غزل البنات.. فاتحة رزق لصانع الابتسامة
تاريخ النشر : 2019-09-12 15:47

 

أينما يجد زحامًا يركن الشاب الثلاثيني فايز الوكيل بعربته التي تحمل اسم "صانع الابتسامة" على شاطئ بحر غزة، أو قرب المنتجعات السياحية، أو مقابل المدارس، ليبدأ بتجهيز حلوى غزل البنات القطنية ذات الأشكال المتنوعة فيجذب المارّة من الأطفال مما يدفعهم للشراء باعثهم في نفسهم السرور.

 لا يبدو ما يقوم به الشاب مقتصرًا على كونه هواية يمارسها، بل مصدر رزق بعدما ضاقت به السبل لاسيّما عقب توقفه عن دراسته الجامعية بسبب عدم قدرته على دفع الرسوم الدراسية الجامعية التي تتجاوز 300 دينار للفصل الدراسي الواحد، فقرر إيجاد فرصة توفر له مدخول شهري يعيل به زوجته وطفليه، ويتحايل فيها على ظاهرة البطالة التي تجاوزت 52% بين الشباب الفلسطيني في قطاع غزة الذي تحاصره سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 13 عامًا.

بدأ الشاب حديثه لنوى بعدما انتهى من تذويب مسحوق السكر ذو اللون الأصفر في الماكينة ولفه على عصا خشبية على شكل وجه مبتسم لأحد الأطفال مقابل شيكل واحد فقط، وقال: "عانيت لفترة طويلة من رحلة البحث عن عمل في عدة مجالات في قطاع غزة تنوعت ما بين التجارة، البناء، النجارة، الخراطة لكنها كانت دون جدوى، فما كنت أتقاضاه من مال زهيد لا يكفي لشراء قوت يوم طفلتي الرضيع".

يضيف: "نحن نفتقر لتطبيق مبادئ القانون فيما يخص تحديد الأحد الأدنى من الأجور ولا يلتزم به أرباب العمل غالبا لذا قررت العمل بمشروع بمفردي".

 جاءت تجربة صنع وبيع غزل البنات للغزي فايز بعدما قضى فترة لا بأس بها حبيسًا بين جدران منزله بجيوب فارغة، دون أن يجد ما يسد رمق أسرته، حتى تبلورت لديه الفكرة التي شجعته عليها خبرته البسيطة في مهنة " الخراطة" التي كان يمتهنها سابقًا.

وتوجه كبداية في المشروع الذي كان" فاتحة رزق عليه" حسب يصفه للبحث عن ماكينة تسمى" الآلة الصينية" وهي مختصة بصناعة الحلوى القطنية، وتبعًا للواقع الغزي والحصار الذي تعاني منه مدينته منذ ما يقارب الـ 13 عامًا، لم يجدها، فقرر صنعها بنفسه حتى أنه عثر على جزئياتها بشق الأنفس، نظرا لقلة وفرتها في الأسواق المحلية نظرا فالاحتلال الاسرائيلي يمنع دخول بعض القطع الحديدية والألومينيوم بدعوى أنها" مزدوجة الاستخدام" لكنه ظل مستمرًا وبعد جهد وعناء نحج أخيرًا في صنعها مستغرقًا في ذلك 6 شهور.

 يتابع فايز: "لعل أبرز ما ساعدني على صنع الآلة الصينية محليًا هو التحدي أولًا ومتابعتي لصنعها خطوة بخطوة عبر مواقع اليوتيوب فهذا هو الباب الذي طرقته لتطوير الفكرة وبلغت تكلفتها قرابة الـ300 دولار أمريكي".

 وبالطبع لم تسع الفرحة أسرته بإنجاز والدهم فكانت أول قطعة حلوى صنعها من نصيب طفلته الصغيرة التي التهمتها بسعادة وحب كبيرين لهذا أطلق على عربته اسم" صانع السعادة"، علاوة على أن هذه المهنة بدت تشكل له مصدر دخل جيد يستطيع من خلاله تلبية حاجياتهم.

 حسبما ذكر بائع الحلوى أن فكرة عمل الماكينة تعتمد على تحويل السكر بإضافة الماء وإذابته بعد تعريضه للحرارة المرتفعة فيتحول إلى الحالة السائلة وبفضل الدوران بسرعات عالية تسمى الطرد المركزي تصل جزيئات السكر المذابة إلى رأس المغزل، ومن ثم خروجها في صورة خيوط قطنية وحريرية، تجمع على عود رفيع ويقوم بتشكيلها بأطعمة وأشكال مختلفة حسب رغبة الزبائن، ولا تتعدي تلك العملية الخمس دقائق لتكون جاهزة بين الأيدي.

ويشير إلى أن عمله يرتكز بشكل أساسي على المواسم، الأعياد، الإجازات الصيفية، بينما  يقل في موسم الشتاء، وعن أهم ما يميز هذه المهنة أنها لا تحتاج للتيار الكهرباء بشكل دائم، فهو يكتفي بشحنها لفترة ساعاتيين فقط بسبب اعتمادها على البطارية، فيما يطمح لتوسيع مشروعه وهو الآن بصدد تشكيل أكبر قطعة حلوى من غزل بنات، سيشارك فيها موسوعة جنتس.

ووفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إن قرابة ثلث الشباب الفلسطيني فقراء، بواقع 29.2 بالمائة، وأوضحت البيانات أن نسبة البطالة في القطاع بلغت خلال العام الماضي 52% مقابل 44% في العام السابق عليه.