غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
لم تكن ميرفت (27 عامًا)، تعلم أن حياتها ستنقلب رأسًا على عقب، عندما كانت ترسم ملامح جميلة للحياة الزوجية، قبل أن تغرق في خيبة أمل بشريك حياتها التي تعترف الآن: "أسأت اختياره".
نزحت ميرفت، التي تعمل في إحدى وكالات الأنباء، مرارًا وتكرارًا بحثًا عن الأمان، حتى تقدم لخطبتها شاب يعمل في نفس الوكالة. تقول لـ"نوى": "كنت أظن أن زواجي سيطبطب على قلبي تحت الإبادة، لكنني فوجئت بالواقع المرير، حين تغير زوجي 180 درجة، بأفكاره وتصرفاته، عن تلك التي أقنعني بها وقت الخطوبة".
"صار دائم الصراخ لأتفه الأسباب، وعائلته تنغص عليّ عيشي، ناهيكم عن افتقار مقومات الحياة الطبيعية، فقد تزوجنا في خيمة قريبة من خيمة أهله، حيث الخصوصية معدومة".
وتشرح بمزيد من التفصيل: "صار دائم الصراخ لأتفه الأسباب، وعائلته تنغص عليّ عيشي، ناهيكم عن افتقار مقومات الحياة الطبيعية، فقد تزوجنا في خيمة قريبة من خيمة أهله، حيث الخصوصية معدومة".
كان صعبًا عليها -كما تؤكد- اتخاذ قرار الطلاق، "لكن الحياة كانت تبدو معه مستحيلة، لا سيما وأنه لم يتعامل معي بأي احترام في أي مشكلة".
وزاد طول أمد الحرب الإسرائيلية، الضغط النفسي والعصبي والاجتماعي على حياة المواطنين في قطاع غزة، عبر إجبارهم على النزوح المتكرر، وفرض سياسة التجويع، إلى جانب ضرب النسيج الاجتماعي، الذي أدى إلى زيادة المشاكل بين الأزواج من عائلات مختلفة، بالتزامن مع غياب برامج التوعية النفسية، التي من شأنها تخفيف حدة المشكلات بين الأزواج.
طلق أبو محمد زوجته بعد زواج دام 25 عامًا، "حين أصبحت لا تطاق، وتطالب بشكل مستمر بتوفير احتياجات الحياة كاملة، وشراء المستلزمات" على حد تعبيره.
أبو محمد (55 عامًا) متزوج ولديه أبناء وأحفاد. بدا كهلًا واجمًا بينما كان يتحدث إلى "نوى"، وقال: "الإبادة تركتني على الحديدة! لقد فقدت مصدر دخلي كعامل بناء، وهذا جعلني في حال قلق وعصبية دائمين"، مشيرًا إلى أنه طلق زوجته بعد زواج دام 25 عامًا، "حين أصبحت لا تطاق، وتطالب بشكل مستمر بتوفير احتياجات الحياة كاملة، وشراء المستلزمات" على حد تعبيره.
ويكمل: "لم تغفر لي زلاتي وضعفي بل أصبحت دائمة الطلب للطلاق. وبالفعل أعطيتها ما تطلب رغم اندهاش أفراد العائلة وتدخلهم للإصلاح".
وروت سهيلة (54 عامًا) حكايتها على وجل. تحدثت عن تجربة الطلاق بعدما أصبح ابنها طبيبًا، وشقيقه محامٍ وابنتها معلمة، وبعد نحو 25 عامًا من الحياة الزوجية، "ألقى بها زوجي على قارعة الطريق، بعد أن أخذ مني عمري وذهبي ومالي أيضًا" تقول.
"كانت أي مشكلة تواجهنا تصل إلى مسامع سكان المخيم كله، ناهيكم عن تردي الأوضاع الاقتصادية، وغلاء الأسعار، والحالة النفسية السيئة التي كنا نمر بها، والاكتظاظ الشديد".
وبدأت حكايتها -بعد مقدمة طويلة وشاعرية عن حياتها الزوجية- حتى اندلعت حرب الإبادة، "ونزحنا تاركين منزلنا في حي التفاح شرقي قطاع غزة، متوجهين إلى جنوبي القطاع، حيث عشنا داخل خيمة مهترئة" تضيف.
وتكمل: "تفاقمت المشاكل بيني وبين زوجي، ذلك لانعدام الخصوصية وعدم وجود مكان خاص نتحدث فيه. كانت أي مشكلة تواجهنا تصل إلى مسامع سكان المخيم كله، ناهيكم عن تردي الأوضاع الاقتصادية، وغلاء الأسعار، والحالة النفسية السيئة التي كنا نمر بها، والاكتظاظ، إلى جانب نزوح والدي زوجي معنا، وتدخلهم المستمر في شؤون حياتنا غير المستقرة بفعل الحرب".
وفق السيدة، ازدادت معاملة زوجها لها سوءًا، حتى أنه ضربها وأهانها أمام أبنائها بلا أي احترام لكرامتها، "أصبح لا يطاق، يقضي نومه نائمًا بلا فائدة، ويهدر الوقت بتصفح الهاتف! أصبح حاد المزاج جدًا فاستحالت معه الحياة، ولهذا قررت الانفصال، والعيش مع أبنائي وحدنا".
وتتابع: "لم أتوقع أنه سيتخلى عنا بهذه السهولة ويذهب للزواج بأخرى بعد بضعة أسابيع!".
لا توجد حتى الآن أرقام دقيقة تحصي أعداد حالات الطلاق بغزة "بسبب توقف الجهات الرسمية عن العمل، وأخذ الإحصائيات التي يصدرها القضاء الشرعي".
ووفق المحامي حسن المصري، فقد ارتفعت حالات الطلاق بشكل كبير خلال الإبادة، لعدة أسباب يذكر أهمها بقوله: "الاكتظاظ، والحالة النفسية السيئة، وسوء الأوضاع الاقتصادية وفقدان مصدر الرزق الوحيد، إلى جانب انعدام الخصوصية وغياب المستقبل وانعدام الأفق"، مضيفًا: "صار هناك قلة وعي وإدراك للمفاهيم والأخلاق وفقدان للقيم والمبادئ إلا لدى من رحم الله".
ولا توجد حتى الآن أرقام دقيقة تحصي أعداد حالات الطلاق بغزة -يؤكد المصري- "بسبب توقف الجهات الرسمية عن العمل، وأخذ الإحصائيات التي يصدرها القضاء الشرعي"، مستدركًا: "لكن من خلال عملي كمحامي نظامي وشرعي داخل المحاكم، فحالات الطلاق لا تحصى مقابل حالات الزواج الضئيلة".
"حالات انفصال كثيرة تتم دون توثيق "فالطلاق يتم بالتوافق بين الزوجين"، بسبب إغلاق المحاكم".
وأشار إلى أن هناك حالات انفصال كثيرة تتم دون توثيق "فالطلاق يتم بالتوافق بين الزوجين"، بسبب إغلاق المحاكم معظم الوقت.
ويختم المصري حديثه لـ"نوى" بالقول: "بالنسبة لحقوق المرأة والمصاغ الذهبي، فتواجه النساء صعوبة كبيرة في الحصول على حقوقهن بسبب توقف المحاكم، وتعتمد بعض النساء على الحلول التوفيقية أو من خلال الحلول البديلة كالوساطة، التي تقوم بتوثيق حقها من خلال توقيع الزوج على تعهدات يتم الاعتماد عليها حين عودة المحاكم".