرازين،،أكاديمية تصنع التغيير
تاريخ النشر : 2019-11-04 07:25

غزة:

هو اللقب الأهم بالنسبة لي، فهو الأول فلسطينيًا والثاني عربيًا أكاديميا، نلته بعد منافسة شديدة وأطمح للمزيد"، بهذه الكلمات تحدثت د.هالة رزق الحرازين الحائزة على جائزة الوسام الذهبي للمرأة العربية القيادية والريادية لهذا العام..

وتعمل الحرازين كمحاضرة في قسم الجغرافيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الأقصى في مدينة غزة وترأس القسم منذ عام 2017، أنجزت خلال مسيرتها المهنية العديد من الدراسات المتميزة وعقدت وترأست اللجان التحضيرية لأيام دراسية تتعلق بالبيئة والمياه خاصة في ظل تبعات الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وأحدثت تحولًا في قسم الجغرافية منذ ترأسته، إنجازات أهّلتها لنيل اللقب الذي تمنحه مؤسسة صنّاع التغيير عن التميّز الأكاديمي للنساء العربيات.

في الطابق الثالث من مبنى الإدارة بجامعة الأقصى تستقر الحرازين في مكتبها الذي تتوسطه خارطة كاملة لفلسطين التاريخية، تشير إليها بابتسامة عريضة بدت كأنها جزءًا من قسمات وجهها وهي تقول: "من أجل رفع علم فلسطين أناضل أنا وغيري من النساء، نحن الفلسطينيات لدينا حسّ القيادة بالفطرة، فنحن اللواتي خضن النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي وواجهنا الحصار المفروض على قطاع غزة، نستطيع الإنجاز على شتى الصعد".

وفي حوار قطعه عدة مرات طلبة يراجعون رئيسة القسم، تروي الحرازين المتخصصة في الجغرافيا البيئية صعوبة المنافسة التي خاضتها، إذ تقدمت للمسابقة 1250 مشاركه على مستوى الوطن العربي، تم اختيار 250 ، ثم 45 ، خاضوا المسابقة من خلال تصويت الجمهور وتقييم لجنة التحكيم، حتى تم تصفيه العدد إلى 30 ، ثم التصويت على 15 مشاركه هن من دخلن المرحلة النهائية.

وتضيف:" في المرحلة النهائية للتصويت كانت المنافسة شديدة، فالمشارِكات هن سيدات على درجة عالية من المكانة والثقافة والنشاط الأكاديمي والمجتمعي، ورغم ثقتي بما قدمته على مدار السنوات الماضية أكاديميًا ومجتمعيًا لكن الاطلاع على تجارب المشارِكات جعلتني أشعر بصعوبة شديدة".

ليس الذي يعمل في بيئة محاصرة مثل قطاع غزة كمن يعملن في مجتمعات مفتوحة على كل العالم، الحرازين تواجه دومًا مشكلة نقص الإمكانيات مما جعل إحداثها للتغيير تحديًا كبيرًا، وحتى قدرتها على الخروج من قطاع غزة هو تحدٍ أيضًا.

تلقّت الدكتورة دعمًا كبيرًا من جامعتها والتي وضعت أيقونة التصويت على صدر صفحتها الرئيسية ممثله بـ لقائم بإعمال رئيس الجامعة أ.د أيمن صبح ، إضافة إلى دعم عائلتها وأصدقائها وصديقاتها الذي ساند موقفها حتى نالت اللقب.

وتبتسم من جديد بينما تعود بذاكرتها لسنوات طفولتها حين كانت تحلم برفع علم فلسطين ذات يوم، وتضيف :"أمي كانت تناديني منذ صغري "يا دكتورة" حتى عندما درست في القسم الأدبي ظلّت تناديني دكتورة، وكانت هي الداعم الأول والأهم بالنسبة لي بالإضافة لوالدى وأخي الدكتور عماد فهم من وقفو بجانبي كثيرا.".

وكأن لقب دكتورة نقش حفرته والدتها في عقلها، فهو رافقها منذ الصغر وظلت مؤمنة به، والدها كان يعمل محاسبًا، تملّكته الرغبة في أن تكون ابنته مثله، وبعد دراسة الفصل الأول حوّلت بنفسها إلى قسم الجغرافيا، حيث تميّزت دراسيًا نظرًا لحبها لهذا التخصص، ثم أكملت دبلوم تربية ومن ثم حصلت على الماجستير والدكتوراه.

وتكمل :"تخصص الجغرافيا ليس كما يتخيله الناس أنه عبارة عن خريطة وتضاريس صماء، بالعكس هو حيوي جدًا ومهم، تخصصي الدقيق هو جغرافيا بيئية وهو يدرس علاقة الإنسان بالبيئة، مثل المياه والتلوث وعوادم السيارات والضجيج، النفايات، والسياحة والبيئة وغيره، أسئلته الرئيسية أين ولماذا وكيف، يعتمد على التحليل وأنا أحب الفضاء والتحليل وليس الجمود.".

نالت الحرازين درجة الدكتوراه عام 2013، وهي أجرت العديد من الدراسات العلمية المتميزة، وترأست لجان تحضيرية لمؤتمرات علمية، ومنذ توليها رئاسة القسم عقدت العزم على إحداث تغيير إيجابي، فقررت افتتاح تخصص نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، وهو الأول في قطاع غزة إذ الموجود فقط نظم المعلومات، أنجزت خطه البرنامج ونال موافقة دائرة الجودة وهو الآن بحوزة وزارة التربية والتعليم العالي للاعتماد.

الحرازين أيضًا بصدد التحضير لافتتاح أول محطة أرصاد جوية أنجزت الموافقة على إنشائها، حيث سيكون مقرها جامعة الأقصى - خانيونس قسم الجغرافيا، يديرها طاقم من القسم وهي ستكون مفيدة جدًا للطلبة، إضافة إلى اعتمادها نظام الرحلات العلمية للطلبة وهذا يجعل التخصص أقرب إلى قلوبهم وعقولهم حين يجدوا جانبًا عمليًا مهمًا خاصة مع قرب إنجازها لإنشاء مختبر خاص بقسم الجغرافيا.

نالت الحرازين العديد من رسائل وشهادات ودروع التكريم محليًا وعربيًا، وهي ترغب في المواصلة كباحثة فالبحث عن المعلومة ديدنها حتى لو لم تكن متخصصة بالجغرافيا مباشرة، وهي تطمح بأن تتمكن من خلال عملها كمسؤولة للجان المرأة في ائتلاف شباب فلسطين إلى تمكين النساء أكثر فهن قادرات على التغيير.

 لكن لدى السؤال عن طموحها الشخصي ازدادت ابتسامتها وهي تقول :"الطموح من حقي وحق كل سيدة ترى أنها نشيطة، أتمنى أن أتولى ذات يوم إحدى وزارة إما التربية والتعليم أو وزارة البيئة أو المرأة، فأنا لدي رغبة في إحداث تغيير في واحدة منهن".

وعلاوة على عملها كرئيسة قسم الجغرافيا، فهي أيضًا مسؤولة لجان المرأة في ائتلاف شباب فلسطين، وعضو مؤسس في الاتحاد الدولي للأكاديميين/ات العرب، ورئيس لجنة تقييم الكتاب والامتحان بقسم الجغرافيا، وهي عضو اللجنة الفنية للخطة التربوية الثنائية وخبير مواد اجتماعية على مستوى قطاع غزة..

ورغم نشاطها وغيرها من الأكاديميات في قطاع غزة، لكنها ترى أن النساء ما زلن لم يحظين بعد بالقدر الذ يستحقونه في مراكز صنع القرار داخل الجامعات في قطاع غزة، وهي تعزو ذلك إلى تبعات الانقسام من ناحية والثقافة الذكورية من ناحية أخرى، آمله أن يحمل المستقبل تغييرًا إيجابيًا في هذا الصدد فالمرأة حيثما كانت أنجزت.

في مكتبها

مشاركتها في مؤتمر علمي

ترأسها لمؤتمر علمي

واحدة من الرحلات العلمية لطالبات القسم