ميثاق شرف لحماية حقوق الطالبات والأكاديميات
تاريخ النشر : 2019-09-25 16:01

غزة:

"حتى الأكاديميات يتعرضن للتمييز على أساس الجنس، فهن عددًا بين الموظفين في الجامعات، والأقل رواتبًا والأقل حظًا في الحصول على المنح والترقيات وحتى في المساقات الدراسية"، هذا بالضبط واقع من يعملن في العمل الأكاديمي من النساء، هذه المهنة التي تعدّ الأكثر إرهاقًا كونها لا تنتهي بساعات الدوام، إنما يلحق بها ساعات من البحث والمتابعة على مدار الوقت.

هذه النتائج الصادمة جاءت ضمن ورقة عمل بعنوان "واقع الأكاديميات في الجامعات الفلسطينية- جامعات قطاع غزة نموذجًا" عرضتها د.عبير ثابت أستاذة العلاقات الدولية، وذلك ضمن مؤتمر بعنوان "سفراء من أجل حقوق المرأة" عقده مركز التدريب المجتمعي بالشراكة مع مؤسسة هنرش بل الألمانية، تم خلاله عرض مدونة سلوك قدّمها المركز لحماية حقوق المرأة في الجامعات الفلسطينية.

النساء الأكاديميات يواجهن العديد من المعوّقات في الجامعات الفلسطينية

أبرز ما ورد في المدونة كان تضمين اللوائح التنفيذية وإجراءات العمل الإدارية والأكاديمية في الجامعات الفلسطينية للمواد التي تمنع جميع أشكال العنف ضد المرأة، بحيث توضع موضع التطبيق الفعلي وبما يضمن محاسبة مرتكبي ممارسات العنف ضد المرأة، ومواءمة جميع المرافق الخاصة بالجامعة مع احتياجات المرأة بما يضمن لها الخصوصية والأمان الشخصي.

وطرحت المدونة تطوير نظام فعّال ومجّاني للتبليغ عن أي ممارسات تصنّف على أنها شكل من أشكال العنف ضد المرأة في الجامعات الفلسطينية، وأن تتخذ الجامعة جميع الإجراءات الكفيلة بحماية الطالبات والعاملات من التنمر الالكتروني أو المباشر داخل البيئة الجامعية، كما أضافت رؤى جديدة تجاه التزام أعضاء مجالس الأمناء ورؤساء الجامعات الفلسطينية تجاه النوع الاجتماعي بشكل عام وتعزيز حماية حقوق المرأة في الجامعات الفلسطينية.

عودة إلى الدكتورة ثابت التي أكدت في ورقتها ضمن الجلسة الأولى للمؤتمر أنها وانطلاقًا من القانون الفلسطيني الذي أكد حق المرأة في العمل، إلا أن الأكاديميات يواجهن العديد من المعوّقات في الجامعات الفلسطينية، فهن لا يتجاوزن 3-5% بالجامعات الفلسطينية وبعض الكليات لا يوجد بها أكاديميات أصلًا، وحتى من يعملن غالبيتهن بنظام الساعات الدراسية وليس التفرّغ الكامل، كما يحرمن من تقلّد المناصب الإدارية على خلفية الجنس رغم أن بعضهن يحملن لقب أستاذ دكتور، وحتى في عضوية مجالس الأمناء أو عمداء الكليات.

"ليس هناك من مساواة في الأجور بين الأكاديميين والأكاديميات"، هذا أيضًا واقع مخالف للقانون، فالأكاديميات لا يُسمح لهن بإضافة الأبناء، وهذا يصنع فارقًا في الرواتب، كما أن العلاوة التطويرية تصرف للأكاديميات أقل بكثير مما تصرف للأكاديميين، وحتى في البعثات الدراسية وتمثيل الجامعات، يتم التحيّز للأكاديميين، إضافة إلى سحب المساقات الدراسية من الكثير منهن وحرمانهن من تدريس تخصصات بحجة أنها تناسب الرجال أكثر.

هناك اختلاف في معدلات القبول بالجامعات بين الطلاب والطالبات

وأوصت ثابت بضرورة تسليط الضوء على وضع الأكاديميات في الجامعات الفلسطينية بشكل بحثي، فهن بحاجة لمن يستمع لهن ويوصل أصواتهن لأصحاب القرار لتحسين وضعهن الإداري والاجتماعي وتطبيق المساواة والعدالة في أماكن عملهن، ولإنصافهن ومنحهن حقوقهن المنصوص عليها في اللوائح والقوانين.

بدورها قدّمت الشابة نعمة وادي ورقة عمل بعنوان "حقوق الطالبات في الجامعات"، قالت فيها أن هناك اختلاف في معدلات القبول بين الطلاب والطالبات، فمثلًا كلية الطب تقبل الطلاب بمعدّل 95% بينما 96% للطالبات، اما في الهندسة المعمارية طلاب 75% وطالبات 80%  وهكذا.

وكي تحظى الطالبات ببيئة جامعية آمنة ترى وادي ضرورة منع كل أشكال الاستغلال الإنساني والمهني لكرامتها، وتوفير قاعدة خدمات طلابية جامعية متساوية  بين الطلاب والطالبات، وإتاحة المجال أمام الطالبات للمشاركة في العملية الانتخابية دون تمييز، وتوفير فرص متساوية في المنح التعليمية، وبيئة تناسب ذوات الإعاقة، وتوفير مرافق رياضية للطالبات، وضبط مواعيد المحاضرات بما يناسب واقع الطالبات وحماية الطالبات من التحرش.

بدوره قدّم الباحث محمود عبد الهادي ورقة عمل بعنوان "دور مدونة أخلاقيات وقواعد السلوك في تعزيز وحماية حقوق المرأة في الجامعات الفلسطينية، ناقش فيها مدونة السلوك التي طرحها مركز الإعلام المجتمعي.

وأكد عبد الهادي ضرورة تنفيذ الجامعات الفلسطينية لقاءٍ لرفع الوعي لدى الفئات المستهدفة حول بنود المدونة ومضامينها، وإبداء رأي الجميع ببنودها عبر التوقيع عليها والالتزام بها إدارياً، وضرورة ربط الجامعات الفلسطينية التزام الفئات المستهدفة من المدونة بنظام الترقيات والعلاوات والتقييم السنوي للموظفين والعاملين.

جهود المؤسسات لم توازيها في الوتيرة تدخلات المؤسسات الرسمية بحيث قلّ تأثيرها في تحقيق النتائج المرجوة

وشدد على أهمية اتخاذ الجامعات الفلسطينية تدابير تحفيزية للموظفين والعاملين لتشجيع الملتزمين ببنود المدونة، وضرورة قيامها بتطوير خطة عمل سنوية لإعمال بنود المدونة، واتخاذ كافة التدابير العقابية تجاه المخالفين لبنود ومكونات المدونة.

في الجلسة الثانية قالت المحامية والباحثة هبة الدنف في ورقة عمل بعنوان "دور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز ونشر ثقافة حقوق المرأة في قطاع غزة" أن المؤسسات ارتبطت جهودها بعملية رفع الوعي المجتمعي حول حقوق المرأة باعتبارها حقوق إنسان، ورفع وعي النساء بآليات الحماية القانونية والمحلية المتوفرة، كما اتبعت هذه المؤسسات استراتيجيات تتعلق بتزويد الخدمات المباشرة للناجيات من العنف، وتنفيذ برامج الضغط والمناصرة والتأثير في صناع القرار لتغيير القوانين والتشريعات والسياسات المعمول بها لصالح المرأة، وكذلك لتطوير البرامج والخطط المتعلقة بمناهضة ظاهرة العنف ضد المرأة.

لكن هذه الجهود كما تؤكد الدنف لم توازيها في الوتيرة تدخلات المؤسسات الرسمية بحيث قلّ تأثيرها في تحقيق النتائج المرجوة، ما ساهم في الحد من فعالية جهود المؤسسات الأهلية لمناهضة العنف ضد المرأة، وساهم في رفع معدلات العنف في قطاع غزة، نتيجة الإشكاليات المرتبطة بتلقي الشكاوى من النساء المعنّفات، ووقف تنفيذ العقوبات بحق المعنّفين/ات، وضعف تنفيذ الاستراتيجية الوطنية التي وضعتها وزارة شؤون المرأة  التي لم  تتضح ملامحها العملية في التطبيق الفعلي على الأرض.

من جانبه سلطان ناصر خبير الإعلام الاجتماعي، تحدث في ورقته حول ” دور الإعلام الاجتماعي في تعزيز ونشر ثقافة احترام حقوق المرأة”، عن دور منصات التواصل الاجتماعي التي أتاحت فرصة كبيرة للمدافعين عن حقوق المرأة في المشاركة برصد وتوثيق الانتهاكات المتعلقة بتلك القضايا سواء على المستوى السياسي أو الأمني أو الاجتماعي.

وتطرق لدور المحتوى الرقمي كوسيلة تساهم في صناعة وإحداث تغيير في المجتمع وتحسين ظروف النساء من خلال التأثير في السياسات أو النظم والإجراءات.

وتخلل المؤتمر عرض فيلمين توثيقيين حول ” فعاليات وأنشطة مشروع سفراء من أجل حقوق المرأة”، وكذلك فيلم حول “فعاليات مخيم ساندها” إضافة إلى توقيع جامعات على المدونة.