رسمية النّجار .. في عقدها السادس ومتاعب العدوان تلاحقها
تاريخ النشر : 2014-08-17 18:30

غزة_خاص نوى_(شيرين العُكة)

كلما سمحت لها الفرصة تأتي الستينيّة رسمية النجار وتجلس لساعات أمام كومة هائلة من الحجارة، كانت يومًا حيّا كبيرًا تعمره البيوت وتقطنه عائلتها الكبيرة في منطقة خزاعة شرق مدينة خانيونس، بالطبع هي لم تأتي لتحادث جاراتها أو تزور أقاربها، فأهالي الحي منهم من ارتقى شهيدًا ومنهم من هاجر إلى بيوت الإيواء للاحتماء من القصف (الاشرائيلي)، وإنما تجلس تحاكي نفسها وذكرياتها القديمة مع الحي المدمر.

هواء خزاعة الجميل، البيت الكبير ذو الأربع طوابق الذي يعمره الأبناء والأحفاد، سرير مريح وغرف نوم ومطبخ والكثير من الأشياء التي عددتها مستذكره ما كان لها والذي حظيت به بعد عناء، فانحناءة ظهرها وتجاعيد وجهها تنبئك بسنين طويلة من عمرها أفنتها في الكدح والعمل برفقة زوجها والصبر على نوائب الحياة لتكوين مستقبل للأبناء.

قالت النجار "مع شدّة القصف خرجنا من البيت لا نحمل شيئًا، قشّه واحدة لم نأخذ، بالإمكان قطعنا مسافًة طويلة مشيًا على الأقدام وصولاً إلى المدرسة المجاورة لمستشفى ناصر"، لكن المدارس التي قد تكون نجاةً لهم من القصف، أوقعتهم في شباك الأمراض الجلدية وضيق في التنفس خاصة لدى المسنين.

وتشير رسمية: "كانت صحتي جيدة، ومنذ بداية الحرب بدأت أشعر بضيق في التنفس ازداد بعد وصولي إلى المدرسة، كما أصيب أحفادي بالالتهابات الجلدية والإسهال"، ولا تنتظر النجار ما يأتي إليهم في المدرسة من ماء وطعام، فهي تقوم بشراء حاجياتها بنفسها، لقولها "طوال عمري أحضر أغراضي بنفسي، ولا أحد يعبث بطعامي وشرابي، لقد تعودت على النظافة بينما الواضع في المدرسة قرافة لا أطيقها".

وكانت قد ذهبت إلى بيتها المدمر لتحاول البحث عن أي شيء يمكن أن يكون قد نجا من الدمار، لكن القصف لم يستثني شيئًا، وتتردد على مستشفى ناصر المجاورة للمدرسة للتوضؤ وغسل ملابسهم، فالماء شحيح ودورة المياه غير صالحة للاستخدام بحسب وصفها.

ومما يزيد معاناة النجار أن لديها ابنه مصابة بشلل نصفي، فهي تحتاج  إلى رعاية خاصة ومرافقة دائمة طوال اليوم، بالإضافة إلى حزنها على ابنتها الأخرى والتي فقدت زوجها شهيدًا خلال العدوان، أيضًا استشهاد ابن أخيها، وقالت "أصبت في أولادي وفي بيتي، ولا أعلم ما تخبئه لنا الأيام المقبلة".

وتتساءل عن شكل حياتها التي بدأتها بالتعب والعمل إلى جانب زوجها، وها هي تفقد بيتها و أحبابها والمسجد الذي حفظت فيه القرآن الكريم، "(إسرائيل) تحاربنا في كل ما هو محبب إلينا، الحياة صعبة على الدوام، لا أعلم كيف ستكون أيامي المتبقية، هل سأعيش وأرى بيتي واقفًا أمامي مرًة أخرى ؟".

وخزاعة منطقة زراعية تقع شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، يعتاش سكانها على واردات الزراعة من القمح والشعير والبصل وغيره، وتبلغ مساحتها 3 كيلو في 4 كيلو، بينما يبلغ عدد سكانها 13 ألف استشهد منهم 86 مواطنًا، ودمر الاحتلال حوالي ... منزلاً.