هل أسندت المؤسسة الرسمية المقاومة في القطاع؟
تاريخ النشر : 2014-07-30 19:34

بدءً، يبدو أننا بحاجة لإعادة تعريف مصطلح طارئ في العمل الفلسطيني والعربي تجاه الكوارث التي تلحق بنا:

القيادة تدعو لاجتماع طارئ لبحث العدوان على القطاع-  بعد أكثر من 48 ساعة من العدوان!
والرئيس يعقد اجتماع طارئ لقيادات الأجهزة الأمنية بعد 72 ساعة!

جامعة الدول العربية تعقد اجتماعاً طارئا بعد أسبوع من العدوان- يبدو انهم انتظروا تحقيق اسرائيل لأهدافها كي يصدروا بيان الشجب والإدانة، وتحت الطاولة يتناولون نخب الفرح بالقضاء على المقاومة وعلى غزة.

رئيس الوزراء يتحدث بعد ثلاثة أيام من العدوان ويصفه بالابادة الجماعية ويضيف "سأكون سعيد بتواجدي في القطاع" وإلى اللحظة لم يذهب، واكتفى بتصريحات مقتضبة كل عشرة أيام، وحتى اللحظة لم نسمع عن خطة سيادته لمواجهة العدوان، ولا خطة استنفار وزاراته التي تستمتع بعطلة العيد (وزارة الصحة شأن آخر)!

وزارة الخارجية، لم تعلن الطوارئ، ولم تلغ الاجازات، ولم تمدد دوام الموظفين، ولم تستنفر سفاراتها في العالم للضغط أو على الأقل لتبيان الكذب الاسرائيلي لدى الدول المضيفة.  الخارجية هي المؤسسة الأخطر في وقت الحرب، مناط بها مواجهة آلة الحرب الدعائية الاسرائيلية من جهة، وتجنيد رأي عالمي رسمي وشعبي لمواجهة العدوان عبر المؤسسات الدولية والحكومات التي تصوت في تلك المؤسسات.

لا نستطيع انكار الجهد الذي تقوم به البعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة، والمتابعة الحثيثة لانعقاد مجلس الأمن الدولي، بالمقابل، لم نسمع عن تحركات في أي من سفاراتنا حول العالم، وحسب صديقة من الجالية الفلسطينية في احدى الدول الأوروبية"وصلنا من سفارتنا تهنئة بالعيد، تم الحاقها بمقال لصائب عريقات"- هذا على مستوى العمل على الجاليات ومجموعات التضامن، كي لا تدعي المؤسسة الرسمية علاقتها بالتحركات التضامنية الشعبية التي يشهدها العالم. على الرغم أن جزء من مهمات الوزارة كما تعترف صفحتها الالكترونية "المشاركة الفعالة في الأنشطة والفعاليات الدولية"، وفي بند آخر "عرض المـوقف السياسي الفلسطينـي في مجـال الصراع الفلسـطيني- الإسرائيلي وشرحه وتوضيحه وترويجه للرأي العام العالمي وللمحافل السياسية والدبلوماسية، وإبراز الجهود الفلسطينية المبذولة".

تحركت الخارجية الفلسطينية أيضاً بعد 48 ساعة من بدء العدوان الأخير على القطاع- مع التأكيد ان العدوان لم يتوقف أبداً منذ ثمان سنوات على الأقل-، ولنوجز تلخيصاً لجهد الوزارة السيادية التي كادت الخلافات حول من يتولاها ان توقف تشكيل حكومة التوافق:

10 تموز، المشاركة في اجتماع استثنائي للجنة التنفيذية لوزراء خارجية دول التعاون الاسلامي، نتج عنه بيان شجب وادانة للعدوان والمجازر!

13 تموز، تسليم طلب رسمي للأمم المتحدة لتوفير حماية دولية للفلسطينيين (رسالة لها اهمية سياسية أكثر من الأهمية العملية كون الحماية تتطلب قرار مجلس أمن وهذا ما ندرك أنه مستحيل بوجود الفيتو الامريكي، ولكنها رسالة محمودة)

14 تموز، اجتماع وزراء الخارجية العرب، مصدراً بيان شجب ومطالبة بوقف فوري لاطلاق النار، وداعماً للمبادرة المصرية. سبق الاجتماع لقاء بين وزير الخارجية الفلسطيني ونظيره المصري، تمنينا أن يصحح وزيرنا للوزير المصري حقيقة أن معبر رفح مغلق، مغلق، ولم يفتح لشهور إلا للمعتمرين!

16 تموز، اجتماع بين وزير الخارجية ووزير الخارجية النرويجي، وذات اليوم اجتماع مع المبعوث الصيني، وأهم ما حدث يوم 17 تموز هو الاجتماع مع وزيرة الخارجية الإيطالية وتوقيع 4 اتفاقيات تعاون، وتصريح لوزير الخارجية الفلسطيني "هذا دليل على دعم الحكومة الايطالية للحكومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني"، ولم يجيبنا وزير الخارجية، ما نوع هذا الدعم الذي سقط في الامتحانالأول- مباشرة بعد هذا التصريح- عبر امتناع ايطاليا عن التصويت في لجنة حقوق الانسان يوم 23 تموز-؟

يوم 20-21 تموز مؤتمر السفراء الفلسطينيين في الدول العربية، لم نعرف ما هي نتائج الاجتماع، وكيف أثر السفراء على الدول العربية المستضيفة؟ قد يبدو الجهد مطلوباً في ظل تواطئ الكثير من الدول العربية مع العدوان، ولكن الخارجية الفلسطينية تعرف كما نعرف تماماً ان لا دولة عربية ستصوت ضد أي طلب فلسطيني في أي مؤسسة دولية، ليس حباً ودعماً لنا، ولكن خجلاً مما قد يسجله التاريخ.
ألم يكن الأولى عقد مؤتمر للسفراء في الدول غير الشقيقة؟ الصديقة وغير الصديقة؟ للتأثير على اعلامها، وسياسييها، وبرلمانتها؟

لا أعرف- وعلى الأقل لم يذكر أي خبر- أي علاقة لخارجيتنا بطلب لبنان من المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في المجازر التي ارتكبها الاحتلال في القطاع. سيسعدني أن أعرف أن التحرك اللبناني تم بطلب فلسطيني!

وعلى الرغم من تصريح وزير الخارجية واستهانته بعمل نشطاء التواصل الاجتماعي، حين نفى التصريحات "الملفقة" المنسوبة اليه من "قبل من لديهم كل الوقت للكتابة والتعليق على صفحات التواصل"، بعد نشر ترجمة تصريح رسمي لوزير الخارجية الهولندي بما دار بينه وبين وزير الخارجية الفلسطيني بعد يومين من العدوان، الوزير المالكي، كان لديه كل الوقت للتواصل مع السفير الفلسطيني في هولندا وتوجيه اصابع الاتهام لفلسطيني هولندي بأنه من قام بتسريب الخبر والترجمة والتحريف!

الوزير المالكي، لا يدرك ان الوقت الذي يستثمره النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي هو ما يفضح اسرائيل وجرائمها في ظل غياب الفعل الرسمي المنظم لمواجهة آلة الحرب الإعلامية الاسرائيلية، وأن هؤلاء النشطاء هم من أجبر شبكة أ بي سي على الاعتذار، وهم من أجبروا أحد الصهاينة المتطرفين في أستراليا على الاستقالى من منصبه في ولاية نيوساوث ويلز، وهم من ينظمون الوقفات والفعاليات التضامنية مع فلسطين.

وبذات الصوت، انقل لمعاليه أسئلة هؤلاء النشطاء للخارجية الفلسطينية، وهي أسئلة محقة، بالذات وهم يطلعون على تقارير الخارجية الاسرائيلية وكذبها.

- ما الاجراءات التي قامت بها الوزارة منذ اللحظات الأولى للعدوان للتصدي للعدوان؟ هل قامت بتشكيل خلية أزمة أو خلية طوارئ أو أي لجنة من أي نوع لمتابعة وتوثيق العدوان على غزة وأهلها الآمنين وعمل اللازم؟ من هم أعضاء هذه الخلية وما هي انجازاتها؟

- كيف انعكس العدوان على أولويات الوزارة وعملها؟ ولماذاصفحة الوزارة على الانترنت بالية، ولا ترتقي للحدث؟

-  ماذا فعلت الوزارة على مستوى الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي للتصدي لماكنة (الكذب) الدبلوماسية الاسرائيلية؟ أين المؤتمرات الصحفية وبيانات الحقائق؟

- هل تعتبر الوزارة تصويت مجلس حقوق الانسان الأخير بأنه نصر للدبلوماسية الفلسطينية؟

الخلاصة، انه وبغض النظر عن أداء المقاومة في القطاع- سلباً وايجاباً- ما يحتاجه اهلنا في القطاع هو مقاومة ديبلوماسية، اعلامية، وسياسية لاسنادهم، وأي تقصير في هذا الاسناد هو تواطئ، حتى لو كانت النية طيبة، المؤسسة الرسمية بكل تفرعاتها في الضفة والخارج، لم ترقى لمستوى ما يحدث في القطاع، ولم تتصرف على أساس أنها الجبهة الثانية للدفاع عن فلسطين كلها وعن غزة تحديداً في هذا الوقت الصعب.
البناء السياسي على التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا في القطاع قد يكون اهم من المعركة ذاتها، وهو ليس وقت للحساب، ولكنه وقت التقويم والتصويب، بما ان معركتنا مع الصهيونية واسرائيل طويلة.