الاتحاد الأوروبي .. كوسيط بديل عن واشنطن!!
تاريخ النشر : 2017-12-13 10:40

كان موقف جمهورية التشيك صادماً لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وهو الموقف الذي اعتبر مخالفا لكل «المقدمات» التي جعلت من التشيك أحد أهم أصدقاء وتابعي الدولة العبرية، حتى ان بعض قادة إسرائيل وفور إعلان الرئيس الأميركي ترامب عن اعترافه بالقدس عاصمة للدولة العبرية، سارعوا بالقول ان جمهورية التشيك ستكون أول دولة بعد الولايات المتحدة ستنقل سفارتها من تل أبيب الى القدس، الا ان وزير خارجية التشيك لوبومير روزاليك، واثناء تناول الإفطار بصحبة نتنياهو على هامش اجتماع مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل اول من امس، فاجأ الجميع على المائدة عندما أشار الى نتنياهو قائلاً له: «انا مقتنع انه من المستحيل تخفيف حدة التوتر بحل من جانب واحد، نحن نتحدث عن دولة إسرائيلية، لكننا في الوقت نفسه يجب ان نتحدث عن دولة فلسطينية»، وذلك تعقيبا على الموقف من القرار الأميركي بالاعتراف، بالقدس المحتلة كعاصمة للدولة العبرية.
ولكن وخلال اجتماعات مجلس أوروبا التي دعا نتنياهو نفسه الى المشاركة فيها، تحدث وزير الخارجية الفرنسي بموقف اكثر صراحة وتحديداً: «انتظرنا طويلا أن تتقدم واشنطن بخطتها لإحياء العملية السياسية بين الفلسطينيين واسرائيل، واذا لم تقم بذلك، فإن على أوروبا ان تتسلم زمام المبادرة» هي دعوة واضحة الى الدور الذي تقاعست أوروبا عن القيام به طوال سنوات، رغم أنها الممولة الأساسية لاستحقاقات اتفاق أوسلو الاقتصادية والسلطة الوطنية الفلسطينية، حيث إنها اكتفت بعملية التمويل والدعم الاقتصادي والمالي، ودون اي دور سياسي حقيقي، حتى من خلال مشاركة الاتحاد الأوروبي في «الرباعية الدولية» العاجزة والقاصرة بدورها عن القيام بأي دور فاعل او حتى هامشي على هذا الملف.
وإذا كان وزير الخارجية الألماني ريجمار جابرييل قد اعتذر عن الاجتماع بنتنياهو مبررا ذلك بمرض أحد أفراد عائلته، فان احداً لم يأخذ هذا المبرر بالاعتبار، بالنظر الى الموقف الألماني الأكثر وضوحا وتحديداً ضد القرار الأميركي قبل وبعد صدوره باعتبار القدس عاصمة للدولة العبرية، ما دفع مسؤولة الخارجية للاتحاد الأوروبي موغيريني الى الإعلان عن موقف الاتحاد بوضوح تام حول هذه المسألة من ان الاتحاد الأوروبي يدعم حل الدولتين، إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا الى جنب «عاصمتهما» القدس كحل وحيد للنزاع وان الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام ١٩٦٧ ومنها الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان ليست من الحدود الدولية المعترف بها لإسرائيل.
وفي اشارة الى ان مشاركة نتنياهو في هذه الاجتماعات من خلال عملية تحايل وخداع بدعم من وزير الخارجية اللتواني ليناس ليتكمييوس الذي قام بدعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية الى هذه الاجتماعات بدون علم هيئة مجلس الاتحاد الأوروبي، لذلك، ورداً على هذا التحايل تمت دعوة الرئيس محمود عباس للمشاركة في أعمال الدورة القادمة لمجلس الاتحاد الاوروبي بشكل رسمي وخلال مداولات ومناقشات ممثلي دول الاتحاد في المجلس، تم الحديث عما يجري من مواجهات واشتباكات بين الحراك الشعبي والشبابي الفلسطيني مع قوات الاحتلال في الضفة الغربية ومناطق ١٩٤٨ وقطاع غزة، للإشارة الى تداعيات قرار ترامب الذي زاد من توترات المنطقة التي تحاول الوصول الى استقرار نسبي بعد دحر قوى الإرهاب من مناطق عديدة كالعراق وسورية وهي إشارة من قبل الاتحاد الأوروبي الى ان قرار ترامب هو المسؤول عن عودة المنطقة الى الاضطراب وعدم الاستقرار، وهو الرد على مقولات نتنياهو من ان القرار سيساعد على إحياء عملية تفاوضية مع الفلسطينيين.
وقبل انعقاد مجلس أوروبا، طالب العديد من دول الاتحاد إسرائيل بتعويضات مالية، بعدما أقدمت حكومة الاحتلال على مصادرة او تهديد بعض المشاريع التنموية التي دعمتها تلك الدول، وبينما لم يتم نقاش هذا الأمر أثناء مداولات المجلس، الا ان قاعات المؤتمر، حفلت بالملصقات التي تدعو إسرائيل الى دفع فاتورة قيمتها ١،٢ مليون يورو تعويضا عن مدارس وخزانات مياه وأنظمة مائية ومنشآت اقتصادية تم تدميرها بشكل متعمد من قبل حكومة إسرائيل.
وهكذا، فإن الاتحاد الأوروبي بات يشكل رأس الحربة في الحرب على قرار ترامب على المستوى الدولي، بانتظار ان يشكل رأس حربة لتسوية سياسية في المنطقة بديلاً عن واشنطن!!
[email protected]