شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 23 مايو 2025م21:28 بتوقيت القدس

شكاوى من "بطء استجابة" وتوعية حول "كوارث الطبيعة"..

"الدفاع المدني" بالضفة.. جهوزيةٌ لا تشبه "نص القانون"!

هل أعدّ الجهاز خطة طوارئ لمواجهة احتمالية حربٍ ممتدة؟
13 ابريل 2025 - 17:30

الضفة الغربية/ شبكة نوى- فلسطينيات:

يحاول المواطن عماد دبور (٤٠ عامًا) البدء من الصفر مجددًا بعدما أحرق الاحتلال منزله بمخيم نور شمس شرقي مدينة طولكرم، شمال غرب الضفة الغربية، أمام عينيه، بتاريخ 28 آب/أغسطس ٢٠٢٤م.

لم تنجح محاولات طواقم الدفاع المدني -وفق دبور- للوصول إلى المنزل؛ بسبب منعها من قبل قوات الاحتلال، وهو الأمر الذي جعله عرضةً للنزوح المستمر حتى هذا اليوم، "وبدون أي مقومات للمعيشة" على حد تعبيره.

يتابع: "نزحت عائلتي إلى منزل آخر استأجرتُه في منطقة تعد آمنة بنفس المخيم، على حسابي الخاص، ودون أن نتلقى أي مساعدات لا من الدفاع المدني ولا من أي مؤسسات أخرى. مكثنا هناك عدة أسابيع قبل أن يعود الاحتلال فيطردنا من المبنى لنجد أنفسنا نازحين مجددًا تحت ضرب الرصاص وأصوات المسيّرات، إلى غير وجهة".

يعيش الرجل وعائلته الآن في قبو مسجد -لا يصلح للسكن- داخل قرية بزاريا، وقد قدم لهم أهالي القرية بعض مقومات العيش، وطرودًا غذائية يعتاشون منها.

وتوكل لجهاز الدفاع المدني، العديد من المهام الرئيسة المتعارف عليها -حسب القانون الفلسطيني- وعلى المستوى الدولي أيضًا، وعلى رأسها إقامة الخنادق والملاجئ العامة، وتهيئة تلك الخاصة بالمباني والمنشآت لاستقبال النازحين، والناجين من الحروب والكوارث الطبيعية، في حين تتركز عمليات طواقمه في فلسطين سواءً في ظل الكوارث الطبيعية، أو في أوقات التصعيد على عمليات الإنقاذ والإطفاء وحسب.

توكل لجهاز الدفاع المدني، العديد من المهام الرئيسة، وعلى رأسها إقامة الخنادق والملاجئ العامة، وتهيئة تلك الخاصة بالمباني والمنشآت؛ لاستقبال الناجين من الحروب والكوارث الطبيعية.

ونزحت الستينية حليمة الزوايدة بتاريخ 21 كانون الثاني/يناير ٢٠٢٥م، من مخيم جنين إثر اقتحامه، وسارت على قدميها رغم معاناتها من أوجاع بالركبة والمفاصل و"ديسكات" في الظهر ومرض السرطان، متكئةً على شقيقتها حتى غادرتا المنزل.
تقول: "لم يقدم لي أي أحد أية مساعدة! نزحت وحدي إلى جمعية الكفيف القريبة من المخيم مع بعض الأهالي، حيث اعتدنا على اللجوء إليها مع كل اقتحام للمخيم"، مستدركةً: "لكن أحدًا لم يساعدني على النزوح، ولم  يوجهني إلى مركز إيواء معتمد أو أي ملجأ رسمي".

وفي الوقت الذي يمثل فيه الاحتلال الإسرائيلي، سببًا رئيسًا في تعطيل العديد من مهام الدفاع المدني في الضفة الغربية، عبر إقامة الحواجز، وإغلاق البوابات، ومنع المرور، تتحدث العديد من الإفادات والشكاوى الرسمية، عن غيابٍ للمهمة الشاملة الأساسية له، والمتعلقة بالإنقاذ والإطفاء، نتيجة التقصير في الرد أو طول الاستجابة.

في بلدة إذنا، جنوب غربي الخليل، وبتاريخ 20 مايو/ أيار 2024م، وصل الدفاع المدني في الوقت المناسب لإخماد حريقٍ شبّ فجأة، لكنه اصطدم بأن البوابة المؤدية للمنطقة مغلقة، فاضطر للعودة وسلوك طريقٍ أخرى، "وهذا أدى إلى تأخره" كما قال شهود عيان.

ووفق الشاهد، فإن الدفاع المدني أخمد الحريق الذي استمر لساعات طويلة، بمساهمةٍ من إطفائيات المنطقة الصناعية المجاورة للمكان.

وتشير المادة السادسة، من القانون رقم (٣) لعام ١٩٨٨م بشأن الدفاع المدني، إلى أنه لغاية تنفيذ أهدافه، تقوم المديرية العامة للدفاع المدني دون إخلال بالصلاحيات المبينة في هذا القانون، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، بالأعمال التالية: 1- تنظيم وسائل الإنذار من الغارات الجوية (..)، وتخزين المعدات والأدوية والمطهرات اللازمة لأعمال الدفاع المدني (..)، وإقامة الخنادق والملاجئ العامة وتهيئة الملاجئ الخاصة بالمباني والمنشآت (..).

وفي ظل تدحرج الأوضاع الأمنية والميدانية شمالي الضفة الغربية، وأمام حملات المستوطنين المسعورة تجاه المواطنين الفلسطينيين في كافة مناطقها، يأتي التساؤل الأهم: ما مدى جهوزية الدفاع المدني الفلسطيني لحالة حربٍ -قد تمتد لأمدٍ طويل؟ التحقيق التالي يجيب:

استجابة متأخرة

"خيبة أمل" أصيب بها المواطن أحمد سلهب، من مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، أمام حادثتي حريقٍ منفصلتين، أضرم فيهما المستوطنون النار أمام بيته، ما أدى إلى إحراق سيارات ورافعة ومعدات أخرى.

يقول: "في المرتين، لم يستجب الدفاع المدني لمدينة الخليل، ولا حتى الإطفائية التابعة لبلدية الخليل".

وفي تفاصيل الحادثة الأولى، بتاريخ ٢٨ تموز/يوليو 2024م فجرًا، أضرم المستوطنون النيران في رافعة (وِنش) أمام منزله الواقع بقرب مستوطنة "حاجاي"، جنوبي المدينة، ووصلت النيران إلى معدات أخرى ودراجات هوائية كانت تصطف في المكان.

تواصلت العائلة، كما يقول، مرارًا بالدفاع المدني التابع لمدينة الخليل وإطفائية بلدية الخليل دون جدوى. "لكن لطف الله وجهود الجيران والأقارب حالت دون تطور الحريق، ووصوله لمناطق أخرى" يستدرك.

الحادثة الثانية وقعت في وضح النهار بعد أيامٍ قليلة من الأولى، وأدت إلى إحراق سيارات أخرى، "حاولنا الاتصال عدة مرات بالدفاع المدني في المدينة لكن أحدًا لم يُجب، ولما جاءنا الرد، طالبونا بالتوجه لمركز يطا على بعد 12 كيلو مترًا جنوبي الخليل".

ويضيف: "استخدمنا علاقاتنا الشخصية للتواصل مع الدفاع المدني التابع لمدينة دورا جنوب غربي الخليل، الذي وصل بعد ساعة ونصف تقريبًا من اندلاع الحريق، وساهم في إخماده".

وفي بلدة سلواد، إلى الشمال الشرقي من مدينة رام الله، فوجئ أحد المواطنين -وفضل عدم ذكر اسمه، عندما جاءه رد الدفاع المدني في صيف العام الماضي 2024م مختصرًا: "الموضوع عند الجانب الآخر".

اتصال الرجل بالجهاز، كان بعد لحظاتٍ من نشوب حريقٍ في حقل زيتون، قرب شارع 60، الذي يمر بمعظم مدن الضفة الغربية، جراء إلقاء جيش الاحتلال قنابل مضيئة على ارتفاع منخفض.

يقول: "تواصلتُ مع الرقم (١٠٢)، وكان الرد أن هذا الحريق عند الجانب الآخر -يقصد حكومة الاحتلال- ثم انتهت المكالمة!"، مردفًا باستنكار: "لحسن الحظ لم يتطور الحريق، وتمت السيطرة عليه من قبل بعض المواطنين هناك".

شكوى رسمية

واطلعت "نوى" على شكوى ضد الدفاع المدني، حول حادثة حرق مستوطنين مجموعةً من السيارات في منطقة البالوع بالبيرة، في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2024م؟

في مضمون الشكوى يرى المشتكي أن الدفاع المدني تأخر بالوصول، كما تأخر وصول التعزيزات المتمثلة بـ(خزان المياه) فيما بعد.

وبعيدًا عن تفاصيل الشكوى، فإن رد الدفاع المدني حولها كان ينفي تمامًا أي تقصيرٍ من طرفه، وأهم ما جاء فيه، أن "الاتهامات باطلة ولا صحة لها"، مرفقًا مجموعة خرائط وصور للطرقات المحددة لسير مركبات الإطفاء ومواعيد وصولها، مشيرًا إلى أن هذه الصور واللقطات لا يمكن التلاعب بها.

ووفق الرد، فإن مركبة الدفاع المدني الأولى، وصلت في تمام الساعة ٣:٤٠ دقيقة، بمدة استجابة بلغت ٨ دقائق، بينما تشير خرائط الرحلات، أن الرحلة الأولى للدفاع المدني، وصلت المكان في تمام الساعة ٣:٤٢:٤٧ أي بمدة استجابة فاقت ١٠ دقائق.

هناك تناقض بين الرد المكتوب وإحداثيات المركبات الفعلية، وبرغم الفارق البسيط في المواقيت المذكورة، إلا أن "الثانية الواحدة يمكن أن تحدث فرقًا في أي حريق".

وأشارت الإفادة المكتوبة للدفاع المدني، أن خزان المياه وصل في تمام الساعة ٣:٥٨ بينما تؤكد الخرائط أن الوصول كان تمام الساعة ٣:٥٩، وهناك تناقض بين الرد المكتوب وإحداثيات المركبات الفعلية، وبرغم الفارق البسيط في المواقيت المذكورة، إلا أن "الثانية الواحدة يمكن أن تحدث فرقًا في أي حريق" وفق الناطق باسم جهاز الدفاع المدني الفلسطيني نائل العزة نفسه.

الدفاع المدني.. يوجز!

ويخبرنا العزة: "الدفاع المدني جهاز مسؤول عن تقديم خدمات الإطفاء والإنقاذ كمهمة شاملة. وأي مهام أخرى تتعلق بالإغاثة وتوفير الاحتياجات الإنسانية في ظل الوضع الراهن، منوطة بالمجلس الأعلى للدفاع المدني بالتعاون مع وزارة الصحة والأشغال العامة والبلديات والمحافظين"، موضحًا أن لكل محافظة لجنة محلية لإدارة حالة الطوارئ من أجل إدارة المخاطر، التي تواجه السكان.

أما السؤال المتعلق بمخزون الأدوية والمعدات والمطهرات اللازمة لأعمال الدفاع المدني، وفقًا للمادة السادسة، من القانون رقم (٣) لعام ١٩٨٨م (السابق ذكرها في المقدمة)، "هل هو أمر مأخوذ بالاعتبار؟"، فارتأى طرحه على وزارة الصحة "فهي التي تملك الإجابة" على حد تعبيره.

وبخصوص وسائل الإنذار من الغارات الجوية، أكد العزة أنها غير متوفرة -حتى موعد نشر هذا التحقيق- وأن السعي جارٍ لتطوير برنامج إنذار مبكر مع شركات الاتصالات، وأن الدفاع المدني في مرحلة مشروع خاص بهذه النقطة، سيتم عرضه على وزير الداخلية، دون الحديث عن جدول زمني لذلك.

نقص الأدوات والخبرات

بدوره، أكد رئيس بلدية جنين محمد جرار، أن لجنة الطوارئ في المحافظة تخلو من عضوية الدفاع المدني، وأن اللجنة وفرت مركزين لإيواء النازحين، واستأجرت بنايات في محيط الجامعة العربية الأميركية تؤوي نحو ألفَي نازح، قائلًا: "المجتمع المحلي وأهل الخير هم من دفعوا إيجار هذه المباني وليس الحكومة، وهناك عدد من المواطنين استأجروا منازل على حسابهم الشخصي".

وينص  القانون الإنساني الدولي في مادته (رقم ١٦) على أن "مهام الدفاع المدني تتمثل في الإنذار والإخلاء وتهيئة المخابئ والخدمات الطبية، وتوفير المأوى والمؤن في حالات الطوارئ، والإصلاحات العاجلة للمرافق العامة، ومكافحة الحرائق، ووسم المناطق الخطرة بالعلامات.

"أي اقتحام يطال مخيمي طولكرم ونور شمس بالتزامن، يدفع أفراد الدفاع المدني لإعطاء الأولوية لمخيم على حساب الآخر؛ نظرًا لأن عددهم وأدواتهم لا تكفي للمخيمين معًا".

وتقول الناشطة المجتمعية في مخيم نور شمس بطولكرم، نهاية الجندي: "إن عناصر الدفاع المدني كأفراد لم يقصروا في عملهم في المخيم، لكنهم لا يمتلكون الأدوات الكافية واللازمة للإنقاذ أو الترميم السريع والطارئ للمنازل والمرافق الآيلة للسقوط بعد كل اقتحام لجيش الاحتلال".

وتضيف: "إن أي اقتحام يطال مخيمي طولكرم ونور شمس بالتزامن، يدفع أفراد الدفاع المدني لإعطاء الأولوية لمخيم على حساب الآخر؛ نظرًا لأن عددهم وأدواتهم لا تكفي للمخيمين معًا".

ونهاية الجندي، التي دمر الاحتلال مركز ذوي الإعاقة الذي تديره عدة مرات، أوردت هذه المعلومات من تجربتها الشخصية كما تقول، وتزيد: "طواقم الدفاع المدني لا تمتلك الحد الأدنى من الأدوات والخبرات اللازمة للإنقاذ، وليس لديهم مضخات لسحب مياه الصرف الصحي، التي كانت تغرق بعض المنازل بالمخيم لا سيما في الشتاء، ولا أدوات لقص الحديد". 

وللاطلاع بشكل أكبر على حيثيات الوضع في طولكرم، تحدثنا إلى مدير مديرية الدفاع المدني بالمحافظة أحمد الغول، الذي أكد أن تدخلات الدفاع المدني منذ العدوان الأخير على المدينة تمثلت بتوزيع طرود غذائية على أهالي المخيم، وخزانات مياه؛ من أجل دعم صمود المواطنين في المخيمات، بالإضافة للمساهمة بإخماد عدة حرائق بعد التنسيق مع الارتباط المدني للدخول إلى المخيمات في ظل وجود جيش الاحتلال، مشيرًا إلى أن الاحتلال أعاق عملهم بشكل كبير.

وأضاف الغول: "الدفاع المدني أيضًا قام بعدة عمليات إنقاذ للمواطنين، وساهم بنقل أثاث لعائلات نزحوا من منازلهم"، مشيرًا إلى أن المعدات المتوافرة حاليًا غير كافية بالتزامن مع أوضاع كارثية تواجهها مخيمات طولكرم اليوم.

ولم ينكر الغول التأخير في وصول طواقم الدفاع المدني إلى المخيمات لإجراء عمليات الإنقاذ، لكنه قال: "هذا ناجم عن دمار كبير في البنية التحتية في شوارع المخيمات، بالإضافة إلى قيود الاحتلال المتعلقة بإغلاق الطرق ومنع الطواقم من الدخول".

وبخصوص تخزين الأدوية والمطهرات، نفى أن يكون ذلك منوطًا بدور الدفاع المدني، "بل هو مهمة وزارة الصحة"، منبهًا إلى أن مسألة توفير أماكن اللجوء أيضًا "ليست من تخصصه، "بل تتم عبر الهيئات المحلية، خاصة أن المواطنين توجهوا بشكل مباشر للهيئات المحلية التي بدورها قامت بتوفير أماكن لهم".

وغياب المعدات والمواد اللازمة يعيدنا إلى تقرير تقصي الحقائق حول وفاة شقيقين من عائلة الديك عام ٢٠٢٠م، الذي أعدته الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وتوصلت من خلاله إلى نتيجة وجود "ضعف شديد في إمكانات الدفاع المدني، تتمثل بالتواصل والأدوات وبروتوكولات التعامل والجاهزية من حيث الزي والاستجابة الفورية داخل الجهاز".

وفي قصة ليست بعيدة تتعلق بحادثة حريق مصنع الرويال الذي استغرق إطفاؤه ٣ أيام، أكد أحد الشهود وكان ضمن طواقم الإنقاذ -وفضل عدم الكشف عن اسمه-  أن استجابة الدفاع المدني لم تكن بالسرعة القصوى، كما أن معداته كانت غير كافية، وأن من ساهم بإطفاء الحريق كانت إطفائيات المصانع الأخرى.

وقال: "التعاطي مع هذا الحدث لم يكن بالشكل المطلوب، ناهيكم عن ضعف التنسيق بين الجهات المختصة العاملة بالميدان".

وأضاف: "الدفاع المدني لم يلتزم بالبروتوكولات المعمول بها والمتعلقة بتدخله هو أو الجهات الأمنية، وتأمين المكان تمهيدًا لدخول الطواقم الطبية، وهو ما لم يحدث في حادثة حريق الرويال، حيث أُجبرت الطواقم الطبية للدخول قبل تأمين المكان، الذي كانت تنبعث منه غازات جراء حريق مواد بلاستيكية، وكان الموقع لا يزال محفوفًا بالمخاطر".

مشاكل في الميزانية

في محاولة لمعرفة ميزانية جهاز الدفاع المدني، نعود إلى الناطق باسم جهاز الدفاع المدني، الذي أكد أن الميزانية التشغيلية التي تضمن حركة المركبات والنفقات والصيانة كافية للجهاز، مستدركًا: "لكن إذا أردنا جلب مركبات جديدة وتجنيد أفراد جدد ومعدات جديدة، وصولًا بالجهاز إلى المعايير الدولية، فنحن بحاجة الى ميزانيات أكبر بكثير".

ويشير العزة إلى أن عدد مراكز الدفاع المدني في الوقت الحالي ٥٣ مركزًا. و"حسب خطتنا للعام ٢٠٢٧م، يجب أن يصل العدد إلى ٧٥ مركزًا. وبالتأكيد هذا بحاجة إلى عناصر مدربة ومراكز جديدة ومعدات جديدة وكل هذا بهدف تقليل مدة الاستجابة".

وبرغم أهمية زيادة موازنة الدفاع المدني، لضمان دورٍ مثالي، أو على الأقل يلتزم بالمعايير الدولية، إلا أن الحكومة الفلسطينية وضمن خطة الطوارئ للعام ٢٠٢٤م، ومن أجل تقديم الإغاثة الطارئة والعون الإنساني بكافة أشكاله، بما يشمل تأمين الغذاء والدواء والإيواء وخدمات المياه والطاقة في كلا المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) ومحافظات شمالي الضفة الغربية، لم تُشر بشكل أو بآخر لزيادة موازنة الدفاع المدني أو تفعيل تدخلاته بحسب القانون الخاص به، حيث خصصت الحكومة 72% مـن ميزانية خطة الطوارئ لتدخلات إغاثية تشمل: مساعدات إنسانية طارئة، ومساعدات اجتماعيـة، وخلـق فرص عمل.

في مجمل تدخلات الحكومة ضمن خطة الطوارئ لم تأتِ على ذكر جهاز الدفاع المدني ودوره الإغاثي المُقر بالقانون أو رفع ميزانيته أو عدد أفراده والأدوات التي يحتاجها أو تعزيز الدور المنوط به!

وفي مجمل تدخلات الحكومة ضمن خطة الطوارئ لم تأتِ على ذكر جهاز الدفاع المدني ودوره الإغاثي المُقر بالقانون أو رفع ميزانيته أو عدد أفراده والأدوات التي يحتاجها أو تعزيز الدور المنوط به، أو التنسيق بينه وبين بقية المؤسسات الحكومية.

اعتماد مالي.. "على ورق"

وبالتدقيق في القانون الخاص بالدفاع المدني، تنص المادة (17) على أنه يخصص للمجالس البلدية والقروية بواسطة لجان الدفاع المدني، اعتماد مالي سنوي يمكّنها من القيام بنصيبها في تنفيذ تدابير الوقاية المفروضة عليها، ويحدد هذا الاعتماد سنويًا بقرار من الوزير (الداخلية)، على ضوء توصيات لجان الدفاع المدني.

وخلال متابعة مدى تطبيق هذه المادة وجدنا أنه على العكس من ذلك، فإن الهيئات المحلية هي من تنفق على سيارات الإطفاء التي كانت تخصص لغايات الطوارئ، وهو ما حدث مع بلدية حوارة، جنوبي نابلس، التي خصص لها الدفاع المدني مركبة بعد تعرضها المستمر لاعتداءات المستوطنين، حيث غطت البلدية تكاليف هذه المركبة وفقًا لما أكده رئيس البلدية آنذاك معين ضميدي، الذي أكد أيضًا أن المحاولات الرامية لإنشاء مركز طوارئ للدفاع المدني فشلت لعدم وجود إمكانات مادية لذلك.

وللوقوف على الحال في بقية الهيئات المحلية، تحدثنا مع الناطق باسم وزارة الحكم المحلي، صايل حنون، الذي أكد أن هذه المادة من القانون غير مطبقة، ولا اعتمادات مالية للبلديات بهذا الخصوص، "بل على العكس، فإن الهيئات المحلية هي من تنفق على خدمات الدفاع المدني في حال وُجدت ضمن نطاق الهيئة المحلية". 

اعتداءات عديدة ومراكز محدودة

وبحسب تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان لعام ٢٠٢٤م فإن الاحتلال ومستوطنيه نفذوا ما مجموعه ٣٧٣ عملية حرق كان أبرزها في محافظة نابلس (١٣٦ حريقًا) تلتها رام الله (٩١ حريقًا) ثم جنين (٣٢ حريقًا)، وتنوعت هذه الحرائق بين (١٠٩) حرائق في أراضٍ وحقول ومزارع للمواطنين، و٢٦٤ حريقًا في ممتلكات المواطنين من شقق سكنية ومبان ومركبات وغيرها.

وطالت اعتداءات المستوطنين بالحرائق تحديدًا قرى أخرى في الخليل مثل (ترقوميا، وسعير، وبيت أمر، وحارة الضبع، والطيبة، وصوريف) وقرى برام الله كـ (المغير، وسنجل، وبيتين، وبرقة، وترمسعيا، والجانية، ورنتيس، ونعلين) وفي سلفيت مثل (كفر الديك، والزاوية، وبروقين، وياسوف)، أما في جنين فطالت اعتداءات المستوطنين (سيلة الظهر والفندوقومية)، بالإضافة لقرى في بيت لحم ونابلس وغيرها.

تحدث نائل العزة عن نقل مركز الدفاع المدني في بورين إلى مدخل حوارة، وتزويد كل من خرب: التوانا، والكرمل جنوب الخليل، وبلدة دوما جنوب نابلس، وحجة في قلقيلية، بمركبات إطفاء مجرورة صغيرة.

وفي هذا السياق، تحدث نائل العزة عن نقل مركز الدفاع المدني في بورين إلى مدخل حوارة، وتزويد كل من خرب: التوانا، والكرمل جنوب الخليل، وبلدة دوما جنوب نابلس، وحجة في قلقيلية، بمركبات إطفاء مجرورة صغيرة.

وأضاف: "خطة الدفاع المدني لحماية المواطنين من خطر الاحتلال والمستوطنين -ضمن ١٥ خطرًا يواجههم في فلسطين- هي توفير الحماية للمواطن،  ولأفراد طواقم الدفاع المدني، وأنه لا يجب النظر إلى ما يفعله الدفاع المدني بشكل مباشر فحسب، وإنما إلى ما قام به من توعية جماهيرية لفرق المتطوعين في المناطق التي تتعرض لاعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، وتدريبهم على كيفية التعامل مع هذا الخطر".

واستدرك بقوله: "لكن هذا لا يعني حل المشكلة، بل التخفيف من حدتها وزيادة سرعة التدخل والاستجابة".

ومن ضمن التدريبات التي قام بها الدفاع المدني في بلدة إذنا جنوبي الخليل، بشباط/فبراير ٢٠٢٥م، يقول أحد الملتحقين المتطوعين، واسمه أيمن نوفل: "التدريب الذي خضعت له مفيد للغاية. لقد تدربنا على إخلاء المباني في حال الكوارث الطبيعية كالزلازل، والإسعافات الأولية، وتعرفنا على الأدوات التي يعتمد عليها رجل الدفاع المدني في تنفيذ المهام الموكلة إليه".

"جزءٌ كبيرٌ من التدريب كان نظريًا مع جزء محدد من التدريب العملي"، مشيرًا إلى أن الأدوات المتوفرة كانت "الحبل وحمالة المصابين"، وهي موجودة بالبلدية.

ويضيف: "جزءٌ كبيرٌ من التدريب كان نظريًا مع جزء محدد من التدريب العملي"، مشيرًا إلى أن الأدوات المتوفرة كانت "الحبل وحمالة المصابين"، وهي موجودة بالبلدية.

وبحسب موقع الدفاع المدني، هناك 151 فرقة تابعة للجهاز، في حين بلغ مجموع  المتطوعين فيه داخل المحافظات 3225 متطوعًا حتى نهاية عام 2020م، موزعة حسب الجدول الموضح:

والدفاع المدني الفلسطيني هو الجهاز المختص بخدمات الطوارئ العامل ضمن هيكلية وزارة الداخلية الفلسطينية "لحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم في زمن السلم أو الحرب، سواءً في الكوارث الطبيعية أو الصناعية".

تأسس الدفاع المدني الفلسطيني عام 1996م بقرار رئاسي، وأقرّ قانونه في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 1998 م بموجب القانون رقم 3 لعام 1998 م. وقد أقرت لوائحه التنفيذية عام 2001م من المجلس التشريعي، حيث تمت مصادقة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات آنذاك عليه.

وفي الوقت الذي تشكل هجمات وسياسات الاحتلال ومستوطنيه خطرًا متصاعدًا على الفلسطينيين وحياتهم ووجودهم في الضفة الغربية، ينشر اليوم موقع الدفاع المدني إرشادات تحت عنوان "كن مستعدًا"، تتحدث عن كيفية الوقاية والحماية من الأحوال الجوية، وتسرب الغاز، والزلازل، وبرغم أهمية التوعية بهذه الجوانب، إلا أنها في بقعةٍ ساخنةٍ من الأرض ترزح تحت نيران المحتل، يمكن أن تكون في ثاني خطوط الأولوية، بعد التوعية بكيفية التعامل مع القصف، وقنابل الغاز المسيل للدموع وغيرها من اعتداءات الجنود والمستوطنين في كافة أرجاء الوطن.

كاريكاتـــــير