د.أمل الكحلوت: أطمح لإنجاز يخدم البشرية
تاريخ النشر : 2016-09-06 23:18

غزة-نوى-شيرين خليفة:

ليست فقط بارعة في علم صعب كالفيزياء؛ بل هي باحثة متميزة في مجال التخصص الدقيق "النانو"، إنها د.أمل الكحلوت عميد كلية العلوم بجامعة الأزهر في غزة، الحاصلة قبل أيام فقط على جائزة الايسسكو " المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة" في مجال الفيزياء عن مجموعة أبحاثها حول الطاقة والخلايا الشمسية.

دافع التقدم

"حين تقدمت للجائزة كان الدافع أن أرفع اسم فلسطين واسم جامعتي الأزهر، نحن الفلسطينيون باحثون مبدعون، في كل مجال يمكننا أن ننافس"، بهذه الكلمات عبّرت د.الكحلوت عن الدافع للمنافسة على جائزة الايسسكو، لتوضح أنها لمست قدرة الباحثين الفلسطينيين على إحراز الجوائز في كل بلد زارته.

 تعمل الدكتورة الكحلوت كعميد لكلية العلوم في جامعة الأزهر بمدينة غزة منذ عام 2014، وهي حاصلة على لقب أستاذ مشارك في قسم الفيزياء، وتنتظر الحصول على الأستاذية.

تقول د.أمل إنها تجري أبحاثًا في الخلايا الشمسية ومجال الطاقة، وأنها تعمل على الأبحاث التطبيقية فهي تتناسب مع شخصيتها، ومن الممكن أن تكون مفيدة للبلد، ولا تجزم الكحلوت أن الخلايا الشمسي قابلة للتطبيق، لكنها في طور البحث.

مجال علم النانو الذي تبرع فيه د.أمل تشرحه بأنه التعامل مع المادة على مستوى النانو "أي 1 على ألف مليون من المتر" أي تقريبًا الحجم الذري للمادة، وهذا لا يعني أن المنتج سيكون صغيرًا، فنحن نسمع في الإعلانات عن منتجات بحجم النانو مثل الشامبو وحتى أدوية معالجة السرطان، فما يحدث أننا عندما نتحكم في الحجم الدقيق للمنتج نستطيع التحكم في خصائصه.

كانت أمل الكحلوت ابنة مخيم جباليًا للاجئين شمال قطاع غزة من أوائل الثانوية العامة على مستوى قطاع غزة عام 1987م؛ حصلت على منحة لدراسة الفيزياء في مصر، عادت إلى غزة لتعمل معيدة في قسم الفيزياء بجامعة الأزهر عام 1992م؛ ثم حصلت على منحة لدراسة الماجستير في بريطانيا، ومن ثم منحة أخرى لدراسة الدكتوراه في ألمانيا عام 2004م، والآن هي تجري أبحاثًا حول الطاقة ضمن منحة الداد الأمانية.

علم يناسب الشخصية

الفيزياء علم صعب جدًا، لكن د.أمل انجذبت إليه منذ كانت في الصف الثاني الثانوي، فقد شعرت أنه يتوافق مع ميولها، خاصة عندما درست كيف يعمل التلفزيون الملوّن، فشعرت أنها تجد نفسها في هذا العلم، تضيف:"الفيزياء علم صعب، حتى حين درست الماجستير في بريطانيا كان الناس يندهشون عندما يعلمون أني أدرس الفيزياء، خاصة أنني كنت الشابة الوحيدة في المكان".

يعود حُبّ د.أمل لهذا العلم كونه أصل العلوم وأصل النظريات، ففي مصر يسمى علم الطبيعة لأنه يبحث في كل الظواهر الطبيعية، منه تبدأ النظريات وهو يتكامل مع كل العلوم الأخرى.

عن حياتها الخاصة تتحدث د.أمل أنها وحيدة أهلها بالتالي أراد لها والديها أن تكون متميزة، فكان ذلك دافعًا لها لتنجح أكثر، وحتى حين تزوجت بعد البكالوريوس وجدت كامل الدعم من زوجها، الذي احتضن أطفالهم الأربعة عندما كانت تسافر من أجل إتمام دراستها أو المشاركات الخارجية، وبقي دائم التشجيع لها.

لكن الطريق نحو الدكتوراه ليست معبّدة، فهي محفوفة بالتعب، تروي د.أمل أن حياتنا كفلسطينيين نساءً ورجال مليئة بالتعب وكلنا نشعر بالقلق على مستقبل أبنائنا، رغم ذلك فقد كانت بعض الظروف في الثمانينات أكثر يسرًا، فمثلًا حين درست البكالوريوس بداية في جامعة بيرزيت في رام الله، كانت تتوجه من غزة إلى جامعتها هناك في أي وقت تشاء، أما الآن فكل شيثء رهن الحصار.

المرأة تستحق أكثر

عرجت د.أمل في حديثها على النساء الفلسطينيات فهن مناضلات وناجحات، يكفي ما تعانيه المرأة يوميًا من تبعات الحصار، لكنها دعتهن في الوقت ذاته إلى الاجتهاد أكثر للحصول على مواقعهن التي يستحقونها، وأن يطرقوا كل المجالات ولا يكتفوا بالعمل النضالي.

وقالت أن نسبة وجود النساء كبيرة ومؤثرة، بالتالي يجب ألا يبقى المجتمع ذكوريًا، ورغم أن النساء يحظين باحترام كبير لكن الكحلوت ترى أنه ما زال يحتاج إلى الكثير ليعطي المراة مكانها الذي تستحق، مشيرة إلى الفارق في عدد الرجال والنساء (لصالح الرجال) في كل مواقع صنع القرار بما فيها مجالس الكليات.

تجزم د. أمل أن النساء مثابرات ولكن ما زال هناك سيطرة ذكورية على معظم المواقع، وإذا لم تثبت المرأة وجودها فلن يمنحها موقعها أحد، مشيرة إلى أن ابنتها وهي في الثانوية العامة الآن، تطمح لأن تكون ناشطة نسوية وتطمح بأن تعدّل بعض المفاهيم الاجتماعية ومن ضمنها أن تكون المرأة قوية بذاتها لا بغيرها.

أما السؤال الذي وجدت د.امل صعوبة في الإجابة عليه هو "هل اولادك مثلك؟ هنا ابتسمت وقالت :"صعب أن تحكم أم على أبنائها، أنا أراهم أفضل مني، هم عاديون مقارنة بأبناء جيلهم، أنا كنت عادية، ولكني ابنة مخيم، زميلاتي اللواتي كانوا معي الآن ناجحات وأيضًا يتبوأن مراكز مهمة".

عن طموحها تقول بلا تردد إنها تتمنى على المستوى العام أن تنجز شيئًا ينفع البشرية خاصة في مجال الطاقة الذي تبرع فيه، وكرّست له أبحاثها، وأنها حاليًا تحمل منصب أستاذ مشارك وتطمح للأستاذية وهي منتظرة قريبًا بحكم أنها تقدمت للحصول على اللقب، اما الحلم الشخصي فهو أن يوفق الله أبناءها في حياتهم.