شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 28 ابريل 2025م12:15 بتوقيت القدس

رشا أبو شعبان..

تطريز فلسطيني.. "حلمٌ" ينهض من تحت الركام بغزة

14 ابريل 2025 - 14:25

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

"سرقت مني الحرب كل شيء، لكن عندما جاءت لتسرق حلمي الوحيد وقفتُ لها" تقول رشا أبو شعبان، بينما تتأمل المطرزات التي صنعتها على مدار أشهر.

لم يكن من السهل أن تعود إلى التطريز بعد أن فقدت منزلها وكل ما كانت تخطط له من أجل مشروعها الجديد، لكنها وجدت في الإبرة والخيط ملاذًا يعيد إليها الحياة، ويمنحها فرصة للنهوض من جديد.

في الرابع عشر من نوفمبر 2023م، استيقظت رشا على صوت الدمار. منزلها الذي احتضنها لسنوات لم يعد موجودًا، والمتجر الذي كان جزءًا من منزلها، وكانت تجهّز لافتتاحه في نهاية عام 2023م تحت اسم "الأصيل"، غاب تحت الركام! لم يكن الدمار مجرد فقدان لمكان، بل انكسار لسنوات من الطموح والتخطيط.

حلم رشا بدأ يتجسد بعد سنوات من الجهد والمثابرة. كانت في الثامنة والثلاثين، وكانت تشعر أن العمر كله ينتظرها "مبدعةً شغوفة"، لكنها اليوم، وبعد عامين تقريبًا في الإبادة صارت ابنة أربعين، وكأن الحرب أخذت منها العمر وتركتها ترقب النهاية.

"كل شيء تبدد في لحظة"، تروي بحزن، مشيرة إلى أنها كانت قد جمعت الأقمشة، والطارات، والخيوط، وكل الأدوات اللازمة، وبدأت بالفعل بإعداد وتجهيز أعمالها استعدادًا لإطلاق "مطرزات الأصيل"، لكن الحرب لم تمنحها الفرصة.

لم يكن أمامها خيار سوى النزوح، حيث تنقلت مع عائلتها لعامٍ كامل، من مكان إلى آخر بحثًا عن النجاة من الموت.

"في كل محطة، كنتُ أسأل نفسي: هل يمكن أن أعود؟ هل سأتمكن من تحقيق حلمي مجددًا؟"، تضيف بمرارة، مشيرةً إلى أنها واجهت ظروفًا اقتصادية قاسية زادت من صعوبة إعادة بناء حياتها، "فقد ارتفعت أسعار المواد الخام وأصبحت أدوات التطريز التي كانت متوفرة سابقًا نادرة أو باهظة الثمن، ما جعل حلمها في استعادة مشروعها أكثر تعقيدًا".

البداية لم تكن سهلة. بسبب تضاعف أسعار المواد الخام، ورحلة البحث عن الخيوط والأقمشة والمواد اللازمة التي تستغرق ساعات طويلة في أسواق النصيرات ودير البلح وخانيونس.

وسط هذا التحدي، رأت رشا بصيص نور. تحكي: "كنتُ بحاجة إلى ما يبقيني قوية، شيئًا يعيدني إلى نفسي. وجدتُ نفسي أمسك الإبرة وخيوط الحرير وأبدأ بتطريز قطعة"، ملفتةً إلى أنها رأت "الاستمرار" خيارًا لا ثاني له.

البداية لم تكن سهلة. بسبب تضاعف أسعار المواد الخام، ورحلة البحث عن الخيوط والأقمشة والمواد اللازمة التي تستغرق ساعات طويلة في أسواق النصيرات ودير البلح وخانيونس للحصول عليها، وفي بعض الأحيان تعود خالية اليدين.

تزيد: "أحيانًا لا أجد ما أحتاجه حتى بعد رحلة طويلة ومرهقة. الحصار لم يترك شيئًا، حتى مستلزمات التطريز اختفت".

ورغم الصعوبات، بدأت رشا بخطوات صغيرة، صنعت أساور وميداليات بألوان العلم الفلسطيني، ثم بدأت بتطريز الأسماء على الطارات والقمصان. "أردت أن أرى الألوان تعود إلى حياتي"، تقول بابتسامة وهي تعرض إحدى القطع التي أنهتها مؤخرًا.

لم تكن المشكلة في الإنتاج فقط، بل في التسويق أيضًا. "أنا بحاجة لهاتف جيد لتصوير المطرزات، لكن أسعار الهواتف بغزة مرتفعة جدًا".

وتلفت إلى أن انقطاع الكهرباء زاد من صعوبة العمل، حيث تطرز في ساعات محدودة خلال النهار فقط. "كل شيء أصبح معقدًا، حتى أبسط الأشياء تحتاج إلى مجهود مضاعف"، تقول بحسرة.

قبل الحرب، كانت رشا تشارك في مؤسسة لدعم المبادرات النسائية، واستعدت لدخول مسابقة من أجل الحصول على تمويل لمشروعها. تردف: "كنتُ على وشك تحقيق خطوة كبيرة، لكن الحرب سلبتني الفرصة".

رغم الظروف القاسية، بدأت رشا تستعيد زبائنها تدريجيًا، والبداية كانت من الأقارب والأصدقاء، ثم بدأ الطلب يزداد شيئًا فشيئًا.

تعلق بالقول: "عندما رأيت الناس يهتمون بأعمالي، شعرتُ أنني أقترب خطوة من تحقيق حلمي".

الطموح الأكبر لرشا، بعد انتهاء المقتلة، هو تحويل المشروع الذي أرادته صغيرًا لنفسها يقيها وعائلتها ذل السؤال، إلى علامة تجارية فلسطينية وعربية معروفة، "لعرض أنواع المطرزات التي تعكس الهوية والتراث الفلسطيني بروح عصرية".

وتزيد: "أريد أن يكون متجرًا مميزًا، يجمع بين التطريز الفلاحي والبرازيلي، ويقدم تصاميم تناسب جميع الأذواق"، مؤكدة أن مشروعها ليس مجرد مصدر رزق، بل رسالة صمود تسعى من خلالها لنشر الفن الفلسطيني وتعريف العالم بجماله.

ورغم الدمار والفقد والتحديات، تؤمن رشا بأن الإبرة في يدها ستظل تخيط الأمل. "الحرب دمرت بيتي، لكنها لم تكسرني. طالما أن الإبرة في يدي، سأواصل الحلم".

كاريكاتـــــير