بسام الشكعة: متجذِّر بالأرض وفي الذاكرة الجماعية
تاريخ النشر : 2019-07-28 09:15

إسرائيل تريد تدمير المشروع الوطني، يجب الدعوة إلى إعادة اللحمة فوراً بين الضفة والقطاع، حتى نخرج من هذا المأزق المدمِّر لنا وللمنطقة".
بسام الشكعة 

في اليوم الذي شهد رحيل بسام الشكعة؛ المناضل الفلسطيني العروبي؛ يوم الاثنين 22 تموز، 2019؛ كانت جرافات الاحتلال الإسرائيلي تنشب أنيابها في لحم القدس والمقدسييين، لتدكّ وتهدم عشر بنايات – "تطال 100 شقة سكنية، وتؤوي نحو 500 مواطن، حصل أصحابها على تراخيص من السلطة الوطنية الفلسطينية، باعتبار أن الحي يقع ضمن المنطقة المصنفة (ب) حسب اتفاقيات أوسلو". - في حيّ وادي الحمص، بقرية صور باهر، جنوب القدس المحتلة، لعزل القدس المحتلة عن محيطها، تعزيزاً لسرطان الاستيطان، واستكمالاً لمخطط التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، الذي خططت له الحركة الصهيونية، وبدأ تنفيذه العام 1948، وما زال مستمراً حتى الآن.
"وبعمليات الهدم هذه واسعة النطاق تنتهك سلطات الاحتلال المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 والتي حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراضٍ أخرى، إلاّ في حال أن يكون هذا في صالحهم، بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة. 
كما أنه وبموجب المواد 6 و7 و8 من نظام روما الأساسي، فإن "الإبعاد أو النقل غير المشروعين"، يشكلان جريمة حرب. وبذلك تتحمل سلطات الاحتلال كامل المسؤولية عن تدهور الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتشريد السكان الفلسطينيين وتفاقم الوضع الإنساني في محافظة القدس".
*****
ارتبط اسم المناضل "بسام الشكعة" بمقاومة الاحتلال، والشجاعة، والعمل الوحدوي، وبلجنة التوجيه الوطني، الذي ساهم في تأسيسها، مع عدد من الشخصيات الوطنية الفلسطينية، بعد هزيمة العام 1967، لقيادة الكفاح الوطني الفلسطيني، في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.
وارتبط اسمه ببلدية نابلس، حين انتخب رئيساً لها، على رأس قائمة وطنية، العام 1976، ومارس مهامه بمسؤولية عالية، مؤكداً شرعية منظمة التحرير الفلسطينية في مواجهة محاولة إلغائها، واستمرّ في تحمل المسؤولية حتى العام 1980، حين تعرَّض مع رئيس بلدية رام الله "كريم خلف"، ورئيس بلدية البيرة "إبراهيم الطويل"، إلى محاولة اغتيال، من تنظيم إرهابي صهيوني، كانت نتيجتها بتر ساقيه. 
كان عضواً في حزب البعث؛ لكنه كان وحدوياً حتى النخاع؛ ما جعله يستقيل من عضويته في الحزب، بعد قرار حزب البعث بعدم حلّ نفسه، والذي اتخذ في المؤتمر القومي الثالث لحزب البعث، الذي عقد في بيروت، في 27 آب 1959، بعد أن كان قد اتّخذ قراراً سابقاً  بحلّ الحزب، في أول مؤتمر قومي، إبان الوحدة مع مصر، العام 1958. 
بالإضافة إلى أن الراحل الوحدوي قاوم الانفصال بين سوريا ومصر، الذي حدث إثر انقلاب عسكري، يوم 28 أيلول 1961. 
وارتبط اسمه أيضاً بمعارضة اتفاقية أوسلو:
"أثبتت الأيام أن موقفنا من أوسلو كان صائباً، أنظر إلى الآثار التي خلّفها أوسلو على مجمل القضية الفلسطينية. لقد فتح أولاً الطريق أمام بعض الأنظمة العربية لتطبيع علاقاتها مع "إسرائيل"، ويعقدوا اتفاقيات معها".
*****
آمن المناضل السياسي التقدمي بدور النساء في تحرير الوطن، وليس أدلّ على ذلك أكثر من ارتباطه برفيقة دربه "عناية الفاصد"، التي تحدثت عن عملهما النضالي المشترك، كرفيقين، قبل ارتباطهما وبعده: 
"كان من القياديين المختفين، إجيت عنده على البيت جبت له شغلة سرية، حتى وقفت أطبع أنا واياه على الرول، كان هو مختفي في بيت غُرَفُه كثير، وضع مطلوبين. طبعنا على الرول من شان التوزيع، أخذته أنا حطيته بالسيارة، لحقتني شرطة تخالفنا، ناخذ منشور من السيارة، أطلع بالسيارة أنزّل مناشير، وأطلع معاه من السيارة نوزِّع المناشير، كانت فترة 57-58.
اللي دفعني (للانتماء للحزب) إنه من خلال اهتمامي، من خلال الثقافة، كانت بهداك الوقت، القومية والعروبة تتجسد بنفسنا، بشكل قوي، لذلك انطرحت شعارات حزب البعث بين إيدينا، لقينا حالنا، إنه فعلاً هذا هو الاتجاه، أو هادي المبادئ اللي أصبو إليها، من خلال الشعارات، من خلال النشرات اللي تواجدت بين يدي، لذلك مَكَنش عندي تردّد أن أنتمي للحزب. لا زالت  العروبة والقومية هي هدفي، هدف كل إنسان عربي.
أنا تركت الحزب 59، ما كنّاش متزوجين، لما صار المؤتمر القومي الثالث في بيروت، كانت الوحدة بين مصر وسوريا، كان الخلاف على إنه الحزب يحلّ نفسه، واللاّ ما يحلِّش نفسه، كان القرار الوحدة، إنه يحلّ، صار الاختلاف، تغيّر بإستراتيجية معينة للحزب، المفروض إنه حزب البعث بسوريا يحلّ نفسه، صار فيه قرار: لا، ما يحلّش، وكان متبني هاي اللى ضد "ميشيل عفلق"، لذلك كثير انقسموا، انقسم الحزب على نفسه، ترك قسم كبير الحزب، منهم "بسّام"، أنا، كثير تركوا".
*****
أنبكي رحيل القامة العالية؛ بسام الشكعة؟
أنبكي البيوت التي هُدمت وأضحت ركاماً؟ حالة الانقسام والتشظي؟ تدهور الوضع السياسي الفلسطيني عربياً ودولياً؟ 
أم نمسح دموعنا، وننهض لنغادر سياسة الفعل وردّ الفعل، ونستلهم العبر والدروس من المسيرة الكفاحية لمناضلينا الذين رحلوا، ومن المقدسيين الثابتين في أرضهم، ومن الشعب الفلسطيني الذي قاوم منذ بدايات القرن الماضي شروط قهره، ولنتصدى موحّدين، نساء ورجالاً، أفراداً ومؤسسات رسمية وشعبية، للمشروع الصهيوني الاستعماري العنصري، الذي يهدف إلى تركيعنا، وتدمير مشروعنا الوطني التحرري النهضوي؟ 

[email protected]
www.faihaab.com