لا تتغنوا بعهد ولكن لا تهاجموها!
تاريخ النشر : 2018-10-05 11:16

"مالالا يوسفزي" ومنذ نعومة أظافرها لم تحلم بالحصول على جائزة نوبل، ولم تتخيل أن تحصد مكانة مرموقة في الإعلام العالمي ولا أن تصبح رائدة في حقوق الإنسان، ولم تتخيل أن يحتفي بها الفلسطينيون في وقت ما !

وليس من باب المقارنة بالشخصيتين، عهد التميمي ومنذ نعومة أظافرها أيضاً لم تتخيل أن تصل إلى ما وصلته الآن بين مؤيد ومشكك ومزايد، الشرخ الكبير في المجتمع الفلسطيني في توظيف حالتها دفع الكثيرين للوقوف جنباً إلى جنب مع الإعلام الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية التي لم توفر جهدا في محاربة عهد كحالة، كونها تعرف خطورة تشكيل الحالات الفردية للمجتمع الفلسطيني.

وكما ذكرت والدتها بالطبع، شعرها الأشقر ولون عينيها دفع بالإعلام للتعامل بطريقة عنصرية خاصة مع عهد، ماذا لو كانت محجبه مثلا ؟ او سمراء البشرة كغيرها من الأسيرات المحررات ؟ هل ستنال ذات الإهتمام ؟ لا بالطبع.

أعرف عائلة عهد منذ قرابة ٨ سنوات، وأعرف النبي صالح جيداً، هل استغلت العائلة عهد لمكاسب شخصية ؟ ربما ! هل استغلت عهد اسمها لمكاسب شخصية ؟ أيضاً ربما ! هل سيفعل أي منكم ذات الشيء اذا كان بموقعها ؟ أيضا ربما ! لكن المؤكد من كل محاولة التفسيرات ان عهد وبحالتها الفردية هي جزء بسيطة من منظومة كبيرة وواسعة من القضية الفلسطينية ونحن نبرع بالتحرك بحالات فردية وليس بحالات جماعية تعود علينا بمكسب كبير.

عهد التميمي هي مجرد أسيرة محررة قضت أقل من عام في الأسر، نعم ربما ليست بالفترة الزمنية لتشكيل حالة إعلامية أو وطنية، لكن أيضاً عهد لم تتعاقد مع الإعلام العربي والدولي والمحلي للحديث عنها، نعم هي خطيئة لكل وسائل الإعلام لكن لا تلام الطفلة ولا العائلة ولا القرية ! لم تتكلم عهد أو عائلتها يوما عن مصطلح " أيقونة " انتم من ألصقتم هذه الصفة لها وبتداولكم لها باتت تلتصق بمخيلتكم لتكوين صورة نمطية سلبية عنها.

ولو شاءت الأقدار مستقبلاً وحصلت فتاة أخرى " ليست بشقراء ولا زرقاء العينين " على نفس التغطية، ستهاجمونها من جديد، لأن جزءاً كبيراً من داخلكم يرفض أن يحصل أحد على الأضواء والشهرة، من جديد لأننا نطمح بان تصبح الحالة شعبية وليست شخصية.

هل من المعقول أن تهاجم عهد من الفلسطينيين بنفس الطريقة او أكثر في نفس التوقيت الذي تهاجم به من المتحدث بإسم الخارجية والحكومة الإسرائيلية ؟ أليس من الأجدى أن نحتفي بها كحالة فردية ونشجع غيرها ونقوم بتغطية أخبار الأسيرات ودفع صورتهم للأمام ؟ أليس من الأجدى استغلال عهد وغيرها من الأسيرات المحررات ضمن حملة شعبية كبيرة لتسليط الضوء على وضع الاطفال والقاصرين في المعتقلات ؟

دلال المغربي وعقب استشهادها ذهب البعض وبتحريض ممنهج من الموساد لتناول فكرة، كيف قضت حاجتها وسط المقاومين ؟

لماذا نصر على قتل حالات فردية يتناولها الإعلام الدولي بطريقة قد تفيد القضية الفلسطينية بشكل أو بآخر ؟

بصراحة عتبي الكبير على مجموعة واسعة من الأصدقاء وهم قامات معروفة وأسماء معروفة ولأحدد أكثر، نساء من خلال هجومم الكبير على عهد، لدرجة أنني بت اعتقد أنه وبالفعل سبب الهجوم كونها ( أنثى ).

مرسيدس لم تقدم شيئاً لها للعلم، فمن المستغرب أن تنشروا اشاعات بدلاً من التكلف والبحث لدقيقة في محركات البحث الرسمية.

وأسجل احترامي لعائلاتها الهادئة، وأتمنى منكم الكف عن نهش عهد وعائلتها وحياتها، لم تتركوا أي مجال بصراحة إلا وتكلمتم عنه، حتى في ظروف السجن ذهب الكثيرون لتناول وزنها ! زاد وزنها بالسجن ! غريب أمركم حتى في جزئية الإعتقال التي لم يمر علي شخص أن شكك بظروفها ذهب الآخرون للتشكيك بها.

انصفوا عهد بالكف عن انتقادها بشكل سلبي، أنصفوها لأنها اعتقلت، والدها اعتقل، والدتها اعتقلت، شقيقها معتقل، أنصفوها لأنها فلسطينية ولأنها طفلة، عهد لا تستحق هذا التنمر الواسع.

والأهم، أنصفوا باقي الأسيرات، عهد مجرد اسم بسيط في قائمة طويلة من القامات النسوية في الأسر وهن بحاجة لمنشورات الدعم بدلا من منشورات تخصص لمهاجمة عهد وعائلاتها.

هذا أول منشور منذ خروج عهد من السجن، وسيكون الأخير

ولأنني أحترم نفسي، ولرفضي لحالة الهجوم على طفلة قضت أياماً في الأسر، سأحذف بكل احترام ابتداءً من الغد أي صديق وصديقة يهاجم عهد إلا اذا ثبت فعلاً خانت الوطن أو استغلت موقعها لمكاسب مادية شخصية.

يا من تغنيتم بمالالا يوسفزي، لا تتغنوا بعهد، لكن لا تهاجموها !