"من كَسّر الألعاب والمسجد ؟" من يجيب تسنيم ..؟
تاريخ النشر : 2014-08-15 22:28

غزة_خاص نوى_(شيرين العُكة)

لم تشأ وسام أبو جامع (22 عامًا) تصديق التهديدات الإسرائيلية المتكررة بتدمير منطقتهم "الزنّة" الواقعة شرق مدينة خانيونس، فطيلة أيام العدوان على قطاع غزة قررت وعائلتها التريث قبل مغادرة المنزل، أملاً في انتهاء العدوان ولأن عائلتهم كبيرة ولن يجدوا مأوًى يناسبهم.

لكن القوات الإسرائيلية صعّدت هجماتها على منازلهم فاضطروا للمغادرة، تقول أبو جامع لـ "نوى" "كان صوت القصف مخيفًا، ودخل الغبار إلى منزلنا بكثافة، وقد أغمى على أخت زوجي لاختناقها بالغبار".

وقد طلبت العائلة قبل خروجها مساعدة الصليب الأحمر، إلا أنه رفض وأخبرهم بخطورة الوصول لـ "الزنّة"، فخرجوا مع  ساعات الصباح الأولى إلى بيت جد زوجها في بني سهيلا، وكان عددهم يزيد عن (25 فردًا) فكانت الإقامة في المنزل صعبة ولكنهم اضطروا لتحملها.

لم تكد العائلة تستريح من المسافة التي قطعتها جريًا على الأقدام فقد جاورهم القصف مرًة أخرى، فأسرعوا تجاه مدرسة الحياة التابعة لوكالة الأنروا، لكن حالهم ازداد سوءً حيث اكتظاظ الأفراد داخل الفصل الواحد ومحدودية المرافق علاوًة على ندرة المياه وغيرها.

وعلّقت أبو جامع على ظروفهم داخل المدرسة، قائلة "كنا قرابة (70 فردًا) في الفصل الواحد، وكانت المياه مقطوعة والأغطية قليلة جدًا، فأحضر لي أبي بعض الأغطية لتنام عليها بناتي الثلاثة"، (..) "كان يأتي أبي كل يوم حاملاً معه المياه على التكتك، وقد بقي زوجي في بيت جده إلا أنه كان يحضر الحليب والطعام والحفاضات لصغيراتي".

لما نرجع

وطال انتظارهم داخل المدرسة في ظل أوضاعها القاسية، وهذا ما لم يكن في حسبان أبو جامع "استمر مكوثنا في المدرسة (15 يومًا)، كانت الأيام طويلة جدًا وقاسية، ابنتي تسنيم (5 أعوم) كانت تبكي باستمرار وتسأل عن ألعابها، فكنت أهدئها وأقول لها: تركناهم بالبيت وبس نرجع رح تلعبي فيه".

 وبعد الاتفاق على تهدئة إنسانية لمدة (72 ساعًة) في 11/ أغسطس الجاري،  ذهبت أبو جامع وعائلة زوجها لتفقد منزلهم المكون من أربعة طوابق، ورغم علمهم المسبق بتعرضه للقصف الإسرائيلي، إلا أنهم تفاجئوا بما حل به.

وأثناء سيرهم في الحي وصولاً إلى منزلهم شاهدوا المسجد وقد سقط أرضًا، فصاحت تسنيم

"الله أكبر مين كسروا بابا؟" فأجابها والدها "اليهود يا بابا"، وتابعت "كنت أشاهد المنازل المدمرة وأتساءل إن كان منزلي كذلك أم أقل دمارًا، لكنني وعند وقوفي أمامه بكيت بشدة وأخذ لساني يدعو على اليهود"، وصعدت مع عائلة زوجها لتفقد منزلهم ثم هرعت إلى شقتها في الطابق الرابع.

بصوتها الباكي المتقطع قالت " بعدما شاهدت ما حل بشقتي التي لم أسكنها سوى عامًا واحدًا، شعرت بضيق وبكيت مجددًا، تفقدت مطبخي الذي كنت أطهو فيه الطعام بينما صغيراتي يلعبن بجانبي"، وأضافت "تفقدت شرفة المنزل وكم كنا نحب الجلوس فيها وتناول الطعام لبرودتها في الصيف الحار".

وعاودت الطفلة تسنيم سؤالها لأمها فور وصولهم للمنزل "ماما وين ألعابي"، بحثت الأم فوجدت الدمار قد طال الألعاب والكراسي الصغيرة أيضًا، فسألت الطفلة مجددًا "ماما مين كسرهم مين؟"، وأوضحت أبو جامع لـ "نوى" أن بيتها الجديد كانوا قد اضطروا لبيع صيغتها من الذهب، بالإضافة إلى مبلغ من المال استلفه زوجها من عمه لإتمام بناءه.

وبينما كانت تسير في بيتها الذي يبدو أنه كان جميًلا بتصاميمه وجدرانه البنفسجيّة رغم ما أصابه من ألوان الدمار والخراب، علا صوتها المرافق لأزيز الزجاج المسحوق تحت الأقدام، وتساءلت "كان لي منزل مستقل أرتاح فيه، أصحو كل صباح أرتبه أطهو الطعام، ألعب مع بناتي وأنتظر مجيء زوجي، الآن لم يبقى شيئًا، ولا أعرف أين سنقيم الآن؟ "،

صمتت برهًة يبدو أنها تذكرت شيئًا، فاستدركت قائلة "كم سنه سنحتاج حتى نعمره ثانيًة؟".