نتفلكس بعد هولييود وبوليوود: قوة ناعمة إسرائيلية!
تاريخ النشر : 2019-08-18 09:33

بعد اعتراف إدارة الرئيس أميركي ترامب ب القدس عاصمة للدولة العبرية، توجهت الخارجية الإسرائيلية إلى "بوليوود" مركز الصناعات السينيمائية بالهند، باللغتين الهندية والأوردو، بهدف تصوير فيلم روائي ضخم عن القدس وبتمويل من الحكومة الإسرائيلية، بوليوود التي تحظى بمتابعة أفلامها على طول القارات وعرضها، خاصة في المنطقة العربية، باتت إحدى أهم أدوات صناعة الرأي العام التي توجهت إليها إسرائيل من أجل توظيفها لصالح رؤيتها.

وقبل بوليوود، كانت ولا تزال "هوليوود" أهم أدوات القوة الناعمة التي استخدمتها الدولة العبرية لصالح تعميم رؤيتها وسياستها وتبرير عدوانيتها، منذ ستينيات القرن الماضي صنعت هوليوود أفلامًا عديدة، لتعزيز رؤية العالم حول ما تدعيه حول "المحرقة النازية" ودور اليهود في الانتصار على ألمانيا، وانتهاء الحرب الباردة، ثم تناولت الأفلام الهوليودية الدور الاستخباري الإسرائيلي في تعزيز المعسكر الرأسمالي في مواجهة المنظومة الاشتراكية، والقوة الخارقة والأسطورية للاستخبارات الإسرائيلية وبعد ذلك صنعت هوليوود عدة أفلام حول "الارهاب الفلسطيني"، ودحض الرواية الفلسطينية.

إلى ذلك، هناك عددًا من كبار الفنانين والنجوم ممن عملوا وما زالوا في هوليوود يعملون لصالح إسرائيل من خلال أنشطتهم وتبرعاتهم، مثل توم كروز وريتشارد غير وهاريسون فور، وأرنولد شوارزنيجر، وبالمقابل هناك أعدادًا متزايدة من هؤلاء ممن يقفون إلى جانب الحقوق الفلسطينية، مثل أنطوني هوبكنز وأنجلينا جولي وجورج كلوني وشون كونري وميل جبسون ورالف فاينس وداستن هوفمان.

وقبل أيام، رفض الممثل الأمريكي ديفيد كلينون المشاركة في مسلسل "فوضى" الذي تنتجه شبكة نتفلكس كون المسلسل يلمع صورة إسرائيل، الممثل الحاصل على جائزة "ايمي" اعتذر عن المشاركة بعد أن علم أن المسلسل من كتابة وإعداد إسرائيليتان هما آفي إيكاروف وليور راز، وبعد اطلاعه على السيناريو، تبين له أن هدف المسلسل هو تبرير انتهاكات إسرائيل لحقوق الانسان الفلسطيني، كما أن المسلسل يهين الفلسطيني من خلال الصورة التي يقدمها للمشاهد، ولم يكتف هذا الممثل بهذا الموقف، بل أكد دعمه الكامل للحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل، وأن ذلك من موقف ضميري، علمًا أنه عاطل عن العمل!!

نتفلكس، التي تحظى بمُشاهدة 130 مليون مشترك عبر العالم، باتت إحدى أهم القوى الناعمة المجندة لصالح إسرائيل، وقدمت حتى الآن أفلام ومسلسلات درامية في هذا السياق أهمها "عندما يطير الأبطال، وهاشنور هانوف، وصانع الكعك"، وكلها تهدف إلى كسب التعاطف مع الدولة العبرية وإظهار الإسرائيليين باعتبارهم الأكثر إنسانية في مواجهة قوى الشر والإرهاب.

إلا أن أحد أهم الجوانب الذي يعالجها الاختراق الإسرائيلي لنتفلكس تتوجه نحو تعظيم الدور الاستخباري الإسرائيلي وتمجيد قدراته، فإضافة إلى مسلسل فوضى الذي سبقت الإشارة إليه هناك فيلم "عملية النهاية" حول القبض على الضابط النازي أيخمان، وفيلم "الملاك" الذي يحكي قصة أشرف مروان صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من وجهة نظر إسرائيلية.

من هوليوود مرورًا ببوليوود، وليس بالنهاية مع نتفلكس، إسرائيل ما تزال الأقدر على توظيف إمكانياتها البشرية والفنية والمالية، لصالح اختراق هذه الأدوات الأكثر أهمية في مجال القوة الناعمة الأكثر ذكاء على اختراق عقول وقلوب المشاهدين والمتابعين من خلال التسلل "البريء" إلى عقولهم وقلوبهم.