غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
تنقلت شيماء زايد بين الأسواق في مدينة غزة بحثًا عن حليب مناسب لطفلتها المريضة بالقلب وضمور في الدماغ. عثرت على حليب معبأ بأكياس بلاستيكية، شطَب البائع عن ظهرها تاريخ الانتهاء، زاعمًا أن كثرة احتكاك الكيس مع غيره مع البضائع، هو الذي شطب التاريخ.
تقول: "لا حل أمامي سوى الشراء رغم تعرض الحليب لأشعة الشمس على البسطة. لكنه يبقى أرخص من سعر الصيدليات".
عادت السيدة لسؤال البائع عن انتهاء صلاحية الحليب، فأجابها: "يختي تخافيش. معك شهر بعد تاريخ الانتهاء، وأنا مجربه مع أولادي الصغار، وهم بخير".
لما عادت شيماء إلى البيت، أعدت كوبًا من الحليب لطفلتها الصغيرة، "وكانت رائحته كريهة جدًا. وضعت عليه بعض الفانيليا والنشا فشربته لشدة جوعها"، ملفتةً إلى خوفها الشديد على ابنتها من تبعات شربها لهذا الحليب "الذي يبدو فاسدًا لا محالة".
وتناشد شيماء الجهات المختصة بتوزيع الحليب الخاص للأطفال والمرضى، التأكد بأن صلاحيته سارية المفعول، "فأطفالنا باتوا فئران تجارب للمجاعة التي تشتد في قطاع غزة".
"صاحب البسطة يعلم أن الحليب منتهي الصلاحية ولذلك اختفى من المكان. بكل أسف أخذت منه خمس علب، وكلها اضطررت إلى رميها في القمامة خوفًا من تسمم طفلي".
مؤيد المصري، اشترى هو الآخر علب الحليب لطفله الذي يبلغ عمره ستة أشهر من إحدى البسطات في خان يونس، جنوبي قطاع غزة، واكتشف بعد الاستخدام أن الحليب منتهي الصلاحية، "ولما عدت لأراجع البائع، لم أجده في المكان" يقول.
ويضيف: "صاحب البسطة يعلم أن الحليب منتهي الصلاحية ولذلك اختفى من المكان. بكل أسف أخذت منه خمس علب، وكلها اضطررت إلى رميها في القمامة خوفًا من تسمم طفلي".
ويتساءل: "كيف باع هؤلاء البائعين ضميرهم؟ وكيف يسكتون عن أذى وضرر الأطفال؟ أين مباحث التموين؟ نحن في مجاعة ونشتري الكثير من السلع ونخزنها خشية من تدهور الأوضاع أكثر"، مطالبًا بمحاسبة كل من يستغل الأوضاع لكسب المال، على حساب أذى الناس وضرر أجسادهم.
ومنذ 64 يومًا يمنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال حليب الأطفال والمواد الغذائية إلى قطاع غزة، في حين بات أكثر من 3,500 طفل أقرب إلى الموت جوعًا.
قبل أسبوعين، تواصلت إحدى الجمعيات الخيرية مع شروق أحمد (الأم لثلاثة أطفال وزوجة شهيد)، من أجل استلام عبوة حليب للأطفال.
عند الاستلام رأت تاريخ انتهاء الصلاحية قبل أسبوعين، فأبلغتهم بذلك من أجل استبداله، فرفضوا وأخبروها بأن "هذا هو الموجود، لو تودين بإمكانكِ تركه والذهاب إلى بيتك بدونه".
عند الاستلام رأت تاريخ انتهاء الصلاحية قبل أسبوعين، فأبلغتهم بذلك من أجل استبداله، فرفضوا وأخبروها بأن "هذا هو الموجود، لو تودين بإمكانكِ تركه والذهاب إلى بيتك بدونه".
تقول: "لأول مرة أشعر بإهانة من أجل علبة حليب أطفال! كيف يعاملون زوجة شهيد بهذه الطريقة؟ اضطررت لأخذ الحليب لعدم مقدرتي على شراء غيره، جازفت لإعطاء طفلي منه وانتهت في أسبوع، وبعدها أصيب بنزلة معوية".
وتتمنى شروق بأن تنتهي الحرب، وأن يتم تحييد الأطفال واحتياجاتهم من الغذاء من كل المعادلة السياسية.
أضرار صحية خطيرة
ويقول أخصائي طب الأطفال د.عدي الدبور لـ"نوى": "في ظل إغلاق معابر غزة، وعدم السماح بدخول الأدوية والمساعدات الغذائية، ومن ضمنها الحليب الخاص بالأطفال وذلك الخاص بالحالات المرضية بغزة يضطر الناس للتعامل مع بعض الأنواع منتهية الصلاحية، ما يؤدي لإصابتهم بأضرار صحية خطيرة، منها التسمم الغذائي لأنه يحتوي على بكتيريا ضارة".
وبيّن أن الحليب منتهي الصلاحية، يسبب مشاكل هضمية، بالإضافة إلى نقص العناصر الغذائية فيه، حيث يفقد قيمته الغذائية، ويتسبب بأضرار كبيرة لمن يعانون من حساسية مفرطة".
نصح الدبور المواطنين بشراء الحليب المخصص للأطفال من الصيدليات، خصوصًا وأنه هناك، يُحفظ بطرق آمنة، ودرجة حرارة مناسبة.
ونصح الدبور المواطنين بشراء الحليب المخصص للأطفال من الصيدليات، خصوصًا وأنه هناك، يُحفظ بطرق آمنة، ودرجة حرارة مناسبة، فغالبية الحليب الذي يباع في الأسواق مضر جدًا على الأطفال، لا سيما المرضى منهم.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن الاحتلال الإسرائيلي يواصل منع إدخال حليب الأطفال والمكملات الغذائية وكافة أشكال المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى وصول أكثر من 70 ألف طفل إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد.
ويوضح المكتب أنه في ظل الحصار الممنهج، يواجه أكثر من 3,500 طفل دون سن الخامسة خطر الموت الوشيك جوعًا، فيما يقف قرابة 290 طفلًا على حافة الهلاك، في وقتٍ يفتقر فيه 1.1 مليون طفل يوميًا إلى الحد الأدنى من الغذاء، اللازم للبقاء على قيد الحياة.