غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
"لم نهاجر ونحن تحت الإبادة، ولن نهاجر الآن، هذه بلادنا التي لن نتركها"، بهذا الانفعال بدأت إيمان عامر (42 عامًا)، حديثها لـ"نوى"، عندما سألناها عن رأيها في مقترح الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بحجة إعادة إعماره.
تعيش إيمان حاليًا في خيمة بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ولم تتمكن من العودة إلى بيتها في مدينة غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بسبب الدمار الكبير الذي لحق به، ومع ذلك فهي تنظر لأي مقترح تهجير على أنه مؤامرة على القضية الفلسطينية.
تقول إيمان: "هو استمرار للانحياز الأمريكي للاحتلال، وتجاهل لاتفاقيات حقوق الإنسان، ومواصلة لصفقة القرن التي عرضها ترامب إبان فترة حكمه السابقة"، متابعةً بنبرةٍ قوية: "صحيح أن بعض الناس يمكن أن تدفعهم حالة الدمار في قطاع غزة إلى المغادرة، ولكن فكرة التهجير مرفوضة تمامًا فلسطينيًا، فمن يهاجر لن يتمكّن من العودة، نحن نعي ذلك جيدًا".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صرّح بأن على مصر والأردن استقبال فلسطينيين من قطاع غزة، بحجة أن القطاع مدمر، وبينما رفضت الدولتان المقترح، تحدث ترامب عن تهجير سكّان قطاع غزة إلى إندونيسيا ثم ألبانيا، لكنه عاد للمرة الثالثة ليكرر أن على مصر والأردن استقبال الفلسطينيين، في تجاهلٍ تام لرفض الفلسطينيين فكرة التهجير، ورفض هذه الدول المشاركة فيه.
عودة إلى إيمان التي تعيش كما غيرها حالةً من القلق على مستقبل أبنائها، الذين لم يتمكنوا من مواصلة مسيرتهم التعليمية بشكلٍ جيد بسبب الحرب. تعقّب: "أنا إنسانة طموحة وأبنائي كذلك، أخشى على مستقبلهم وأشعر أن خوف الأهالي على مستقبل أبنائهم يمكن أن يكون دافعًا للخروج، لكنني سأسعى بكل السبل لإيجاد البدائل التعليمية التي تجعلهم يتابعون دراستهم".
إلى شمالي قطاع غزة، حيث يتجوّل الشاب خليل عبد الحميد (32 عامًا) على أنقاض منزل عائلته في مخيم جباليا، بينما لم تتمكن عائلته من العودة، ومع ذلك هو أيضًا ضمن من يرفضون مقترح التهجير تحت أي مسمى وأي مبرر.
"رفضتُ النزوح إلى جنوبي القطاع منذ بداية الحرب، فهل سأقبل بالتهجير الآن؟"، يتساءل خليل باستنكار.
"رفضتُ النزوح إلى جنوبي القطاع منذ بداية الحرب، فهل سأقبل بالتهجير الآن؟"، يتساءل خليل باستنكار.
ويتابع: "ترامب يسعى لتوسيع دولة الاحتلال على حساب الفلسطينيين، لكنه لن ينجح، ولن ينجح بتهجير سكان القطاع لمناطق أخرى. أرفض تمامًا فكرة التهجير، ولن أكون أحد أسباب تطبيقها على الأرض".
ويضيف: "عشت طوال الحرب في المخيم، وكنت من أشد الرافضين للنزوح إلى الجنوب رغم كثافة القصف والقتل، وفضلت الموت في بيتي على الخروج منه.. هل تتوقعون أن أترك بلدي كلها وأهاجر الآن؟".
ويدعو خليل أقرانه الشباب إلى الوقوف ضد مقترح ترامب، الذي يهدف إلى جعل مدينة غزة فارغة من أهلها لإرضاء الاحتلال، مطالبًا المؤسسات الرسمية الفلسطينية بأن يهتموا بالشباب في كل المجالات، "ودعم صمودهم كي يكون لهم دور فعال في الدفاع عن القضية الفلسطينية".
نظمت عائلات وعشائر فلسطينية تظاهرة في مدينتي غزة ودير البلح، رفضًا لتصريحات الرئيس الأمريكي، ودعمًا للموقف المصري الرافض للتهجير.
وأسفرت جرائم الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء حربه على قطاع غزة، في السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023م، حتى وقف إطلاق النار يوم 19 يناير 2025م، عن استشهاد (48311) فلسطينيًا، ونزوح نحو مليون و800 ألف مواطن ومواطنة من سكّان القطاع، وتدمير أكثر من 300 ألف وحدة سكنية، بينها مدارس وجامعات ومستشفيات، ما جعل الحياة في قطاع غزة غير ممكنة.
يوم أمس (مطلع فبراير)، نظمت عائلات وعشائر فلسطينية تظاهرة في مدينتي غزة ودير البلح، رفضًا لتصريحات الرئيس الأمريكي، ودعمًا للموقف المصري الرافض للتهجير.
وأكدت العائلات في وقفتها تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه، وإصراره على البقاء مهما كان الدمار والواقع الذين سيعيشونه بعد انتهاء الإبادة.
وتزامنت التأكيدات الفلسطينية مع اجتماع وزاري سداسي عربي، احتضنته العاصمة المصرية القاهرة يوم أمس السبت، وشاركت فيه كل من الأردن والإمارات والسعودية وقطر ومصر، بالإضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن دولة فلسطين، وأمين عام جامعة الدول العربية.
القوى والفصائل الفلسطينية، أصدرت بيانات متفرقة رفضًا لمقترح التهجير الذي يقدمه ترامب، عادين ذلك تهديدًا للقضية الفلسطينية برمتها.
وشدد بيان صادر عن الاجتماعي الوزاري، على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي للتخطيط وتنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، خاصةً في ضوء ما أظهره الشعب الفلسطيني من صمود وتشبث كامل بالأرض، وبما يُسهم في تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين من سكان القطاع على أرضهم، ومعالجة مشكلات النزوح الداخلي، حتى الانتهاء من عملية إعادة الإعمار.
وكانت القوى والفصائل الفلسطينية أيضًا، أصدرت بيانات متفرقة رفضًا لمقترح التهجير الذي يقدمه ترامب، عادين ذلك تهديدًا للقضية الفلسطينية برمتها، "ما يتطلب عملًا موحدًا لمواجهة المخططات الرامية إلى إفراغ قطاع غزة من أهله".