فيديو: محمد الشنباري يتحدّى الجاذبية
تاريخ النشر : 2019-10-22 21:55

بيت حانون:

هل جربت يومًا تثبت كأسين فوق بعضهما بطريقة عكسية دون أن يسقطا!! حتمًا ستشدّهما الجاذبية ويسقطا معًا، لكن الشاب محمد الشنباري "24 عامًا" يتحدى الجاذبية ويفعل هذا بكل بساطة، بل إنه بطريقة احترافية يثبت خمس كؤوس محافظًا على توازنهم جميعًا.

محمد، ابن مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة، نشأ في أسرة رياضية بالكامل، وهو ما جعله منذ صغره يميل نحو التميّز والحفاظ على السلامة البدنية والعقلية، والده الدكتور محمد الشنباري أستاذ تربية رياضة في إحدى جامعات قطاع غزة، شقيقاه اللذان يكبرانه لاعب كمال أجسام وملاكمة، وشقيقته مدربّة رياضة، أما هو فيحترف كمال الأجسام لكنه برع منذ عامين في لعبة التوازنات.

حصل محمد حديثًا على المركز الأول في مسابقة صيف غزة 2019، التي نظمتها هيئة المستقبل الشبابي للتنمية بالتعاون مع منتدى شارك، بمشاركة 60 موهبة، صعدت 11 منها للنهائي كان هو أبرزها.

عن بدايته يقول محمد :"كنت أتابع مثل هذه المهارات عن طريق الانترنت، علقت في ذهني واقتنعت بها، جربت بأشياء بسيطة مثل الكاسات، وتدريجيًا بدأت أزيد عددها ثم أضيف أشياء أخرى للعبة وأـطورّها".

يتخذ محمد من فناء منزله المكوّن من طابقين مكانًا يمارس فيه هوايته التي يقضي معها أكثر من 6 ساعات يوميًا ما بين تجريب الأشياء الجديدة والتدرّب عليها حتى إتقانها، فبعد إتقانه لـ"الكاسات" جرّب وضع بيضة دجاجة فوق قطعة معدنية، ثم وضع بدأ التجريب بالكراسي، حتى باتت كافة المحتويات المحيطة به أهداف قابلة للتنفيذ.

"ألم تخشَ من كسر الكاسات؟" سؤال فكاهي ردت عليه هذه المرة والدته بابتسامة :"كلا، أردت لابني أن يجرب شيء أحَبّه، شجعته عندما شاهدته أول مرة، وكنت واثقة أنه سينجح، وبقيت معه في كل خطوة حتى أتقن اللعبة".

جدّته أيضًا كانت حاضرة إلى جواره بينما هو يجرب أمامنا وضع خمس "كاسات" من البورسلان متحديًا الجاذبية، والدته وجدّته كانتا جمهوره الأول منذ البداية، "كاسة" تلو أخرى والعيون شاخصة خلف كل منها، هل ستستقر؟ نعم بالفعل، لقد استقرت الكاسات الخمس في مشهد بدا أشبه بالسِحر.

"كلا هو ليس سِحرًا ولا ألعاب خفّة، هذا فن مختلف"، هكذا عقّب محمد على موهبته، إذ كثيرًا ما يطارده سؤال إن كان هذا له علاقة بشيء غير ظاهر للعَيان، وزاد :"بالعكس الفرق بينه وبين السحر أن كل شيء تراه أمامك هو الحقيقة المسألة هي توازنات أي قوانين جاذبية وفيزياء".

يبدو حديث التوازنات وقوانين الفيزياء غريب نسبيًا بالنسبة لشاب لم يكمل تعليمه الجامعي، لكنه يؤمن تمامًا أن المهارة والقدرة على تطوير الذات لا علاقة لها بالشهادات، فهو مثلًا تمكّن من تطوير أفكار شاهدها على الانترنت ولم يتوقف عند حد تقليدها، كما أنه يعمل بلا نادٍ يتدرب فيه ولا مكان خاص يناسب موهبته، ولا حتى مدربين فهو الوحيد في قطاع غزة صاحب هذه الموهبة.

يقول محمد :"أطمح خلال المرحلة المقبلة إلى تقديم المزيد من العروض في قطاع غزة، خاصة وأن ما قدمته قليل جدًا قياسًا بالموهبة، كما أطمح للمشاركة في برامج عربية وعالمية للمواهب، وأن أجد دعمًا حقيقًا لموهبتي، فأنا لا أستطيع السفر بشكل عشوائي، يجب أن يكون من أجل هدف وباتجاه مكان محدد أو مشاركة محددة".

يوفر الشاب إمكانياته التي يحتاجها للتدريب بمفرده، لكنه يحتاج إلى مكان مناسب للتدريب والعرض، فحتى قاعة العرض يجب أن تكون ذات مواصفات معينة خاصة من حيث الإضاءة التي يمكن أن ترافق عملية العرض.

ويشرح محمد كيف ينفذ موهبته بشكل بسيط :"ما يحدث أنني أحدد نقطة ارتكاز وأضع الكاسات واحدة تلو الأخرى عكس اتجاه الجاذبية، بالتالي تمسكان بعضهما ولا تسقطان وهكذا حتى آخر كاسة، وهذا ينطبق على بقية الأشياء".

لكن أصعب تجربة خاضها محمد ونجح فيها هي قدرته على تحدّي الجاذبية من خلال ريشة نعام، ورغم خفّتها الشديدة، فقد تمكّن من وضع أعواد من جريد البلح واحدًا تلو الآخر، تحمله كله الريشة، ونجح، بل هو قرر أن يتحدى نفسه بوضع أهدافه داخل المربع الخشبي الذي صممه وبدأ بتحريك المربع ببيده دون أن تسقط أي منها.

في فناء بيت محمد بالطابق الأول يمكننا أن نشاهد مربّع خشبي صممه بنفسه يمارس عليه بعض ألعاب التوازن إضافة إلى بعض المقتنيات مثل كرسي للتدريب وجذع صغيرة صغير وكاسات مختلفة الأشكال وبعض القطع المعدنية، كل هذه الأشياء العادية يصنع منها محمد إبداع غير عادي.

ويعاني المبدعون والمبدعات في قطاع غزة بوجه عام من قلة المؤسسات الراعية للمواهب، بينما تزيد نسبة البطالة في صفوف الشباب عن 62% ما دفع الآلاف للهجرة خارج قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عام 2006، إلا أن ثمة شبان وشابات يودون تطوير مهاراتهم هنا حيث القطاع الذي تكسر حصاره المواهب.